الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء: يعني من كفر من اليهود للذين آمنوا، يعني ابن سلام وأصحابه، وهذا قول السدي وقال في رواية الكلبي [[ذكر ذلك الثعلبي في تفسيره 10/ 109 ب، والبغوي في تفسيره 7/ 256، وابن الجوزي في "زاد المسير" 7/ 375، والقرطبي في "الجامع" 16/ 190.]] الذين كفروا أسد [[هو: بنو أسد بن خزيمة: قبيلة عظيمة من العدنانية تنتسب إلى أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار، وهي ذات بطون كثيرة منازلهم كانت بلادهم فيما يلي الكرخ من أرض نجد وفي مجاورة طي. انظر: "نهاية الأرب" للقلقشندي ص 47، و"معجم قبائل العرب" لكحالة 1/ 21.]] وغطفان [[هم: بنو غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر بطن عظيم متسع كثير الشعوب والأفخاد وقد حاربهم رسول الله -ﷺ- في غزوة الخندق وهي الأحزاب. انظر: "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم ص 248، و"معجم قبائل العرب" 3/ 888.]] لما أسلم جهينة [[هم: بنو جهينة بن زيد بن ليث بن سويد بن أسلم حي عظيم من قضاعة من القحطانية كانت مساكنهم ما بين الينبع ويثرب قاتلوا مع خالد بن الوليد في فتح مكة وقاتلوا في غزوة حنين. انظر: "جمهرة أنساب العرب" ص 444، و"معجم قبائل العرب" 1/ 216.]] ومزينة [[هم: بنو عمرو بن أد عثمان وأوس، وأمهما مزينة بنت كلب بن وبرة، فنسب ولدها إليها، كانت مساكن مزينة بين المدينة ووادي القرى. انظر: "جمهرة أنساب العرب" ص 201، و"معجم قبائل العرب" 3/ 1083.]] قالوا: لو كان ما جاء به محمد خيرًا ما سبقنا إليه رعاء البهم؛ يعنون جهينة ومزينة وأسلم وغِفَارًا [[ذكر ذلك الثعلبي في "تفسيره" 10/ 109 ب، والماوردي في "تفسيره" 5/ 274، وانظر: "تنوير المقباس" ص 503.]]. وقال مقاتل: الذين كفروا قريش، والذين آمنوا أصحاب محمد -ﷺ- [[انظر: "تفسير مقاتل" 4/ 19.]]. وقال الحسن: كانت غفار وأسلم أهل سلة في الجاهلية، أي سرقة، فلما أسلموا قالت قريش: لو كان خيرًا ما سبقونا إليه [[لم أقف عليه.]]. وذكر صاحب النظم في اللام في قوله: ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ وجهين: أحدهما أن تكون اللام بمنزلة الإيماء إليهم، كأنه يقول: وقال الذين كفروا لو كان هذا الذي جاء به محمد خيرًا لما سبقنا هؤلاء إليه، فقام قوله: (للذين آمنوا) مقام هؤلاء بالتفسير لهم مَن هم، والوجه الآخر: أن يكون المعنى: وقال الذين كفروا للذين آمنوا على المخاطبة كما تقول: قال زيد لعمرو، ثم ترك المخاطبة [[ذكر السمين الحلبي في "الدر المصون" أن اللام يجوز أن تكون لام العلة أي لأجلهم، وأن تكون للتبليغ. انظر: "الدر المصون" 6/ 137.]] ولون الكلام كقوله: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ [يونس: 22] قوله: ﴿وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ﴾ أي: ولما لم يصيبوا الهداية بالقرآن فسينسبونه إلى الكذب وهو قوله: ﴿فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ﴾ أي: أساطير الأولين. ويدل على أن المراد بقوله: (الذين كفروا) اليهود قوله: ﴿وَمِنْ قَبْلِهِ﴾ يعني قبل: القرآن ﴿كِتَابُ مُوسَى﴾ يريد التوراة ﴿إِمَامًا﴾ يقتدى به ﴿وَرَحْمَةً﴾ من الله عز وجل للناظر فيه بما يجد من نور الهدى، وفي الكلام محذوف به يتم المعنى على تقدير: فلم يهتدوا به، ودل على هذا المحذوف قوله في الآية الأولى: ﴿وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ﴾ [[ذكر ذلك البغوي في تفسيره / 256، وابن الجوزي في "زاد المسير" 7/ 376، والقرطبي في "الجامع" 16/ 191، والمؤلف في "تفسير الوسيط" 4/ 105.]]، وذلك أن في التوراة بيان بعث النبي -ﷺ- والإيمان به فتركوا ذلك، وهذا معنى قول مقاتل؛ لأنه قال: ومن قبل هذا القرآن قد كذبوا بالتوراة لقولهم [[انظر: "تفسير مقاتل" 4/ 19.]] ﴿إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ﴾ [القصص: 48]. قال أبو إسحاق: (إمامًا) منصوب على الحال ورحمةً عطف عليه [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 4/ 440.]]، وتقدير الكلام: وتقدمه كتاب موسى إماماً؛ لأن معنى (ومن قبله) تقدمه وتم الكلام [[انظر: "القطع والائتناف" للنحاس ص 661، و"المكتفى" للداني ص 521.]]، ثم قال: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ﴾ قال المفسرون: للكتب التي قبله [[انظر: "تفسير البغوي" 7/ 256، و"الجامع لأحكام القرآن" 16/ 191.]]. قال أبو إسحاق: مصدق لما بين يديه، كما قال: ﴿كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [الأحقاف: 30] وحذف هاهنا التقدم [[الذي في "معاني القرآن" للزجاج: (وحذف له هاهنا أعني من قوله: "وهذا كتاب مصدق" لأن قبله ومن قبله كتاب موسى، فالمعنى وهذا كتاب مصدق له، أي مصدق التوراة) 4/ 441.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب