قوله: ﴿كَالْمُهْلِ﴾ سبق تفسيره في سورة الكهف [آية: 29]، وقد شَبَّه الله تعالى هذا الطعام بالمهل وهو: دردي الزيت وعكر القطران على ما ذكره المفسرون [[انظر: "تفسير الطبري" 9/ 240، و"تفسير الماوردي" 3/ 303، و"تفسير البغوي" 7/ 236.]] كما سبق بيانه [الكهف: 29]، وتم الكلام هاهنا ثم أخبر عن غليانه في بطون الكفار فقال [[انظر: "القطع والائتناف" للنحاس ص 656.]]: ﴿يَغْلِي فِي الْبُطُونِ﴾ وقرئ: (يغلي) بالياء فمن قرأ بالتاء فلتأنيث الشجرة، ومن قرأ بالياء حَمَلَه على الطعام في قوله: ﴿طَعَامُ الْأَثِيمِ﴾ لأن الطعام هو الشجرة في المعنى، ألا ترى أنه خبرُ الشجرة، والخبر في المعنى إذا كان مفردًا هو المبتدأ، واختيار أبي عبيد الياء قال: لأن الاسم المذكر يعني: المهل هو الذي يلي الفعل، فصار أَوْلى به للتذكير وللقرب وكذلك في قوله: ﴿أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى﴾ [آل عمران: 154] و ﴿صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ﴾ [الأنبياء: 80] و ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى﴾ [القيامة: 37] يختار الياء في هذه الآيات [[أورد النحاس اختيار أبي عبيد في "إعراب القرآن" ولم يؤيده بل رده كما رده وضعفه أبو علي الفارسي، انظر: "إعراب القرآن" للنحاس 4/ 134.]].
قال أبو علي: لا يجوزُ أن يحمل الغلي على المهل؛ لأن المهل لا يغلي في البطون إنما يغلي ما شبه به [[انظر: "الحجة" لأبي علي 6/ 166، و"المسائل العضديات" ص 116.]]، وأما سائر الآيات التي ذكرها فالياء والتاء فيها سواء لأن كل واحد مما فيها هو الآخر، فالنطفة والمني سواء.
{"ayah":"كَٱلۡمُهۡلِ یَغۡلِی فِی ٱلۡبُطُونِ"}