الباحث القرآني

﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾. لك من التكذيب والأذى. ﴿وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ واعتزلهم اعتزالًا حسنًا، لا جزع فيه. قال الكلبي [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]، ومقاتل [["تفسير مقاتل" 213/ ب.]]: قالوا هذا قبل أن [[بياض في (ع).]] أمر بالقتال [[قال أبو جعفر النحاس في قوله: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10)﴾: "كان هذا قبل أن يؤمر بالقتال وقتلهم، فنسخت آية القتال ما كان قبلها من الترك". "الناسخ والمنسوخ" 292. وبهذا قال أيضًا هبة الله بن سلامة في "الناسخ والمنسوخ" 187، والخزرجي في "نفس الصباح" 2/ 758، وابن الجوزي في "المصفى بأكف أهل الرسوخ من علم الناسخ والمنسوخ" 58، وابن البارزي في "ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه" 55. وقال بذلك أيضًا قتادة في "جامع البيان" 29/ 132، والزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 241، والماوردي في "النكت والعيون" 6/ 129، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/ 409. قلت: ليس في الآية ما يدعو إلى القول بالنسخ، فالصبر على الأذى، وهجر الكفر وأهله ليس فيه ما يعارض الجهاد في سبيل الله، "بل الهجر من باب العقوبات الشرعية، فهو من جنس الجهاد في سبيل الله، وهذا يفعل لأن تكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله"، وقد ذهب أئمة إلى عدم القول بالنسخ في هذه الآية، ولهذا لم يوردوها في "الناسخ والمنسوخ"، نحو الزهري في كتابه: "الناسخ والمنسوخ"، والبغدادي أيضًا في كتابه: "الناسخ والمنسوخ"، == وكذلك الطبري، وابن كثير لم يروا فيها نسخًا. انظر: "جامع البيان" 29/ 130، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 466. ما بين علامتي التنصيص نقلًا عن "مجموع الفتاوى" 28/ 208.]]. (قوله تعالى) [[ما بين القوسين ساقط من (ع).]]: ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ﴾ قال ابن عباس: يريد دعني ومن كذبك، وهذا كقوله: ﴿فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ﴾ [القلم: 44] [[لم أعثر على مصدر لقول ابن عباس.]]. قال الزجاج: العرب إذا أرادت أن تأمر إنسانًا [فإن] [[فإنا هكذا وردت في كلا النسختين، وأثبت ما جاء في مصدر القول.]] له هَمَّة بأمر أو خصم له تقول: دعني وذاك، ودعني وفلانًا، ليس أنه حال بينه وبين ذلك الأمر، أو ذلك الإنسان، ولكن تأويله: لا تهتم به، فإني أكفيكه [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 241.]]. وقوله تعالى: ﴿أُولِي النَّعْمَةِ﴾ قال ابن عباس [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]، (ومقاتل [[لم أعثر على مصدر لقوله، ولعله فسر الغنى في غير هذا الموطن. والله أعلم.]]) [[ساقط من (أ).]]: أولي الغنى، وكثرة الأموال. وذكرنا تفسير النعمة فيما تقدم [[نحو ما جاء في سورة الدخان: 27 ﴿وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27)﴾، وقد جاء في تفسيرها " (ونَعْمة) قال علماء اللغة: نَعْمة العيش -بفتح النون- حُسْنُهُ، وغَضَارَتُهُ، ونعمة الله: مَنُّه وعطاؤه، قال المفسرون: وعيش لين رغد كانوا متنعمين". ونحو ما جاء في سورة الزمر: 8 قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾، وقد جاء في تفسير ﴿إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ﴾ "قال ابن عباس: يريد: غناه، وأنعم الله عليه بالصحة، وقال مقاتل: أعطاه الله الخير".]]. ﴿وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا﴾ قال ابن عباس: حياتهم حتى (يأتي الوعد [[لم أعثر على مصدر قول ابن عباس.]]) [[ما بين القوسين بياض في (ع).]]. وقال الكلبي: نزلت في المُطْعِمِين ببدر، وهم عشرة من قريش، قتلهم الله ببدر [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]. وقال مقاتل: يعني بني المغيرة، أهلكهم الله ببدر [["تفسير مقاتل" 213/ ب، و"زاد المسير" 8/ 166، وقد ورد قول مقاتل عند تفسير الآية: ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ﴾ [المزمل: 11].]]. ثم ذكر ما لهؤلاء عنده، فقال: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا (أَنْكَالًا) [[ساقط من (ع).]]