الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ قال الكلبي: يقول: جعل لكم مِنْ خلقكم آدميًا مثلكم، ولم يجعله من الجن ولا من غيره [["تنوير المقباس" ص 340، وذكره الثعلبي 8/ 167 ب، ولم ينسبه.]]. وقال غيره: يعني خَلْق حواء من ضِلَع من أضلاع آدم. حكاه الزجاج، وهو قول قتادة [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 182، ولم ينسبه. وأخرجه ابن جرير 21/ 31، عن قتادة. وكون حواء عليها السلام خلقت من ضلع من أضلاع آدم -عليه السلام-، مروي عن جمع من المفسرين، تفسير ابن جرير 7/ 515، تح: محمود شاكر، وابن أبي حاتم 3/ 852، وهي آثار موقوفة، ليس فيها شيء مرفوع للنبي -ﷺ-، وقد صرح ابن == إسحاق بأخذ هذه الأخبار عن أهل الكتاب، فقال: "أُلقي على آدم -عليه السلام- السِنة، فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم .. ". أخرجه ابن جرير 7/ 516. وأما كون المرأة خلقت من ضِلَع فهذا ثابت في الصحيحين، من حديث أبي هريرة؛ ولفظه: استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا. البخاري، كتاب: النكاح، رقم (5185)، "فتح الباري" 9/ 252، ومسلم 2/ 1090، كتاب: الرضاع، رقم (1468)، وزاد: (وكسرها طلاقها). قال ابن حجر في شرحه لهذا الحديث: قوله: (فإنهن خلقن من ضلع) كأن فيه إشارة إلى ما أخرجه ابن إسحاق في المبتدأ، عن ابن عباس، أن حواء خلقت من ضلع آدم الأقصر الأيسر وهو نائم. "فتح الباري" 9/ 253.]]. وذكر غيره أن معنى ﴿خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾: أنه خلق النساء من نطف الرجال [[لعله يعني مقاتل؛ حيث قال: ﴿أَنْفُسِكُمْ﴾ يعني: بعضكم من بعض. "تفسير مقاتل" 78 أ. وذكره الثعلبي 8/ 167 ب، ولم ينسبه. وذكر نحوه الماوردي عن علي بن عيسى. "النكت والعيون" 6/ 305. والذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن لا تعارض بين هذه الأقوال، فالقول الأول يدل على أن الزوج من جنس الآدمي، وهو بهذا يتفق مع القولين بعده، وأفاد القول الثاني أن أجل خلق الأنثى زوج الذكر من ضلع -على ما سبق بيانه- وأفاد القول الثالث التكاثر والتناسل عن طريق النطف. والله تعالى أعلم.]]. قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ جعل بين الزوج والمرأة المودة والرحمة، فهما يتوادان ويتراحمان، وما شيء أحبَّ إلى أحدهما من الآخر من غير رحم بينهما. وهذا معنى قول مقاتل والمفسرين [["تفسِير مقاتل" 78 أ. وتفسير ابن جرير 21/ 31.]]. وروى عطاء عن ابن عباس في قوله: ﴿مَوَدَّةً﴾ يعني: الجماع ﴿وَرَحْمَةً﴾ يعني: الولد. وهو قول الحسن [[ذكره السيوطي، عن الحسن، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم. "الدر" 6/ 490.]]. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ الذي ذكر من صُنعه ﴿لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ في عظمة الله وقدرته.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب