الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ الأكثرون على أن هذه الآية نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وإخباره أهل مكة بمسير النبي -ﷺ- إليهم لما أراد فتح مكة، وتلك القصة معروفة [[انظر: "الكشف والبيان" 13/ 84 أ، و"التفسير الكبير" 29/ 277.]]، وهذا قول مقاتل واختيار الفراء [[انظر: "تفسير مقاتل" 146 ب، و"معاني القرآن" للفراء 3/ 142.]]، والزجاج. قال: أعلم الله عز وجل أن إيمان المؤمنين يفسد بمودة الكفار، وأن من كان مؤمنًا لا يوالي من كفر، وإن كان أباه أو ابنه أو أحدًا من عشيرته [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 141.]]. وروى عطاء عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في أبي عبيدة [[هو أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح، أمين هذه الأمة، وأحد المبشرين == بالجنة. مات سنة (18 هـ) وله ثمان وخمسون سنة. انظر: "طبقات ابن سعد" 3/ 409، و"سير أعلام النبلاء" 1/ 5، و"العبر" 1/ 16، و"الإصابة" 3/ 379.]]، قتل أباه يوم أحد عبد الله بن الجراح، وعمر بن الخطاب قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر، وأبي بكر -رضي الله عنه- دعا ابنه يوم بدر إلى البراز، فقال رسول الله -ﷺ-: "متعنا بنفسك يا أبا بكر"، ومصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير، وعلي بن أبي طالب، وحمزة، وعبيدة قتلوا عتبة، وشيبة، والوليد بن عتبه يوم بدر، أخبر الله تعالى أن هؤلاء لم يوادوا أقاربهم وعشائرهم غضبًا لله ولدينه [[انظر: "التفسير الكبير" 29/ 276، عن ابن عباس. وذكره غيره عن مقاتل بن حيان، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود. انظر: "الكشف والبيان" 12/ 84 أ، و"أسباب النزول" للواحدي ص 478، و"معالم التنزيل" 4/ 312.]]. قوله: ﴿أُولَئِكَ﴾ قال الزجاج: يعني الذين لا يوادون من حاد الله [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 142.]]. قوله: ﴿كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾ قال السدي ومقاتل: جعل في قلوبهم التصديق [[انظر: "تفسير مقاتل" 146 ب.]]. وقال الربيع: أثبت [[انظر: "الكشف والبيان" 12/ 84 ب، و"الجامع لأحكام القرآن" 17/ 308.]]. وقال أبو علي الفارسي: معناه جمع، والكتيبة: الجمع من الجيش. والتقدير: أولئك الذين جمع الله في قلوبهم الإيمان، أي استكملوه واستوعبوه فلم يكونوا ممن يقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض [[انظر: "التفسير الكبير" 29/ 277.]]. ﴿وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾ قال ابن عباس: قواهم بنصر منه في الدنيا علي عدوهم [[انظر: "غرائب القرآن" 28/ 29.]]، وهو قول الحسن، وسمى نصره إياهم روحًا لأن به يحيا أمرهم [[انظر: "الكشف والبيان" 13/ 84 ب، و"معالم التنزيل" 4/ 313.]]. وقال المقاتلان: برحمة منه [[انظر: "تفسير مقاتل" 146 ب، و"معالم التنزيل" 4/ 213، و"الجامع لأحكام القرآن" 17/ 309.]]، وهذا يعود إلى الأول، لأن رحمته إنعامه عليهم بالنصر في الدنيا. وقال الربيع، والسدي: يعني بالإيمان والقرآن [[انظر: "الكشف والبيان" 13/ 84 ب، و"معالم التنزيل" 4/ 313، و"التفسير الكبير" 29/ 277.]]. يدل عليه قوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ [الشورى: 52] الآية. ثم أعلم الله -عز وجل- أن ذلك يوصلهم إلى الجنة فقال: ﴿وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ﴾ إلى آخر الآية. والله أعلم بالصواب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب