الباحث القرآني

قوله: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ﴾ يعني أهل مكة. ﴿رَسُولًا﴾ يعني محمدًا -ﷺ- ﴿شَاهِدًا عَلَيْكُمْ﴾ بالتبليغ وإيمان من آمن وأجاب، وامتناع من امتنع وعصى. ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا﴾ وهو موسى عليه السلام. قال مقاتل: إنما ذكر فرعون، وموسى دونَ سائر الأمم [[بياض في (ع).]] والرسل؛ لأن أهل مكة ازدرؤوا محمدًا [[قوله: (ازدرؤوا محمدًا) بياض في (ع).]] -ﷺ-، واستخفوا [[بياض في (ع).]] به؛ لأنه ولد فيهم، كما أن فرعون ازدرأ [[بياض في (ع).]] موسى؛ لأنه رباه، وولد فيما بينهم، وهو قوله: ﴿قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا﴾ [الشعراء: 18]. [[ورد قول مقاتل في "تفسير مقاتل" 213/ ب، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 47.]] قوله تعالى: ﴿فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا﴾ الوبيل: الثقيل الغليظ جدًّا، ومنه قولهم: صار هذا عليه وبالاً، أي أفضى به إلى غاية المكروه، ومن هذا قيل للمطر [[بياض في (ع).]] العظيم: وابل، وكلأ مُستوبل [[غير مقروء في كلا النسختين.]]، إذا أن عاقبته إلى مكروه. (قاله المبرد [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]، والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 242، وعبارته: "الوبيل: الثقيل الغليظ جدًّا، ومن هذا قيل للمطر الغليظ العظيم: وابل".]]) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]]. وقال أبو زيد: الوبيل: الذي لا يُسْتَمْرأ [["تهذيب اللغة" 15/ 386 مادة: (وبل)، وانظر: "لسان العرب" 11/ 720.]]، (وماء وبيل، ووخيم: إذا كان غير مري) [[ما بين القوسين من قول الأزهري، نقله عنه الواحدي من "تهذيب اللغة".]]. وقال المفسرون [[بياض في (ع). ومن المفسرين الذين قالوا بذلك: ابن عباس، ومجاهد، والسدي، والثوري. انظر: "جامع البيان" 29/ 37، و"النكت والعيون" 6/ 130، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 47، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 467، و"الدر المنثور" 8/ 320. وإلى هذا القول أيضًا ذهب السمرقندي في "بحر العلوم" 3/ 317، والثعلبي في "الكشف والبيان" 12/ 203/ أ، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/ 410، وابن عطية في "المحرر الوجيز" 5/ 389، وابن الجوزي في "زاد المسير" 8/ 117.]]: أخذًا وبيلاً: شديدًا، يعني: الغرق. قاله الكلبي [["التفسير الكبير" 3/ 183.]]، وقتادة [[المرجع السابق، وانظر: "تفسير عبد الرزاق" 2/ 325، و"جامع البيان" 29/ 137، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 47، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 467.]]، ومقاتل [["تفسير مقاتل" 213 ب، و"التفسير الكبير" 3/ 183، قوله: (ومقاتل) ساقط من (أ).]]. يخوف أهل مكة بالعذاب، ثم خوفهم يوم القيامة: قوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ﴾. (وفي الآية تقديم وتأخير [[و (¬11) و (¬12) بياض في (ع).]]، على تقدير: فكيف تتقون يومًا يجعل (¬11) الولدان شيبًا إن كفرتم، والمعنى على تقدير المضاف (¬12): أي عذاب يوم، أي: بأي شيء تتحصنون من عذاب ذلك اليوم) [[ما بين القوسين نقله الإمام الواحدي عن الزجاج بتصرف. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 242. قال ابن جرير عن معنى التقديم والتأخير: "ذكر ذلك كذلك في قراءة عبد الله بن مسعود". "جامع البيان" 29/ 127 وقال ابن كثير عند تفسير الآية: يحتمل أن يكون (يومًا) معمولًا لتتقون، كما حكاه ابن جرير عن قراءة ابن مسعود: فكيف تخافون أيها الناس يوم يجعل الولدان شيبًا إن كفرتم، ولم تصدقوا به. ويحتمل أن يكون معمولًا لكفرتم، فعلى الأول: كيف يحصل لكم أمان من يوم هذا الفزع العظيم، إن كفرتم، وعلى الثاني: كيف يحصل لكم تقوى إن كفرتم يوم القيامة، وجحدتموه، وكلاهما معنى حسن، ولكن الأول أولى، والله أعلم. "تفسير القرآن العظيم" 4/ 467.]] ﴿إِنْ كَفَرْتُمْ﴾ قال قتادة: والله لا يتقي من كفر بالله ذلك اليوم [["تفسير عبد الرزاق" 2/ 325، و"جامع البيان" 29/ 127، و"الجامع" للقرطبي 19/ 48، وبمعناه في "الدر المنثور" 8/ 320 وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. قوله تعالى: ﴿يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا﴾. وصف لهول ذلك اليوم الشديد، وهذا كما يقال: قد حدث أمر تشيب فيه النواصي، وشيب الصغير، مَثل للشدة العظيمة [[قال ابن جرير: "وقوله: ﴿يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا﴾ يعني يوم القيامة، وإنما تشيب الولدان من شدة هوله وكربه". "جامع البيان" 29/ 137. إذا شيب الولدان ليس بمثل على هوله، وإنما حقيقة حكايته هول ذلك اليوم الذي يشيب له الصغير، فهو وصف حقيقة، وليس بمثل للشدة العظيمة. والله أعلم.]]. قال المفسرون [[قال بذلك: ابن مسعود، وخيثمة بن عبد الرحمن، وابن عباس. انظر: "جامع البيان" 29/ 137، و"الدر المنثور" 8/ 321 وعزاه إلى ابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه. وقال بذلك أيضا الثعلبي في "الكشف والبيان" جـ: 12: 203/ أ، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/ 410، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" 19/ 49، وابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" 4/ 467.]]: وذلك حين يقال لآدم: (قم فأبعث بعث النار) [[الحديث أخرجه البخاري 4/ 1967، ح 6530، في الرقاق، باب قوله عز وجل: ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾، من طريق أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -ﷺ-: "يقول الله: يا آدم، فيقول: لبَّيْك وسعديك والخير في يديك، قال: يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فذلك حين يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد ... " الحديث. كما أخرجه البخاري: 2/ 458 ح: 3348 كتاب الأنبياء، باب: 7. ومسلم 1/ 201 ح 379، كتاب الإيمان، باب 96. والترمذي في "سننه" 4/ 2258 ح: 2940، كتاب الفتن: باب 23، 5/ 322 ح: 3168، كتاب التفسير، باب 23، من طريق يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود قال عبد الله بن عمرو. والنسائي في "تفسيره" 2/ 474 ح: 649، من طريق الترمذي.]] وذكرنا ذلك عند قوله: ﴿يَوْمَ تَرَوُنَهَا﴾ [[سورة الحج: 2: ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)﴾، وقد جاء في تفسيرها " ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا﴾: ترون تلك الزلزلة، ﴿تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ﴾، أي: في ذلك اليوم، ﴿عَمَّا أَرْضَعَتْ﴾ تنسى وتترك كل والدة ولدها، يقال: ذهل عن كذا يذهل ذهولًا إذا تركه أو شغله عنه شاغل، قال الحسن: تذهل المرضعة عن ولدها لغير فطام، وتضع الحامل ما في بطنها لغير تمام، وهو قوله: ﴿وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا﴾ يعني من هول ذلك اليوم، وهذا يدل على أن هذه الزلزلة تكون في الدنيا؛ لأن بعد البعث لا يكون حبلى، وعند شدة الفزع تلقي المرأة جنينها، ﴿وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى﴾ من شدة الخوف، ﴿وَمَا هُمْ بِسُكَارَى﴾ من الشراب. هذا قول جميع المفسرين. والمعنى: ترى الناس كأنهم سكارى من ذهول عقولهم لشدة ما يمر بهم يضطربون اضطراب السكران من الشراب، يدل على صحة هذا قراءة من قرأ "وتُرى الناس" بضم التاء، أي تظنهم، ولكن عذاب الله شديد" دليل على أن سكرهم من خوف العذاب". نقلت المختصر من الوسيط في تفسير القرآن العزيز: 3/ 257 - 258، وما جاء فيه قد احتواه "البسيط" جـ: 4: 2/ أ - ب.]]. ثم وصف من هول ذلك اليوم، فقال: ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾. أي بذلك اليوم، يعني فيه. قاله الفراء [["معاني القرآن" 3/ 199.]]