الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً﴾ ذكر في الضمير في (تركناها) قولان: أحدهما: أنها للسفينة المذكورة في قوله ﴿ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ﴾؛ لأن المراد بها السفينة، وهو قول قتادة، قال: أبقى الله سفينة نوح على الجودي حتى أدركتها أوائل هذه الأمة. [[انظر: "تفسير عبد الرزاق" 2/ 258.]] الثاني: قال أبو إسحاق: المعنى تركنا هذه الفعلة وأمر سفينة نوح آية، أي علامة ليعتبر بها [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 88.]]، يدل على صحة هذا المعنى قوله ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: 11، 12]، والتذكير يكون بالحمل في الجارية، والمعنى: لنجعل تلك الفعلة التي فعلنا. قوله تعالى ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ قال مقاتل: فهل من متذكر يعلم أن ذلك حق فيعتبر ويخاف. [[انظر: "تفسير مقاتل" 133 أ.]] قال أبو إسحاق: وأصله مُذْتَكِر، ولكن التاء أبدل منها الدال، والذال من موضع التاء، وهي أشبه بالدال من التاء، وأدغمت الذال في الدال [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 88، و"سر صناعة الإعراب" 1/ 187، 188.]]. هذا كلامه، وإنما فُعل ذلك؛ لأن التاء مهموس، والدال مجهور، وهي من مخرج التاء، والدال أيضًا مجهور، والمجهور بالمجهور أشبه، فصار كما ذكرنا في (مزدجر). قال أبو علي الفارسي: وقالوا الذكر بالذال، حكاه سيبويه، وكط ك روي بيت ابن مقبل: من بعض ما يعتري قلبي من الذَّكر. [[انظر: "الكتاب " 4/ 421، و"ديوان ابن مقبل" ص 81، و"سر صناعة الإعراب" 1/ 188، و"الخصائص" 1/ 315، و"المنصف" 3/ 14.]] وذلك لما كثر تصرف الكلمة بالدال نحو ادَّكر، وهل من مدكر أشبهت تقوى وتقية وتقاة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب