قوله: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾ قال ابن عباس ومقاتل: يعني آدم [[انظر: "تفسير مقاتل" 102 ب، ولم أقف عليه منسوبًا لابن عباس، وبعض المفسرين ذكر القول منسوبًا لقتادة انظر: "تفسير الطبري" 22/ 122، "تفسير القرطبي" 14/ 332.]]. ﴿ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ﴾ يعني: نسله. ﴿ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا﴾ قال السدي ومقاتل: ذكرانًا وإناثًا [[لم أقف عليه عن مقاتل، وقد أورده د/ محمد عطا في "تفسير السدي الكبير" ص 3993 وعزاه للسيوطي في "الدر"، ولم أقف عليه عند السيوطي.]]. ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ﴾ قال مقاتل: يقول: من قل عمره أو كثر عمره، فهو يعمر إلى أجله الذي كتب له [[انظر: "تفسير مقاتل" 152 ب]]. فالمعمر على هذا الذي قدر له شئ من العمر وإن قل، وليس المعمر بمعنى الطويل العمر، وهو قول المفسرين [[انظر: "تفسير الطبري" 22/ 122، "الماوردي" 4/ 465، "البغوي" 3/ 567.]].
﴿وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ﴾ كل يوم حتى ينتهي إلى أجله. قال سعيد بن جبير: يكتب في أول الصحيفة عمره، ثم يكتب في أسفل من ذلك: ذهب يوم، ذهب يومان، حتى لا يبقى شيء [[انظر: "تفسير الثعلبي" 3/ 225 ب، "تفسير الماوردي" 4/ 465. وأورده السيوطي في "الدر" 7/ 11 وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير.]].
قال السدي [[انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" 10/ 3175، وأورده الطبري 22/ 123 عن ابن مالك.]]: يعمر الإنسان الستين والسبعين وينقص ما مضى من أيامه وذلك نقصان من عمره، وذلك كله ﴿كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ هذا الذي ذكرنا قول الجمهور.
وقال ابن عباس في رواية عطاء: ما يزاد في عمر إنسان ولا ينقص من عمره [[انظر: "تفسير الطبري" 22/ 122، "زاد المسير" 6/ 481.]].
وعلى هذا المعمر: الطويل العمر، والذي ينقص من عمره غيره. وعلى القول الأول الذي ينقص من عمره هو المعمر الأول. واختار الفراء هذا القول الثاني فقال: (ولا ينقص من عمره، يريد [أخبر] [[هكذا في (أ)، وهي ساقطة في (ب)، وهو خطأ، والصواب: آخر، كما في "معاني القرآن" للفراء 2/ 368.]] غير الأول، وكنى عنه بالهاء كأنه الأول، ومثله في الكلام: عندي درهم ونصفه، المعنى نصف آخر، وجاز أن يكنى عنه بالهاء؛ لأن اللفظ الثاني قد يظهر واللفظ الأول يكنى عنه كالكناية عن الأول، قال: وهذا أشبه بالصواب) [[انظر: "معاني القرآن" 2/ 368.]]. وإنما اختار هذا؛ لأن القراءة المشهورة (ولا يَنقُص مِنْ عُمرِهِ) بفتح الياء كما قراه الحسن وابن سيرين [[انظر: المصدر السابق، "النشر" 2/ 352.]]، ولأن المعمر في ظاهر اللغة الطويل العمر، وقيل ما يقال لمن قصر عمره: معمر.
قوله: ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾ قال ابن عباس ومقاتل: يريد اللوح المحفوظ [مكتوب] [[ما بين المعقوفين مكرر في (أ).]] قبل أن يخلق [[انظر: "تفسير مقاتل" 102 ب، "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص 365.]]. ﴿إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ أي كتابة الآجال والأعمال على الله هين.
{"ayah":"وَٱللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابࣲ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةࣲ ثُمَّ جَعَلَكُمۡ أَزۡوَ ٰجࣰاۚ وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَمَا یُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرࣲ وَلَا یُنقَصُ مِنۡ عُمُرِهِۦۤ إِلَّا فِی كِتَـٰبٍۚ إِنَّ ذَ ٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ یَسِیرࣱ"}