﴾ [[﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12)﴾.]] قال المفسرون: إن عندنا في الآخرة أنكالاً، واحدها: نِكْل، وهو القيد في قول جميع المفسرين [[قال بذلك: ابن عباس، وعكرمة، وطاووس، ومحمد بن كعب، وعبد الله بن بريدة، وأبو مجلز، والضحاك، وقتادة، والسدي، والثوري، ومجاهد، وحماد ابن أبي سليمان، والحسن، وسليمان التيمي. انظر أقوالهم في تفسير الإمام مجاهد: 680، و"جامع البيان" 29/ 134 - 135، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 45، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 466 - 467، و"الدر المنثور" 8/ 319، وانظر: "صحيح البخاري" 3/ 316، كتاب التفسير: باب سورة المزمل (73)، وقال بذلك ابن قتيبة في "تفسير غريب القرآن" 494، وفسرها الطبري بذلك، وقال: "وبمثل الذي قلنا قال أهل التأويل" في "جامع البيان" 29/ 134، وبه قال أيضًا السمرقندي في "بحر العلوم" 3/ 417، والزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 241، والثعلبي في "الكشف والبيان" 12: 202/ أ، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/ 420، والزمخشري في "الكشاف" 4/ 154، وابن الجوزي في "زاد == المسير" 8/ 116، والفخر الرازي في "التفسير الكبير" 30/ 181. ومن أهل الغريب قال به: اليزيدي في "غريب القرآن" 397، والسجستاني في "نزهة القلوب" 108، ومكي بن أبي طالب في "تفسير المشكل" 362، والخزرجي في "نفس الصباح" 741، وابن الملقن في "تفسير غريب القرآن" 505، ولم أجد من خالف ما قاله الواحدي غير أنه ذكر ابن الملقن معنى مصاحبًا للقيود وهو: العقوبات والقيود من العقوبات، وعليه لا يكون هناك من خالف الإجماع، والله أعلم. وأما ما ذكره الشيخ السعدي من أن ﴿أَنكاَلًا﴾ أي عذابا شديدًا في تيسير الكريم الرحمن: 5/ 327. قلت: قول الشيخ السعدي، وإن كان في لفظه مخالفًا، فهو موافق في معناه، عام في دلالته؛ إذ القيود من أنواع العذاب الشديد، وعليه لا يكون مخالفًا لجمهور المفسرين.]]، ............ (وأهل اللغة [[قال بذلك الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 241، والأخفش، انظر: "النكت والعيون" 6/ 130، وهو قول الأزهري، والجوهري، والزبيدي. انظر مادة: (نكل) في "تهذيب اللغة" 10/ 245، و"الصحاح" 5/ 1835، و"القاموس المحيط" 4/ 60.]]) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]]. وقال الكلبي: أغلالًا من حديد [[ورد قوله من غير ذكر لفظ الحديد في كل من "النكت والعيون" 6/ 130، و"معالم التنزيل" 4/ 410، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 45، و"البحر المحيط" 8/ 364، و"فتح القدير" 5/ 318.]]. وقال أبو عمران الجوني: هي قيود لا تحل أبدًا [["الدر المنثور" 8/ 319 بمعناه، وعزاه إلى عبد بن حميد، و"فتح القدير" 5/ 318.]]. وقوله تعالى: ﴿وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ﴾ لا يسوغ في الحلق، والغصة: ما يغص به الإنسان [[قال ابن فارس: "غص": الغين والصاد ليس فيه إلا الغَصَص بالطعام. "معجم مقاييس اللغة" 4/ 383.]]. وقال ابن عباس [["الجامع لأحكام القرآن" 19/ 45، و"الدر المنثور" 8/ 319، وعزاه إلى الحاكم، ولم أجده في "المستدرك".]]، والمفسرون [[قال بذلك: الثعلبي في "الكشف والبيان" جـ: 12: 202/ ب، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/ 410.]]: يعني الزقوم. وهو قول مجاهد [["جامع البيان" 29/ 135، و"النكت والعيون" 6/ 130، و"المحرر الوجيز" 5/ 389، و"البحر المحيط" 8/ 364، و"الدر المنثور" 8/ 319 وعزاه إلى عبد بن حميد، و"فتح القدير" 5/ 318.]]، (ومقاتل [["تفسير مقاتل" 213/ ب، و"زاد المسير" 8/ 116.]]) [[ساقط من (أ).]]، وعكرمة [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]. وقال أبو إسحاق: أي طعامهم الضريع، كما قال عز وجل: ﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6)﴾ [الغاشية: 6]، وهو شوك كالعَوْسَج [[العوسج: هو شجر من شجر الشَّوك، وله ثمر أحمر مُدَوَّرٌ كأنه خرز العقيق. انظر "لسان العرب" 2/ 324 مادة: (عسج). وفي "تهذيب اللغة": "العوسج: شجر كثير الشوك، وهي ضروب، منها ما يثمر ثمرًا أحمر يقال له: المُصع". 