الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿عُتُلٍّ﴾ قال الفراء: العتل في هذا الموضع: الشديد الخصومة بالباطل [[انظر: "معاني القرآن" 3/ 173.]]؛ وهو قول الكلبي [[في (س): (وهو قول الكلبي) زيادة. وانظر: "تنوير المقباس" 6/ 118.]]. وقال أبو عبيدة: هو الفظ الكافر، وهو الشديد في كل شيء [[انظر: "مجاز القرآن" 2/ 264.]]. وقال المبرد: العتل عند العرب: الجافي الخلق. ونحسبه -والله أعلم- في هذا الموضع المتجافي عن الحق. وقال الزجاج: هو في اللغة: الغليظ الجافي [[انظر: "معاني القرآن" 5/ 206.]]. وقال الليث: هو الأكول المنوع [[انظر: "اللسان" 2/ 681 (عتل)، و"زاد المسير" 8/ 332.]]. هذا قول أهل اللغة في تفسير العُتل [[في (س): (هذا قول أهل اللغة في تفسير العتل) زيادة.]]، وأصله في العتل، وهو السوق الشديد والقود العنيف من قوله: ﴿فَاَعْتِلُوهُ﴾ وقد مر [[عند تفسيره الآية (47) من سورة الدخان. قال: العتل أن تأخذ بتلابيب الرجل فتعتله، أي: تجره إليك وتذهب به إلى حبس أو بلية وأخذ فلان بزمام الناقة فعتلها، وذلك إذا قبض على أصل الزمام عند الرأس وقادها قودًا عنيفًا. وقال ابن السكيت: عتلته إلى السجن وعتنته فأنا أعتله وأعتنه، إذا دفعته دفعًا عنيفًا.]]. فالعُتل: الجافي الغليظ الشديد الخصومة والفظ العنيف. وقال الفراء في كتاب "المصادر": إنه لعُتُل بَيِّنُ العُتُلَّة، بضم العين والتاء وتشديد اللام. قال: والعرب تقول: إنك لَعَتِلٌ شديد إلى الشر -بفتح العين وكسر التاء مخففة- بيَّن العتل [[انظر: "اللسان" 2/ 6814 (عتل)، و"الجامع لأحكام القرآن" 18/ 232، عن ابن السكيت.]]. معناه: إنك لسريع إلى الشر. وقوله المفسرين في هذا على قسمين: أحدهما: أنه ذم في الخَلْق. والثاني: أنه ذم في الخُلُق. قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد قوي ضخم [[انظر: "التفسير الكبير" 30/ 84.]]. وقال مقاتل: رحيب الجوف وثيق الخلق [[انظر: "تفسير مقاتل" 163 أ، و"الجامع لأحكام القرآن" 18/ 233.]]. وقال أبو رزين: العتل: الصحيح [[انظر: "جامع البيان" 29/ 16.]]. وقال مجاهد: هو الشديد الأشر [[انظر: "جامع البيان" 29/ 16، و"زاد المسير" 8/ 332.]]. وقال عبيد بن عمير [[في (ك): (شعرة).]]: هو الأكول الشروب القوي الشديد يوزن فلا يزن شعيرة [[انظر: "التفسير الكبير" 30/ 84.]]، يدفع الملك من أولئك سبعين ألفًا دفعة واحدة في جهنم [[انظر: "المصنف" لابن أبي شيبة 13/ 440، و"الكشف والبيان" 12/ 165 أ، و"حلية الأولياء" 3/ 270، و"زاد المسير" 8/ 332.]]. وقال الحسن: هو الفاحش الخُلق، اللئيم الضريبة [[انظر: "تفسير عبد الرزاق" 2/ 308، و"جامع البيان" 29/ 16، و"الدر" 6/ 251. والضريبة: الطبيعة أي: اللئيم بطبعه.]]. قوله تعالى: ﴿بَعْدَ ذَلكَ﴾ قال صاحب النظم: (بعد) هاهنا بمنزلة مع على تأويل عتل مع ما وصفناه به [[انظر: "معالم التنزيل" 4/ 378، و"زاد المسير" 8/ 332.]]. وهذا معنى قول مقاتل [[انظر: "تفسير مقاتل" 163 أ.]]. يعني مع هذا النعت. ﴿زَنِيم﴾ الزنيم في اللغة: الدعي. قال أبو عبيدة [[(أبو عبيدة) ساقطة من (ك).]]: الملصق بالقوم وليس منهم، وأنشد لحسان بن ثابت [["ديوان حسان" ص 89، و"اللسان" 2/ 53 (زنم)، و"مشاهد الإنصاف على شواهد الكشاف" ص 38، ونيطَ آخر. والمعنى: أنت زنيم مؤخر في آل هاشم كما يؤخر الراكب القدح خلفه.]]: وأنت زنيم نيط في آل هاشم ... كما نيط خلف الراكب القدح الفرد. قال: ويقال للتيس: زنيم له زنمتان [[في (ك): (زمتان) وانظر: "مجاز القرآن" 2/ 265.]]. قال المبرد: وإنما أخذ فيما ذكر أبو عبيدة من زنمت [[في (ك): (زمت).]] الشاة إذا شقت أذنها فاسترخت هدبته [[في (س): (هُنية).]] ويبست كالشيء المعلق. والزنمة من كل شيء الزيادة [[انظر: "الكامل" 3/ 223 - 224.]]. وقال ابن عباس في رواية عطاء [[في (س): (في رواية عطاء) زيادة.]]: يريد مع هذا هو دعي في قريش وليس منهم [[انظر: "معالم التنزيل" 4/ 378، و"تنوير المقباس" 6/ 118، وهي من طريق الكلبي.]]. ونحو هذا روى ثابت بن أبي صفية عن رجل يكنى أبا عبد الرحمن عن ابن عباس قال: هو اللئيم الملزق [[في (ك): (المزلق).]] ثم أنشأ يقول: زنيم تداعاه الرجال زيادة ... كما زيد في عرض الأديم الأكارع [[في (س): (الكوارع) والبيت لحسان بن ثابت كما في "ديوانه" ص 491، وفي "اللسان" 2/ 53 (زنم) نسبه للخطيم التميمي.]] وهذا قول مجاهد، وسعيد بن المسيب، وعكرمة [[أخرج ابن أبي حاتم نحوه عن عكرمة عن ابن عباس، ورواه أبو عبيد، والمبرد وغيرهما. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" 18/ 234، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 404، وعند ابن جرير من طريق العوفي: الزنيم: الدعي. وعنده بسند صحيح عن ابن عباس أنه قال في الزنيم: الذي يعرف بأبنة. "جامع البيان" 29/ 17، و"تفسير ابن عباس" مروياته للحميدي 2/ 897. == والأبنةُ: العيب في الخشب والعود، يقال: ليس في حسب فلان أبنة، كقولك: ليس فيه وصمة "اللسان" 1/ 9 (أبن).]]. قالوا: هو ولد الزنا الملحق بالقوم في النسب وليس منهم [[انظر: "جامع البيان" 29/ 17، و"الجامع لأحكام القرآن" 18/ 234، و"البحر المحيط" 8/ 310.]]. وتمثل عكرمة فيه ببيت شعر فقال: زنيم ليس يعرف من أبوه ... بغي الأم ذو حسب لئيم [[لم أجد للبيت قائلَّا: وانظر المراجع السابقة.]] ويؤكد هذا التفسير ما قال مرة الهمداني [[في (ك): (الهمداني مرة).]]: إنما ادعاه أبوه بعد ثمان عشرة سنة [[انظر: "الكشف والبيان" 12/ 165 أ، و"معالم التنزيل" 4/ 378.]]. وفيه قول آخر: قال الشعبي: هو الرجل الذي يعرف بالشر، كما تعرف الشاة بزنمتها [[انظر: "الكشف والبيان" 12/ 165 ب، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/ 499 عن ابن عباس وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.]]. وقال سعيد بن جبير: هو الرجل السوء يعرف بالشر، يمر على القوم فيقولون: هذا رجل سوء [[انظر: "تفسير مجاهد" 2/ 688، و"معالم التنزيل" 4/ 378، و"الدر" 6/ 253، عن ابن عباس ونسب تخريجه لابن أبي حاتم.]]. ونحو هذا روى خصيف [[في (س): (ونحو هذا روى خصيف عن) زيادة.]] عن عكرمة قال: الزنيم: الذي يعرف باللؤم كما تعرف الشاة بزنمتها [[انظر: "جامع البيان" 29/ 18، و"معالم التنزيل" 4/ 378، عن ابن عباس.]]. قال ابن قتيبة: معنى هذا القول أنه قد لحقه [[في (ك): (لحقته).]] سبة في الدِّعوة [[الدِّعوة: بكسر الدال: ادعاء الولد الدَّعيَّ غيرَ أبيه. وقال ابيت شميل: الدَّعوة في الطعام والدِّعوة في النسب. "اللسان" 1/ 987 (دعا).]] عرف بها مزنمة الشاة [[انظر: "تأويل المشكل" ص 159.]]. وفي الزنيم قول ثالث روى عكرمة [[في (س): (عكرمة) زيادة.]] عن ابن عباس: نعت فلم يعرف فقيل: ﴿زَنيِمٍ﴾ قال: وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها [[أخرجه ابن جرير بسند صحيح. "جامع البيان" 29/ 17، و"تفسير ابن عباس" ومروياته للحميدي 2/ 897، وفي البخاري 6/ 198 عن ابن عباس قال: رجل من قريش له زنمة مثل زنمة الشاة.]]. وهذا قول مقاتل: كان في أصل أذنه مثل زنمة الشاة [[انظر: "تفسير مقاتل" 163 أ، و"التفسير الكبير" 30/ 85، وقال ابن كثير في "تفسيره" 4/ 405، والأقوال في هذا كثيرة، وترجع إلى ما قلناه، وهو أن الزنيم هو المشهور بالشر، الذي يعرف به من بين الناس، وغالبًا يكون دعيا ولد زنا، فإنه في الغالب يتسلط الشيطان عليه ما لا يتسلط على غيره.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب