الباحث القرآني

قوله: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ﴾ وقرئ: صَدَقً، بالتشديد والتخفيف. قال أبو إسحاق: صدقه في ظنه أنه ظن بهم أنه إذا أغواهم اتبعوه فوجدهم كذلك، فمن شدد نصب الظن؛ لأنه مفعول به، ومن خفف نصب الظن، على معنى صدق ظنا ظنه، وصدق في ظنه [[انظر: "معاني القرآن وإعربه" 4/ 251.]] هذا كلامه. وشرحه أبو علي فقال: معنى التخفيف أنه صدق ظنه، أي الذي ظن بهم من متابعتهم إياه إذا أغواهم، وذلك نحو قوله: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الأعراف: 16] و ﴿لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الحجر: 39] وهذا ظنه؛ ذلك عن يقين؛ لأنه لم يقل بظنه [[هكذا في النسخ! ولعل الصواب: فظنه، كما في "الحجة" 6/ 21.]] على هذا ينتصب انتصاب المفعول به، ويجوز تعديته إلى المفعول به كما قال: فإن تك ظني صادقي فهو صادقي [[شطر بيت من الطويل، لم أقف على قائله، وقد ورد في "إملاء ما من به الرحمن" 2/ 197، وكذا في "الدر المصون" 5/ 442. وجاء البيت بتمامه في "مجمع البيان" 8/ 607 برواية: إن يك ظني صادقًا وهو صادقي ... بشملة يحبسهم بها محبسا وعرا ونسبه محققه إلى مكبرة بنت بردام شملة، تقول: إن يك ظني بشملة صادقًا يحبسهم، أقي القوم الذين قتلوا أباه بتلك المعركة محبسا صعبا يدركه فيه ثأر أبيه]] ويجوز أن ينتصب انتصاب الظرف، على تقدير: صدق عليهم الظن، على أنه مفعول به وعدي صدق إليه كما قال: فإنْ لم أصدَّق ظنكَ بتيقنٍ ... فلا سقتِ الأوصالَ منِّي الرواعدُ [[بيت من الطويل ولم أقف على قائله.]]. واختلف المفسرون في هذه الآية؛ فمذهب ابن عباس في رواية عطاء أزال كناية في قوله: ﴿صَدَّقَ عَلَيْهِمْ﴾ عن أهل سبأ [[انظر: "تفسير الطبري" 22/ 87، "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص 430.]]. وقال في قوله: ﴿فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾: يريد قليلاً من الذين صدقوا الأنبياء وآمنوا بالله. وعلى هذا الاستثناء من سبأ، وهم من آمن منهم. ومذهب مجاهد [[انظر: "مجمع البيان" 8/ 608، "تفسير القرطبي" 14/ 292.]] أن الكناية عن الناس كلهم، قال: صدق ظنه على الناس كلهم إلا من أطاع الله. وهو ظاهر مذهب المفسرين. قال مقاتل: يعني عباده المخلصين لم يتبعوهم في الشرك [[انظر: "تفسير مقاتل" 99 أ.]]، وهم الذين قال الله: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الحجر: 42]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب