وقوله: ﴿إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ﴾ أي: إلا أن يرحمهم [[في (ب): (نرحمهم).]] ويمنعهم إلى آجالهم. قال ابن عباس: وذلك أن الكافر متعه الله في الدنيا ورزقه فيها وجعلها جنته، فإذا ركب السفينة سلمه الله ورزقه حتى يموت [[أورده المؤلف في "الوسيط" 3/ 515، ولم أقف عليه عند غيره.]]. وكل نبي إذا كذبه قومه عجل لهم العذاب، إلا محمدًا -ﷺ- فإنه أخر العذاب عمن كذبه إلى الموت وإلى القيامة، وهو معنى قوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].
قال أبو إسحاق: (رحمة منصوب مفعول لها المعنى: لا ينقذون إلا لرحمة منا ولمتاع إلى حين) [["معاني القرآن وإعرابه" 4/ 289.]]. وهذا ليس بالظاهر القوي.
قال أبو عبيدة: ﴿وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً﴾ مجازها مجاز المصدر الذي فعله بغير لفظه، وأنشد قول رؤبة:
إن نزارًا أصبحت نزارا ... دعوةَ أبرارٍ دعوا أبرارًا [[البيت من الرجز، لرؤبة في "الكتاب" 1/ 382، "مجاز القرآن" 2/ 162، وبلا نسبة في: "شرح المفصل" 1/ 177، "المخصص" 15/ 137. ومعنى البيت: أن ربيعة ومضر ابني نزار كانت بينهما حرب وتقاطع، فلما اصطلحوا انتموا كلهم إلى أبيهم نزار وجعلوه شعارهم، فجعل دعوتهم برَّة بذلك.]] " [["مجاز القرآن" 2/ 162.]]
يعني: دعوا دعوة أبرار، كذلك المعنى في الآية: إلا أن يرحمهم رحمة، والمتاع هاهنا اسم أقيم مقام المصدر كالأداء والسراج.
{"ayah":"إِلَّا رَحۡمَةࣰ مِّنَّا وَمَتَـٰعًا إِلَىٰ حِینࣲ"}