ثم وصف الريح فقال: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾ قال مقاتل: تهلك كل شيء من الناس والدواب والأموال [[انظر: "تفسير مقاتل" 4/ 25.]].
وقال ابن عباس: يريد كل شيء بعثت إليه [[انظر: "الجامع لأحكام القرآن" 16/ 206.]].
﴿بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ بإذن ربها ﴿فَأَصْبَحُوا﴾ يعني: عادًا ﴿لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾ قرأه عاصم وحمزة: ﴿يُرَى﴾ بالياء مضمومة ﴿مَسَاكِنُهُمْ﴾ بالرفع، قال أبو إسحاق: تأويله لا يرى شيئًا إلا مساكنهم؛ لأنهم قد هلكوا [[انظر: "معاني الزجاج" 4/ 446.]].
قال أبو علي: تذكير الفعل في هذه القراءة أحسن من لحاق علامة التأنيث، من أجل جمع المساكن، وذلك أنهم حملوا الكلام في هذا الباب على المعنى، فقالوا: ما قام إلا هند، ولم يقولوا: ما قامت، لما كان المعنى: ما قام أحد، حملوه على هذا، وإن كان المؤنث يرتفع بهذا الفعل والتأنيث فيه لم يجيء إلا في شذوذ وضرورة [[انظر: "الحجة للقراء السبعة" لأبي علي 6/ 186.]]، كقوله:
فما بَقِيتْ إلا الضُّلُوعُ الجَرَاشِعُ [[هذا عجز بيت لذي الرمة وصدره قوله:
بَرَى النَّحْزُ والأجْرَازُ ما في غُرُوضِها
انظر: "ديوانه" ص 341، و"المحتسب" 2/ 207، و"الحجة" 6/ 186، و"الدر المصون" 6/ 142.]]
وقرأ الباقون: (لا تَرى) بفتح التاء (إلا مساكنَهم) بالنصب على معنى: لا ترى أيها المخاطب، والمساكن مفعول بها، و (ترى) في القراءتين جميعًا من رؤية العين، المعنى: لا تشاهد شيئًا إلا مساكنهم، كأنها قد زالت عما كانت عليه من كثرة الناس بها وما يتبعهم مما يقتنونه [[انظر: "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي 2/ 274، و"إعراب القرآن" للنحاس 4/ 170.]].
{"ayah":"تُدَمِّرُ كُلَّ شَیۡءِۭ بِأَمۡرِ رَبِّهَا فَأَصۡبَحُوا۟ لَا یُرَىٰۤ إِلَّا مَسَـٰكِنُهُمۡۚ كَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡمُجۡرِمِینَ"}