﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ﴾ قال ابن عباس: من بعد إسماعيل ﴿وَيَعْقُوبَ﴾ من بعد إسحاق [[أخرجه ابن جرير 20/ 143.]] ﴿وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ وذلك أن الله -عز وجل- لم يبعث نبيًا من بعدِ إبراهيم إلا من صُلبه.
﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا﴾ قال: يريد أن أهل الأديان كلهم ينتحلون حُبه [[أي: يدعون حبه. "تهذيب اللغة" 5/ 65 (نحل).]]، ويتولونه. وهذا قول قتادة ومقاتل؛ قال قتادة: وليس من أهل دين إلا وهم يتولونه [[أخرجه عبد الرزاق 2/ 96، وابن جرير 20/ 144، وابن أبي حاتم 9/ 3052.]].
وقال مقاتل: يعني الثناء الحسن، والقالة الحسنة من أهل الأديان كلها [["تفسير مقاتل" 72 ب. وذكر نحوه الفراء، "معاني القرآن" 2/ 316.]].
وقال الكلبي: هو ما أُعطي من الولد الطيب، والثناء الحسن [["تنوير المقباس" 334. وأخرجه ابن جرير 20/ 144، عن ابن عباس. وذكره ابن قتيبة، "غريب القرآن" 338، ولم ينسبه.]].
وقال السدي: أُري مكانَه في الجنة [[ذكره عن السدي، ابن الجوزي "زاد المسير" 6/ 268.]].
وقال الحسن: أجرُه في الدنيا: نيته الصالحة التي اكتسب بها الأجر في الآخرة [[أخرجه ابن أبي حاتم 9/ 3053.]]. وعلى هذا يكون التقدير: وآتيناه سبب أجره.
قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ هذه الآية كالآية في آخر (سورة النحل)، في ذكر إبراهيم: ﴿وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122)﴾ [[قال مقاتل عند هذه الآية: نظيرها في النحل. "تفسير مقاتل" 72 ب.]]. قال ابن عباس: يريد: مِثلَ: آدم ونوح [[أخرجه ابن أبي حاتم 9/ 3053، عنه بلفظ: الصالحين: الأنبياء والمؤمنين.]]. يعني: أنه في درجتهما؛ لأن الله تعالى استخرج [[هكذا في نسخة: (أ)، و: (ب). ولو زيدت: منه، لكان أوضح، فيكون الكلام لأن الله تعالى استخرج منه الذرية الطيبة.]] الذرية الطيبة كما استخرج منهما.
قال صاحب النظم: لما قال: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا﴾ لم يُؤمَن أن يقال: إنه قد أخذ أجره في الدنيا، ولا خلاق له في الآخرة فأعلم -عز وجل- أن له مع ما أُعطي في الدنيا الدرجاتِ العلى بقوله: ﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ اقتصاصًا من قوله: ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75)﴾ [طه: 75].
{"ayah":"وَوَهَبۡنَا لَهُۥۤ إِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَ وَجَعَلۡنَا فِی ذُرِّیَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَـٰبَ وَءَاتَیۡنَـٰهُ أَجۡرَهُۥ فِی ٱلدُّنۡیَاۖ وَإِنَّهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ"}