الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ وقد تقدم تفسيره في سورة الأنبياء [[عند تفسيره الآية (91) من سورة الأنبياء.]]. قال مقاتل: أحصنت فرجها عن الفواحش، وإنما ذكرت بذلك لأنها قذفت بالزنا [[انظر: "تفسير مقاتل" 161 أ، و"التفسير الكبير" 30/ 50.]]. وقال الكلبي: يعني فرجها ثوبها [[انظر: "تنوير المقباس" 6/ 103، و"معاني القرآن" للفراء 3/ 169، ونسبه للمفسرين.]]. قال الزجاج: والعرب تقول للعفيف: هو نقي الثوب وهو طيب الحُجْزة. تريد أنه عفيف، وأنشد للنابغة [["ديوان النابغة الذبياني" ص 49، و"تهذيب اللغة" 4/ 124، و"اللسان" 1/ 574 (حجز)، و"الخزانة" 4/ 393. والسباسب والبسابس: القفار، واحدها: سبسب وبسبس، ومنه قيل للأباطيل: الترهات البسابس. "تهذيب اللغة" 12/ 315 (سب).]]: رقاق النعال طيب حجزاتهم ... يحيون بالريحان يوم السباسب ونحو هذا قال الفراء، وهو مستقصى فيما تقدم [[في (س): (ونحو هذا قال الفراء وهو مستقصي فيما تقدم) زيادة، وانظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 169.]]، والدليل على القول الثاني قوله: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا﴾ أي في فرج ثوبها [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 196.]]. قال مقاتل: يعني في الجيب، وذلك أن جبريل مد حبيب درعها بإصبعه ثم نفخ في جيبها، فحملت [[انظر: "تفسير مقاتل" 161 أ.]]. وهذا قول جماعة المفسرين [[انظر: "تفسير عبد الرزاق" 2/ 303، و"جامع البيان" 28/ 110، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 394.]]. ومن حمل الفرج على حقيقته في هذه الآية جعل الكناية في قوله: (فيه) من غير مذكور، وهو حبيب الدرع [[انظر: "الجامع لأحكام القرآن" 18/ 203.]]. قوله تعالى: ﴿وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا﴾ قال مقاتل: يعني بعيسى أنه نبي الله [[انظر: "تفسير مقاتل" 161 أ، و"التفسير الكبير" 30/ 55.]]، ويدل على هذا قراءة الحسن (بكلمةِ ربها) على الواحد [[قرأ بها الحسن، وأبو العالية، وأبو مجلز، وعاصم الجحدري، وغيرهم. انظر: "زاد المسير" 8/ 316، و"البحر المحيط" 8/ 295.]]. وعيسى سمي كلمة الله في مواضع من القرآن [[وردت بهذا المعنى في الآيتين (39، 45) من سورة آل عمران، (171) من سورة النساء.]]، وجمعت تلك الكلمة هاهنا فذكرت باسم الجمع. وقال أبو علي الفارسي: الكلمات تكون الشرائع التي شرع لها دون القول، لأن ذلك قد استغرقه. قوله تعالى: ﴿وَكُتُبِهِ﴾ وكأن المعنى: صدقت بالشرائع التي ابتلي بها إبراهيم فأخذت بها وصدقت الكتاب فلم تكذب بها، وإنما سميت الشرائع كلمات كما سميت الشرائع [[(س): (كلمات كما سميت الشرائع) زيادة.]] التي ابتلي بها إبراهيم كلمات في قوله: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة: 124] وقد مر. وهذا الذي ذكرناه قول أبي علي [[انظر: "التفسير الكبير" 30/ 50.]]. وهو معنى قول ابن عباس بكلمات ربها التي جاء بها جبريل. وقوله: ﴿وَكُتُبِهِ﴾ قال: التي أنزل على إبراهيم وموسى وداود وعيسى [[انظر: "تنوير المقباس" 6/ 103، و"الوسيط" 4/ 324.]]. وقرئ، (وكتابِهِ) على الواحد [[قرأ أبوعمرو وحفص ويعقوب ﴿وَكُتُبِهِ﴾ بالجمع، وقرأ الباقون (وكتابه) بالانفراد. انظر: "حجة القراءات" ص 715، و"النشر" 2/ 389، و"الإتحاف" ص 419.]]. والمراد به الكثرة [[في (ك): (الكثير).]] والشياع أيضًا. وقد يجيء ذلك في الأسماء المضافة كما جاء في المفردة التي بالألف واللام، كقوله: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: 34]، فكما أن المراد بنعمة الله الكثرة، كذلك في قوله: (وكتابه) [[انظر: "الحجة للقراء السبعة" 6/ 304.]]. قوله تعالى: ﴿وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ قال ابن عباس: من الطائعين لله عز وجل [[انظر: "تنوير المقباس" 6/ 104، و"التفسير الكبير" 30/ 50.]]. قال مقاتل: من المطيعين لربها [[انظر: "تفسير مقاتل" 161 أ، و"معالم التنزيل" 4/ 368.]]. وقال عطاء: من المصلين [[انظر: "معالم التنزيل" 4/ 368، و"التفسير الكبير" 30/ 55.]]. قيل: كانت تصلي بين المغرب والعشاء. وقال قتادة: كانت من القوم المطيعين [[انظر: "تفسير عبد الرزاق" 2/ 303، "جامع البيان" 28/ 110.]]. ولهذا قال: ﴿مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ دون القانتات: لأنه أراد القوم، وهو عام، كقوله: ﴿وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [آل عمران: 43]، ومعنى من القوم القانتين أي من الذين [[(س): (أي من الذين) زيادة.]] هم مقيمون على طاعة الله. ويجوز أن يراد قومها، وذلك أن رهطها الذين كانت منهم مريم مطيعون، وكانوا أهل بيت من الله بمكان [[انظر: "معالم التنزيل" 4/ 368.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب