قوله: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ وذلك أن كفار مكة قالوا: ما هذا القرآن إلا شيء ابتدعته من تلقاء نفسك فقال الله: ﴿قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾.
قال مقاتل: لا تقدروا لحى أن تردوا عني عذابه [[انظر: "تفسير مقاتل" 4/ 16.]]، وهذا كقوله: ﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ [الفتح: 11] ومثله في التنزيل كثير.
وقال ابن عباس: لا تمنعونني من الله [[لم أقف عليه]] والمعنى: أنكم لا تقدرون أن تدفعوا عني عقاب الله، فكيف أفتري على الله لأجلكم وأنا أعلم هذا، وفيه تبعيد لقولهم افتريته، ﴿هُوَ﴾ أي: الله ﴿أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ أي: بما تقولون في القرآن وتخوضون فيه من التكذيب به، والقول فيه أنه سحر وكهانة، قاله المفسرون [[انظر: "تفسير الطبري" 13/ 2/ 5، و"زاد المسير" 7/ 371، و"الجامع لأحكام القرآن" 16/ 184، و"تفسير الوسيط" 4/ 104.]]، وكل خوض في الحديث إفاضة كقوله [[انظر: اللسان (خوض) 7/ 147.]]: ﴿إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ [يونس: 61] وقد مر.
﴿كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ قال مقاتل: يعني فلا شاهد أفضل من الله بيني وبينكم أن القرآن جاء من الله ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ في تأخير العذاب عنكم حين لا يعجل عليكم بالعقوبة [[انظر: "تفسير مقاتل" 4/ 16، 17.]].
وقال ابن عباس: يريد لأوليائه وأهل طاعته [[لم أقف عليه.]].
وقال أبو إسحاق: معنى الغفور الرحيم هاهنا دعاهم إلى التوبة، معناه: أن من أتى من الكبائر العظام بمثل ما أتيتم به من الافتراء على الله [[نص العبارة عند الزجاج: (من افتراء على الله جل وعلا ثم تاب فإن الله غفور رحيم) 4/ 439.]]، وعليَّ ثم تاب فالله غفور رحيم له.
{"ayah":"أَمۡ یَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ إِنِ ٱفۡتَرَیۡتُهُۥ فَلَا تَمۡلِكُونَ لِی مِنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔاۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَا تُفِیضُونَ فِیهِۚ كَفَىٰ بِهِۦ شَهِیدَۢا بَیۡنِی وَبَیۡنَكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ"}