قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ قال مقاتل: يعني لثمان عشرة سنة إلى أربعين سنة [["تفسير مقاتل" 64 أ، بلفظ: ولما بلغ موسى أشده، يعني: لثمان عشرة سنة، واستوى يعني: أربعين سنة.]]، واستوى وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. وهذا قول الكلبي [["تنوير المقباس" 324. وذكره عنه الثعلبي 8/ 142 أ، بلفظ: الأشد: ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين سنة.]].
وقال مجاهد: ولما بلغ أشده: ثلاثًا وثلاثين سنة، واستواؤه: أربعين سنة [[في نسخة: (ج): واستوى وهو ابن أربعين سنة. وخبر مجاهد أخرجه ابن جرير 20/ 42، وابن أبي حاتم 9/ 2951. ونسب الثعلبي 8/ 142 أ، هذا القول لسائر المفسرين بعد أن ذكر قول الكلبي.]].
وهو قول ابن عباس وقتادة [[أخرج عبد الرزاق 2/ 88، عن قتادة، روايتين؛ أربعون سنة، وأخرجها كذلك عن مجاهد، والثانية: ثلاث وثلاثون. وأخرج الرواية عن ابن عباس ابن أبي حاتم 9/ 2951، والثعلبي 8/ 142 ب.
قال أبو القاسم عبد الرحمن الزجاجي في هذه الآية: هو منتهى شبابه وكماله واستقراره، فلا يكون فيه زيادة قبل أن يأخذ في النقصان. "اشتقاق أسماء الله الحسنى" 334. ويشهد لتمام الأشد أربعين سنة قول الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ [الأحقاف: 15].]].
وقوله: ﴿آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ قال مجاهد: الفقه والعقل والعلم قبل النبوة [[أخرجه ابن جرير 20/ 42، وابن أبي حاتم 9/ 2952. وذكره الثعلبي 8/ 142 ب.]].
قال محمد بن إسحاق: آتاه الله علما وفقهًا في دينه، ودين آبائه، وعلمًا بما في دينه من شرائعه، وحدوده [[أخرجه ابن جرير 20/ 43، في موضعين، وابن أبي حاتم 9/ 2952، وأصل الكلام في النسخ الثلاث: وعلمًا في دينه من شرائعه. وأثبت الزيادة من المصدرين السابقين.]]، وكانت له من بني إسرائيل شيعة يسمعون منه، ويقتدون به، ويجتمعون إليه. وقال أبو إسحاق: فَعَلِم موسى -عليه السلام- وحكم [[وحكم، في نسخة (ج).]] قبل أن يُبعث [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 136.]]. والعالم الحكيم من استعمل علمه، ومن لم يعمل بعلمه فهو جاهل.
وقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ قال مقاتل: يقول: هكذا نجزي من أحسن، أي: من آمن بالله [[هكذا في "تفسير مقاتل" 64 أ. وفي نسخة (ج): أي: آمن باللهِ.]].
وقال الكلبي: ﴿نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ يقول: الموحدين [["تنوير المقباس" 324، بلفظ: المحسنين: النبيين بالفهم والنبوة، ويقال: الصالحين بالعلم والحكمة.]].
قال الزجاج: جعل الله إيتاء العلم والحكمة إياه مجازاة على الإحسان؛ لأنهما يؤديان إلى الجنة التي هي جزاء المحسنين [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 136.]]، وهذه الآية مفسرة في سورة يوسف [[عند قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [22]، قال الواحدي في تفسيرها: ﴿وَكَذَلِكَ﴾ أي: مثل ما وصفنا من تعليم يوسف ﴿نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ قال ابن عباس: يريد: نفعل بالموحدين. وقال أبو روق عن الضحاك: يعني الصابرين على النوائب، كما صبر يوسف.]].
{"ayah":"وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَٱسۡتَوَىٰۤ ءَاتَیۡنَـٰهُ حُكۡمࣰا وَعِلۡمࣰاۚ وَكَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُحۡسِنِینَ"}