1: 338 مادة: (عسج).]] [[ورد قول أبي إسحاق في "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 242 بنصه.]]. وهذا معنى قول ابن عباس [في رواية عكرمة]، قال: شوك يأخذ بالحلق لا يدخل ولا يخرج [[بياض في الحرف الأخير من الكلمة في (ع). وورد قوله في "جامع البيان" 29/ 135، و"النكت والعيون" 6/ 130، و"زاد المسير" 8/ 116، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 45، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 467، و"الدر المنثور" 8/ 319 وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وعبد الله بن == أحمد في "زوائد الزهد"، وابن المنذر، والبيهقي في البعث: 305 - 306: ح: 551، و"المستدرك" 2/ 505 - 506، كتاب: التفسير تفسير سورة المزمل، وصححه، وضعفه الذهبي في التلخيص وقال: شبيب ضعفوه.]]. ثم أخبر متى يكون ذلك فقال: (قوله تعالى) [[ما بين القوسين ساقط من (ع).]]: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾ قال الزجاج: (يوم) منصوب معلق بقوله: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12)﴾ [المزمل: 12] أي ينكل بالكافرين ويعذبهم يوم ترجف الأرض والجبال، أي تزلزل وتحرك أغلظ حركة [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 242. ولـ "يوم" أوجه أخرى في نصبها، فليراجع في ذلك "التبيان في إعراب القرآن" للعكبري: 2/ 1247، و "الدر المصون" 6/ 407.]]. وقوله تعالى: ﴿وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا﴾ قال (أبو زيد [[لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد له معنًى يقارب ما قاله الليث، وعبارته: قال: "كَثَب الطعام أكثبه كثبًا ونثرته نثرًا، وهما واحد". "تهذيب اللغة" 10/ 185 مادة: (كثب).]]، و) [[ساقط من (أ).]] الأصمعي [[ورد قوله في "تهذيب اللغة" 10/ 185 مادة: (كثب).]]: الكثيب: القطعة من الرمل تنقاد [[تنقاد: قال ابن منظور: "كل شيء من جبل أو مُسنَّاة كان مستطيلًا على وجه الأرض فهو قائد، وظهر من الأرض يقول وينقاد ويتقاود كذا وكذا ميلًا. القوداء: الطويلة، ومنه: رمل منقاد، أي: مستطيل". "لسان العرب" 3/ 371 مادة: (قود).]] مُحْدَوْدِبة [[مُحْدَوْدِبة: الحديث: حدور في صبب، كحدب الرِّيح والرَّمل. "لسان العرب" 1/ 301 مادة: (حدب). وقال ابن فارس: "الحاء والدال والباء: أصل واحد، وهو ارتفاع الشيء، فالحَدَب ما ارتفع من الأرض". "معجم مقاييس اللغة" 2/ 36 مادة: (حدب). وانظر: "المصباح المنير" 1/ 148 مادة: (حدب).]]. وقال الليث: الكثيب: نثر التراب، (أو الشيء) [[ساقطة من (أ).]] يرمي به [[قوله: يرمي به: بياض في (ع).]] [[وانظر قول الليث في "تهذيب اللغة" 10/ 185 (كثب)، و"لسان العرب" 1/ 702.]]. والفعل اللازم الكثيب ينكثب انكثابًا، وسمي الكثيب كثيبًا؛ لأن ترابه دقاق، كأنه مكثوب منثور بعضه على بعض لرخاوته. وقال أبو إسحاق: الكثيب: جمعه الكثبان، وهي القطع العظام من الرمل، ومعنى "مهيلًا" سائلًا قد سيّلَ، يقال: تراب مهيل، ومهيول، أي مَصْبُوبٌ مُسيّل، والأكثرون في اللغة: المهيل، وهو مثل قولك: مكيل، ومكيول، ومدين، ومديون، وذلك أن (الياء) تحذف منه الضمة، فتسكن هي و (الواو) فتحذف (الواو) لالتقاء الساكنين [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 242 بيسير من التصرف.]]. (ذكره الفراء [["معاني القرآن" 3/ 198.]]، والزجاج [[كرر اسمه، انظر الهامش السابق رقم: 1.]]) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]]. قال أبو عبيدة [[في (ع): أبو عبيد.]]: يقال لكل شيء أرسلته إرسالاً من رمل، أو تراب، أو طعام، ونحوه: قد هِلْتُه أهيله هيلاً، إذا أرسلته مجرى، وهو طعام مهيل [["مجاز القرآن" 2/ 273، وقد ورد قوله مختصرًا في المجاز، وعبارته قال: "كثيبًا مهيلًا من هِلته تهيله".]]. قال مقاتل في قوله: ﴿كَثِيبًا مَهِيلًا﴾ هو الرمل إذا حركته من تحته يتبع بعضه بعضًا [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]. وقال الكلبي: هو الرمل الذي إذا أخذت منه شيئًا [[قوله: (منه شيئًا بياض في (ع).]] تبعك آخره [[ورد معنى قوله عند الماوردي في "النكت والعيون" 6/ 130، و"معالم التنزيل" 4/ 410، وبمعناه أيضًا في "الجامع لأحكام القرآن" 19/ 46.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب