الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ﴾ قال مقاتل: إن قوم نوح لما كذبوه زماناً طويلاً، جس الله عنهم المطر، وأعقم أرحامَهم أربعين سنة، فهلكت جناتهم، ومواشيهم، فصاحوا إلى نوح، فقال لهم نوح: استغفروا ربكم من الشرك [["تفسير مقاتل" 210/ أ، و"التفسير الكبير" 30/ 137، و"القرطبي" 18/ 302.]]. والمعنى: استدعوا مغفرة ربكم بالتوحيد، وترك الشرك. ﴿يُرْسِلِ السَّمَاءَ﴾، أي: ماء السماء، ويجوز أن يكون المراد بالسماء المطر لقوله: ﴿مِدْرَارًا﴾، وهو الكثير الدرّ، والدر تخلّب [[الخُلَّب: السحاب يُومِضُ بَرْقُه حتى يُرْجَى مطرُه، ثم يُخْلِف، ويقلع، وينقشع، وكأنه من الخِلابة، وهي الخداع بالقول اللطيف. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير: 2/ 58.]] الشيء حالاً بعد حال، يقال: درت الناقة، ودر اللبن، يدرّ ويدُرّ دَرّاً ودُرُوراً، ودَرت السحاب، ودرّ المطر [[انظر مادة: (درّ) في "تهذيب اللغة" 14/ 60، و"الصحاح" 2/ 656، و"لسان العرب" 4/ 280. وانظر أيضًا: المفردات: للراغب الأصفهاني: 166 - 167.]]. قال مقاتل: (مدراراً [[بياض في: (ع).]]): متتابعاً [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]. ﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾ قال عطاء: يكثر أموالكم، وأولادكم [["فتح القدير" 5/ 298.]]. ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ﴾ يعني البساتين [[قال بذلك الطبري في: "جامع البيان" 29/ 94، والزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 229، والسمرقندي في: "بحر العلوم" 3/ 407، والثعلبي في: "الكشف والبيان" 12: 188/ أ.]]. ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ قال مقاتل: كانوا [يسخطون] [[في (أ): يسخطو، وغير مقروءة في: (ع).]] الله فأهلك كل شيء لهم، ودفنت أنهارهم، فدعاهم نوح إلى توحيد الله، وقال: إنكم إذا وحدتم تصيبوا الدنيا والآخرة [["تفسير مقاتل" 210/ أ.]]. وقال أبو إسحاق [[بياض في: (ع).]]: أعلمهم أن إيمانهم بالله يجمع لهم من الحظ الوافر في الآخرة، والخِصْب والغنى في الدنيا [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 229 بنصه.]]. قوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13)﴾ الرجاء هاهنا بمعنى الخوف -ذكرنا ذلك فيما تقدم [[منها في سورة يونس: 15: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7)﴾ فجاء أيضًا أن الرجاء: الخوف. والآية: 15 من السورة نفسها: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)﴾. جاءت في تفسير الرجاء أنه الخوف. انظر: تفسير البسيط: 3: 5/ أ. وكذا سورة الفرقان: 21: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21)﴾ وأيضًا جاء تفسير الرجاء: الخوف. المرجع السابق: 4/ 63/ ب.]] - ومنه قول الهذلي [[الهذلي: هو أبو ذؤيب؛ خويلد بن خالد بن محرث بن زبيد بن مخزوم بن هزيل، تقدم.]]: إذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لمْ يَرْجُ لسْعَها [[هذا صدر بيت، وعجزه: == وخالَفَها في بيت نُوبٍ عوَاسل وعند الفراء برواية: "الدبر" بدلًا من "النحل"، و"حالفها" بدلًا من "خالفها"، و"عوامل" بدلًا من "عواسل". وموضع الشاهد: "لم يرْجُ"، ومعناه: لم يخف، ولا يكون هذا إلا مع النفي. ومعنى "النوب": ذكر النحل. انظر: شرح أبيات "معاني القرآن" 296: ش: 663. وقد ورد البيت منسوبًا في كتب اللغة، مادة: (رجا). انظر: "تهذيب اللغة" 11/ 182، برواية: "لسعتها"، و"معجم مقاييس اللغة": 2/ 495، و"الصحاح" 6/ 2352، و"لسان العرب" 14/ 310، و"تاج العروس" 10/ 145، ديوان الهذليين: 1/ 143. وأيضًا: أبو ذؤيب الهذلي: حياته وشعره: 99، كتاب "الأضداد" لابن الأنباري: 10، و"معاني القرآن" للفراء: 1/ 286، و2/ 265، وفي: ج 2 غير منسوب، كتاب "الأضداد" للسجستاني: 81، كتاب "الأضداد" لابن السكيت: 179. وأيضًا في: "جامع البيان" 29/ 95، و"المحرر الوجيز" 5/ 374، و"التفسير الكبير" 30/ 138، و"الدر المنثور" 8/ 291، و"فتح القدير" 5/ 298، و"روح المعاني" 29/ 73. وورد غير منسوب في: "معاني القرآن" للأخفش: 2/ 715.]] و (الوقار): العظمة، والتوقير: التعظيم، ومنه قوله تعالى: ﴿وَتُوَقِّرُوهُ﴾ [الفتح: 9] [[انظر: مادة: (وقر) في "تهذيب اللغة" 9/ 280، و"الصحاح" 2/ 949.]] يعني مالكم لا تخافون لله عظمة، وهو قول أبي عبيدة [["مجاز القرآن" 2/ 271.]]، والفراء [["معاني القرآن" 3/ 188.]]، والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 229.]]، (وابن قتيبة [[تفسير غريب القرآن: 487.]]، والكلبي [["الكشف والبيان" 12: 188 /ب.]]) [[ساقطة من: (أ).]]. وجميع ما قال المفسرون يعود إلى هذا المعنى، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس: ما لكم لا تعلمون حق عظمة الله [[ورد قوله في: "جامع البيان" 29/ 95، و"الكشف والبيان" 12: 188/ ب، و"الدر المنثور" 8/ 290، وعزاه إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد. انظر: "شعب الإيمان" 1/ 464: ح: 728 برواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.]] [[قوله: حق عظمة الله غير واضح في: (ع).]]. وقال الحسن: ما لكم لا تعرفون لله حقاً، ولا تشكرونه [["الكشف والبيان" 12: 188/ أ، و"النكت والعيون" 6/ 101، و"معالم التنزيل" 4/ 389، و"الجامع لأحكام القرآن" 18/ 303، و"الدر المنثور" 8/ 291، و"فتح القدير" 5/ 298، شعب الإيمان: 1/ 465: ح: 732.]]. وقال مجاهد: لا تُبالون عظمة ربكم [[المراجع السابقة عدا: معالم التنزيل، والقرطبي، وقد عزاه صاحب الدر إلى سعيد ابن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وانظر: "فتح الباري" 8/ 667، و"شعب الإيمان" 1/ 465: ح: 730.]]. وقال قتادة: لا ترجون لله عاقبة [["جامع البيان" 29/ 95، و"الكشف والبيان" مرجع سابق، و"الجامع لأحكام القرآن" 18/ 303، و"فتح القدير" 5/ 298.]]. وقال ابن زيد [[في (أ): ابن دريد، وهو تصحيف، فابن دريد عالم في اللغة.]]: لا ترون لله طاعة [[ورد قول ابن زيد في: "جامع البيان" 29/ 95، و"الكشف والبيان" 12: 188/ أ، و"النكت والعيون" 6/ 101، و"زاد المسير" 8/ 98، و"الجامع لأحكام القرآن" 18/ 303، و"فتح القدير" 5/ 298.]]. ومعنى هذه الأقوال واحد [[بياض في: (ع).]]، وهو أنهم لو عظموا الله، وعرفوا حق عظمته، وحدوه، وأطاعوه، وشكروه [[بياض في: (ع).]]. وهذا معنى قول مقاتل: فمن [[غير واضحة لبياض في: (ع).]] لم يوحده لم يعظمه [["تفسير مقاتل" 210/ أ.]]. (والمعنى: لمَ لا تعظمونه فتوحدونه، وقد جعل في أنفسكم [[بياض في: (ع).]] آية تدل على توحيده: من خلقه إياكم، ومن خلق السموات والأرضين) [[ما بين القوسين نقله الإمام الواحدي عن الزجاج بشيء من التصرف: 5/ 229.]]، فقال عز وجل: ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)﴾ قال المفسرون: يعني نطفة، ثم علقة، ثم شيئاً بعد شيء [[غير واضحة لبياض في: (ع).]]، إلى آخر الخلق، وطوراً [[غير واضحة لبياض في: (ع).]] بعد طور ينقلكم من حال إلى حال [[بياض في: (ع).]] [[وممن قال بذلك من المفسرين: ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد. انظر: "جامع البيان" 29/ 95 - 96، وعن يحيى بن رافع، وعكرمة، والسدي. انظر: "تفسير القرآن العظيم" 4/ 453، وتفسير السدي الكبير: 462، وعن مطر؛ انظر: الدر: 8/ 291. وذهب إلى هذا القول: الفراء 3/ 188، والزجاج 5/ 229، والثعلبي 12/ 188 ب، والبغوي 4/ 398، وابن الجوزي 8/ 98، والقرطبي، وعزاه إلى ابن عباس.]]. قال الليث: الطور: التارة، تقول: طَوْرًا بعد طَوْرٍ: أي تارة بعد تارة، والناس أطوار، أي: أخياف [[أخياف: أي يسْتوون. "تهذيب اللغة" 7/ 591 (خيف).]] على حالات شتى [[ورد قول الليث في تهذيب اللغة، نقله بنصه: 14/ 110 (وطر). وانظر: "الصحاح" 2/ 727: (طور).]]. وقال ابن الأنباري: الطور الحال، وجمعه أطوار، وتلا هذه الآية، قال: ومعناها: ضروباً، وأحوالاً مختلفة [[قوله هذا في: "زاد المسير" 8/ 98، و"التفسير الكبير" 30/ 139، و"فتح القدير" 5/ 298.]]. (ثم) [[ساقطة من: (أ).]] وعظهم ليعتبروا في صنعه فقال:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب