ثم وعظهم فقال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ ومعناه: اتقوا أن تكذبوه أو تقولوا باطلاً، فإن الله يخبره فتفتضحوا، يعني: أنهم إذا لم يراعوا هذا كانوا كأنهم لم يعلموا أن رسول الله بين أظهرهم؛ لأنهم لم يعملوا على موجب ما علموا، فقال لهم: اعلموا ذلك علماً تعملون به فتتقوا الكذب.
ثم قال: ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ﴾ أي: رسول الله ﴿فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ﴾ أي: مما تخبرونه فيه بالباطل (لعنتم) لوقعتم في عنت، وهو الإثم والهلاك.
قال مقاتل: لأنهم [[انظر: "تفسير مقاتل" 4/ 93، ونصها: (لأثمتم في دينكم).]] في دينكم، ثم خاطب المؤمنين المخلصين الذين لا يكذبون النبي -ﷺ- ولا يخبرونه بالباطل فقال: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ﴾ جعله أحبَّ الأديان إليكم حتى أحببتموه ﴿وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ حتى اخترتموه ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ﴾ جعل الكفر تكرهونه وتجتنبونه (والفسوق) قال ابن عباس: يريد الكذب [[ذكر ذلك البغوي 7/ 339 ونسبه لابن عباس 7/ 339، ونسبه الماوردي 5/ 329 لابن زيد 5/ 329، ونسبه القرطبي 16/ 314 لابن عباس وابن زيد، ونسبه في "الوسيط" 4/ 153 لابن عباس.]] (والعصيان) جميع معاصي الله.
ثم عاد إلى الخبر فقال: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ قال ابن عباس ومقاتل: يعني المهتدين في محاسن أمورهم [[انظر: "تفسير مقاتل" 4/ 93، وذكر هذا المعنى في "الوسيط" 4/ 153 ولم]]، ومثل هذا في النظم قوله: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ﴾ الآية [الروم: 39].
ثم بين أن جميع ذلك بفضل من الله فقال: ﴿فَضْلًا مِنَ اللَّهِ﴾ قال أبو إسحاق: (فضلاً) منصوب مفعول له، المعنى: فعل الله بكم ذلك فضلاً أي للفضل والنعمة [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 35.]].
قال ابن عباس: يريد تفضلاً مني عليهم، ورحمة مني لهم [[ذكر ذلك في "الوسيط" منسوبًا لابن عباس، انظر 4/ 153.]] ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ بما في قلوبهم (حكيم) فيهم بعلمه.
وقال مقاتل: عليم بخلقه حكيم في أمره [[انظر: "تفسير مقاتل" 4/ 93.]].
{"ayah":"وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ فِیكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِۚ لَوۡ یُطِیعُكُمۡ فِی كَثِیرࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ لَعَنِتُّمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَیۡكُمُ ٱلۡإِیمَـٰنَ وَزَیَّنَهُۥ فِی قُلُوبِكُمۡ وَكَرَّهَ إِلَیۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡیَانَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلرَّ ٰشِدُونَ"}