الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ﴾ يعني: مكة ﴿الَّتِي أَخْرَجَتْكَ﴾ خرج الكلام على القرية والمراد أهلها، وهكذا ذكر المفسرون، قال ابن عباس: وكأين من رجال هم أشد من أهل مكة [[ذكر ذلك البغوي في "تفسيره" 7/ 282.]]، وقال أبو إسحاق: المعنى: وكم من أهل قرية هم أشد قوة من أهل قريتك التي أخرجك أهلها [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 9.]]، يدل على هذا قوله: ﴿أَهْلَكْنَاهُمْ﴾ قال مقاتل: أي بالعذاب حين كذبوا رسلهم [[انظر: "تفسير مقاتل" 4/ 46.]]. ﴿فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ﴾ قال ابن عباس: فلم يكن لهم ناصر [[ذكر ذلك المؤلف في "الوسيط" عن ابن عباس. انظر: "تفسير الوسيط" 4/ 122.]]. قال الفراء: ويجوز إضمار (كان) وإن كنت قد نصبت الناصر بالتبرية، قال: ويكون: (أهلكناهم فلا ناصر لهم) الآن، هذان وجهان ذكرهما الفراء في نظم الآية. أحدهما: إضمار كان. والآخر: أن يكون المعنى: فلا ناصر لهم الآن [[انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 59.]]، وأصح مما ذكر أن يقال: هذا على طريق الحكايه للحال الماضية عند الإهلاك، أي: كأن يقال فيهم عند إهلاكهم: لا ناصر لهم، كما ذكرنا في قوله: ﴿هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: 15] وفي آيات سواها، ويدل على صحة هذا الوجه قوله: ﴿هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً﴾. ولا يقال فيها وهي مهلكة: هي أشد قوة، ولا يصح في هذا شيء من الوجهين الذين ذكرهما، وإنما يصح فيه الحكاية؛ أي: التي كان يقال فيها هي أشد قوة من مكة، ثم ذكر بُعْد ما بين المؤمن والكافر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب