ثم أثنى الله عليهم خيرًا فقال: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾ أجرًا بتمسكهم بدينهم حتى أدركوا محمدًا -ﷺ- فآمنوا به، وأجرًا بإيمانهم بالنبي -ﷺ-. قاله مقاتل [["تفسير مقاتل" 67 أ. أخرجه ابن جرير 20/ 90، عن مجاهد، وأخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2991، عن الضحاك. وكان الأولى بالواحدي رحمه الله تعالى أن يورد هنا حديث أبي هريرة المتفق عليه؛ أن النبي -ﷺ- قال: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين؛ الرجل تكون له الأمة فيعلمها فيحسن تعليمها ويؤدبها فيحسن أدبها ثم يعتقها فيتزوجها فله أجران، ومؤمن أهل الكتاب الذي كان مؤمنًا ثم آمن بالنبي -ﷺ- فله أجران، والعبد الذي يؤدي حق الله وينصح لسيده". أخرجه البخاري، كتاب: الجهاد، رقم: 3011، "فتح الباري" 6/ 145، ومسلم 1/ 134، كتاب الإيمان، رقم: 241. وقد أهمل الواحدي إيراده في كتابيه: "الوسيط" و"الوجيز".]]. وهو معنى قول ابن عباس: ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾ على دين عيسى، وآمنوا بمحمد -ﷺ- [[هذا على أن المراد بأهل الكتاب: النصارى، كما سبق أن سعيد بن جبير، جعل الآية في النصارى الذين قدموا من الحبشة فآمنوا. أخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2988.]]
وقال قتادة: ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾ على الكتاب الأول، والكتاب الثاني [[أخرجه ابن جرير 20/ 89، وابن أبي حاتم 9/ 2990.]]
قال مقاتل: فلما تبعوا النبي -ﷺ- شتمهم المشركون فصفحوا عنهم، وردوا معروفًا، فأنزل الله فيهم: ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ [["تفسير مقاتل" 67 أ.]] أي: يدفعون ما يسمعون من الأذى بالصفح والعفو [["مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 108، بمعناه.]].
وقال ابن عباس: يدفعون بشهادة أن لا إله إلا الله الشرك [["تنوير المقباس" 328، بلفظ: يدفعون بالكلام الحسن؛ بلا إله إلا الله الكلامَ القبيح؛ الشرك من غيرهم.]].
قال أبو إسحاقِ: يدفعون بما يعملون من الحسنات ما تقدم لهم من السيئات [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 149.]]. ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ من الأموال ﴿يُنْفِقُونَ﴾ في طاعة الله [["تفسير مقاتل" 67 أ.]].
قال ابن عباس: يتصدقون على أهل دينهم [[أخرج نحوه ابن جرير 20/ 90، عن قتادة، و"معاني القرآن" للزجاج 4/ 149، بلفظ: يتصدقون، ولم ينسبه.]].
{"ayah":"أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یُؤۡتَوۡنَ أَجۡرَهُم مَّرَّتَیۡنِ بِمَا صَبَرُوا۟ وَیَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّیِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ"}