قوله تعالى: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ﴾ قال مجاهد: بنياناً دون القصور [["تفسيرمجاهد" ص 524.]].
وقال قتادة: قصور ومساجد [[انظر: "الماوردي" 4/ 438، "مجمع البيان" 8/ 598، "زاد المسير" 6/ 439.]].
وقال الضحاك ومقاتل: يعني المساجد [[انظر: "تفسير مقاتل" 98 أ، "الطبري" 22/ 70.]].
وقال ابن زيد: هي المساكن [[انظر: "تفسير الماوردي" 4/ 438، "المحرر الوجيز" 4/ 409.]]
وقال أبو عبيدة: المحراب سيد البيوت [[انظر: "تفسير الماوردي" 4/ 438، "تفسير القرطبي" 14/ 271.]].
وقال أبو إسحاق: أشرف موضع في الدار وفي البيت يقال له: محراب [[انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 4/ 246.]].
وقال المبرد: أطبقوا على أنها لا تكون إلا أن يرتقى إليها بدرج [[لم أقف على قول المبرد.]]، ومن ذلك قوله: ﴿إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ﴾ [ص: 21]. وذكرنا تفسير المحراب في سورة آل عمران [[عند الآية 37.]].
قوله تعالى: ﴿وَتَمَاثِيلَ﴾ قال المبرد: جمع تمثال، وهو كل شيء مثلته بشيء [[لم أقف على هذا القول منسوبًا للمبرد، وانظر: "تهذيب اللغة" 98/ 15 (مثل)، "اللسان" 11/ 614 (مثل).]]. وقال الأزهري: (التمثال اسم للشيء المصنوع مشبهًا بخلق من خلق الله، وأصله من: مثلت الشيء بالشيء إذا قدرته على قدره، ويكون تمثيل الشيء بالشيء تشبيهًا، واسم ذلك الممثل تمثال) [["تهذيب اللغة" 15/ 98 (مثل).]].
قال المفسرون: هي صورة من نحاس وزجاج ورخام كانت الجن تعلمها، قالوا: وهي سورة الأنبياء والملائكة، كانت تصور في المساجد ليراها الناس فيزدادوا عبادة، هذا يدل على أن التصوير كان مباحًا في ذلك الزمان [[انظر: "تفسير الماوردي" 4/ 438، "بحر العلوم" 3/ 68، "تفسير هود بن محكم" 3/ 391، "القرطبي" 14/ 272، "مجمع البيان" 8/ 600.]].
قوله تعالى: ﴿وَجِفَانٍ﴾ جمع جفنة، وهي [[في (أ): (وهو).]] القصعة الكبيرة، والعدد الجفنات [[انظر: "تهذيب اللغة" 11/ 112، "اللسان" 13/ 89 (جفن).]] كالجوابي جمع الجابية، وهي الحوض الكبير يجبي الماء أي: يجمعه. قال الأعشى:
نفى الذم عن رهط المحلق جفنة ... كجابية الشيخ العراقي تفهق [[البيت من الطويل، وهو للأعشى في "ديوانه" ص 225، وانظر: منسوبًا إليه في: "معاني القرآن وإعرابه" 4/ 246، "الدر المصون" 5/ 435، "مجمع البيان" 8/ 596، "تفسير القرطبي" 14/ 2754 والمعنى هنا يقول: صان آل المحلق أعراضهم بالجود، ونفى عنهم الذم جفنة ضخمة تقدم للضيفان كأنها حوض الماء يمده نهر العراق. انظر: "الديوان" ص 225.]]
قال المفسرون: يعني قصاعًا في العظم كحياض، الإبل يجلس على القصعة الواحدة ألف رجل يأكلون منها [[انظر: "بحر العلوم" 3/ 68، "مجمع البيان" 8/ 600، "تفسير القرطبي" 14/ 275، "زاد المسير" 6/ 445.]]. والقراء يختلفون في إثبات الياء في الجوابي؛ فقرأ ابن كثير بالياء فيها وصلا [[في (ب): تقديم وتأخير (وقفًا ووصلا).]] ووقفًا، وهو الأصل والقياس؛ لأن هذه الياء تثبت مع الألف واللام، ووقف أبو عمرو بغير ياء؛ لأنه شبهها بالفاصلة والوقف) [["الحجة" 6/ 10 "الحجة في القراءات السبع" ص 293، "البحر المحيط" 8/ 528.]]. قال أبو إسحاق: لأن الكسر ينوب عنها.
قوله تعالى: ﴿وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ﴾ قال المفسرون: قدور عظام، لها قوائم لا يحركن عن أماكنها ولا يحركن لعظمها، ثوابت على أثافيها، تنحت من الجبال وكانت بأرض اليمن، وكان ملك سليمان ما بين كابل ومصر [[انظر: "بحر العلوم" 3/ 68، "مجمع البيان" 8/ 600، "القرطبي" 14/ 276، "زاد المسير" 440/ 6.]].
ثم قال: قوله تعالى ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ لما أعطيتكم من الفضل والخير [[في (ب): (من الخير والفضل).]] أي: وقلنا اعملوا بطاعة الله يا آل داود شكرًا له على ما آتاكم. قال أبو إسحاق: (شكرًا ينتصب على وجهين: أحدهما: اعملوا للشكر، أي: اشكروا الله على ما آتاكم. والثاني: ينتصب على المصدر، كأنه قيل: اشكروا شكرًا) [[انظر: "معانى القرآن وإعرابه" 4/ 246.]]؛ لأنه معنى اعملوا آل داود شكرًا.
قال مجاهد: لما نزلت ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ قال داود لسليمان: إن الله قد ذكر الشكر، فاكفني قيام النهار أكفك قيام الليل، قال: لا أستطيع. قال: فاكفني إلى صلاة الظهر فكفاه [[انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" 10/ 3163، "معاني القرآن" للنحاس 5/ 401، "روح المعاني" 22/ 120 وأورده السيوطي في "الدر" 6/ 380، وعزاه للفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد.]].
{"ayah":"یَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا یَشَاۤءُ مِن مَّحَـٰرِیبَ وَتَمَـٰثِیلَ وَجِفَانࣲ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورࣲ رَّاسِیَـٰتٍۚ ٱعۡمَلُوۤا۟ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرࣰاۚ وَقَلِیلࣱ مِّنۡ عِبَادِیَ ٱلشَّكُورُ"}