، وأبو حاتم [[لم أعثر على مصدر لقول أبي حاتم.]]، وهذا كما قال: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1)﴾ ومعنى منفطر: منشق [[انظر مادة: (فطر) في "تهذيب اللغة" 13/ 325، و"الصحاح" 2/ 781، و"لسان العرب" 5/ 55، و"تاج العروس" 3/ 470.]]، (قال أبو عبيدة) [[ساقطة من (ع).]] قال أبو عمرو بن العلاء: السماء منفطر، ولم يقل: منفطرة؛ لأن مجازها مجاز السقف، تقول: هذا سماء البيت [[ورد قول أبي عبيدة في "مجاز القرآن" 2/ 274 بنصه، وانظر قضايا المذكر والمؤنث في مجاز القرآن. د. السيد أحمد علي: 152.]]. وقال الفراء: (السماء تؤنث وتذكر، وهي -هاهنا- في وجوه التذكير، وأنشد [[البيت لامرأة من العرب. انظر شرح أبيات "معاني القرآن" 57، ش: 111.]]: فلو رَفَع السماءُ إليه قومًا ... لَحِقْنا بالنجومِ مع السحاب [[ورد البيت في "معاني القرآن" 3/ 199، شرح أبيات "معاني القرآن" المرجع السابق، و"المذكر والمؤنث" للفراء 102 برواية: (بالسماء) بدلاً من (بالنجوم)، و"المذكر والمؤنث" لابن الأنباري: 367 رقم 383 برواية (بالسماء) بدلاً من (بالنجوم)، و"لسان العرب" 24/ 398، (سما)، و"تاج العروس" 10/ 182 (سما)، و"المذكر والمؤنث" لأبي عبيد: 153، إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم: لابن خالويه: 98، المخصص: لابن سيده: 17/ 22. وانظر أيضًا "المحرر الوجيز" 5/ 389، و"التفسير الكبير" 30/ 185، و"الجامع لأحكام القرآن " 19/ 50، و"الدر المصون" 6/ 459، و"البحر المحيط" 8/ 365، و"روح المعاني" 29/ 110. موضع الشاهد: "السماء" زعموا أنه أراد الجمع، فذكر، == وهو جمع: "سماءة" أو "سماوة"، وقال قوم: هي بمنزلة "العين" لا علامة تأنيث بها فجاز تذكيرها. انظر شرح أبيات "معاني القرآن" مرجع سابق. وأيضًا من وجوه أنها لم تؤنث الصفة: أنها على النسبة أي ذات انفطار، كمرضع وحائض. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 243. وهناك أوجه أخرى، انظر: "الدر المصون" 6/ 409 للاستزادة. وما بين القوسين من قول الفراء في "معاني القرآن" 3/ 199 بنصه. وانظر: "المذكر والمؤنث" للفراء 102.]]) قال أبو علي الفارسي: (﴿مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾) [[(منطوبة) في كلا النسختين.]] ليس البخاري على الفعل، ولكن الذي للنسب، ويجوز أن تكون السماء جميعًا، فتكون من باب (الجراد المنتشر [[[القمر: 7] ﴿يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7)﴾.]])، و (الشجر الأخضر [[[يس: 80] ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80)﴾.]])، و (أعجاز نخل منقعر [[[القمر: 20] ﴿تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20)﴾.]]) (ذكر ذلك في المسائل الحلبية [[لم أعثر على قول الفارسي في المسائل الحلبية، ولكن وجدت نحو قوله في كتابه: "التكملة" 354، قال: "وعلى النسب تأول الخليل قول الله -عز وجل-: ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ كأنه قال: ذات انفطار، ولم يرد أن يُجريه على الفعل. ثم قال: وهذه التاء إذا دخلت على هذه الصفات الجارية على أفعالها لم يتغير بناؤها عما كانت عليه قبل، وذلك نحو: قائم، وقائمة، وضارب، وضاربة". وقد ورد قول أبي علي المذكور في المتن في "الجامع لأحكام القرآن" 19/ 50.]]) [[ما بين قوسين ساقط من (أ).]]. وقوله: ﴿كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا﴾ قال مقاتل: يقول وعده بالبعث كائن [[غير واضحة في (ع).]] لابد [["تفسير مقاتل" 213/ ب.]]. قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ﴾ قال مقاتل: يعني آيات القرآن [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]. ﴿تَذْكِرَةٌ﴾ تذكير وموعظة. ﴿فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾، أي: بالطاعة والتصديق [[بياض في (ع).]]. قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ﴾ [[قوله تعالى: (أدنى من ثلثي الليل) مطموس في (ع).]] قال ابن عباس [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]، ومقاتل [["تفسير مقاتل" 213/ ب.]]: أقلّ، كقوله: ﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ﴾ [[(بالذي هو خير) ساقط من (ع).]] [البقرة: 61] [[قال الواحدي في تفسير "أدنى" البقرة: 90: "يحتمل أن تكون "أدنى" أفعل من الدنو، ومعناه: أتستبدلون الذي هو أقرب وأسهل متناولًا يشارككم في وجدانه كل أحد بالرفيع الجليل الذي خصكم الله، وبين الأثرة لكم به على جميع الناس".]]، وقد مَرَّ. قوله تعالى: ﴿وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ﴾ (عطف على قوله: (أدنى [[بياض في (ع).]]) و (أدنى) في موضع نصب [[قرأ بالنصب في "ونصفَه وثلثَه" عاصم، وحمزة، والكسائي، وابن كثير. انظر: "السبعة" 658، و"القراءات وعلل النحويين فيها" 2/ 724، و"الحجة" 6/ 336، و"الكشف عن وجوه القراءات السبع" 2/ 354، و"التبصرة" 713، و"تحبير التيسير" 194، و"البدور الزاهرة" 328.]]، والتقدير: تقوم أدنى من ثلثي الليل [[قرأ بجر "ونصفِه" أبو عمرو، ونافع، وابن عامر. انظر المراجع السابقة.]]، وتقوم نصفه وثلثه. ومن قرأ بالجر [[ما بين القوسين من الحجة لأبي علي من غير عزو: 6/ 336 - 337 بتصرف.]] حمله على الحال في قوله: ﴿مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ﴾ والمعنى: أدنى من ثلثي الليل، ومن نصفه، وثلثه) [[بياض في (ع).]]، والوجه القراءة الأولى [[قال الفراء في قراءة النصب: وهو أشبه بالصواب. "معاني القرآن" 3/ 199. وقال الطبري: والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. "جامع البيان" 29/ 140.]]. قال ابن عباس: يريد: وتقوم نصفه وثلثه [[لم أعثر على مصدر لقوله؛ غير أن لابن عباس ما يعضد أثره الحديث: أن ابن عباس بات ليلة عند ميمونة أم المؤمنين -وهي خالته- قال: فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله -ﷺ- وأهلُه في طولها، فنام رسول الله -ﷺ- حتى إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل، استيقظ رسول الله -ﷺ- فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران، ثم قام إلى شنٍّ معلقة، فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام يصلي ... " الحديث. صحيح مسلم: 1/ 526 - 527 ح: 182، صلاة المسافرين: باب 25. ورواه أبو داود في "سننه" 1/ 344، باب في صلاة الليل.]]. (وقال أبو الحسن: الذي افترض الثلث، وأكثر من الثلث [[ومعنى قوله: الذي افترض الثلث وأكثر من الثلث تفسير لمعنى أدنى من نصفه، وأدنى من ثلثه، وهو معنى من قرأ بالنصب.]]، والذين جروا كأن المعنى على قولهم: إنكم (لم) [[ساقط من (أ).]] تؤدوا ما افترض عليكم، فقمتم أدنى من ثلثي الليل، ومن نصفه، ومن ثلثه، وليس المعنى على هذا) [[ما بين القوسين نقله الواحدي عن أبي علي الفارسي من "الحجة" 6/ 337 بتصرف.]]. وقال صاحب النظم: الأقل الذي افترض عليهم: الربع، لم ينقصوا من الربع على قول من قرأ بالجر [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]. وقوله: ﴿وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾ قال ابن عباس [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]، ومقاتل [["تفسير مقاتل" 213/ ب.]]: يعني أصحابه الذين آمنوا به، كانوا يقومون معه ثلثًا ونصفًا. ﴿وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ (فيعلم مقدار ثلثه [[بياض في (ع).]]، ونصفه، وثلثيه [[في (أ): وثلثه.]]، وسائر أجزائه ومواقيته) [[و [[بياض في (ع).]] ما بين القوسين نقله الواحدي عن ابن قتيبة من "تأويل مشكل القرآن" 264.]]. ويعلم أنكم: ﴿لَنْ تُحْصُوهُ﴾ (أي لن تطيقوا معرفة حقائق ذلك، والقيام فيه) (¬7). قال مقاتل: كان الرجل يصلي الليل كله مخافة أن لا يصيب ما أمر الله به من قيام ما فرض عليه، فقال الله تعالى [[ورد قوله في "تفسير مقاتل" 213/ ب، 214/ أ، و "معالم التنزيل" 4/ 411 مختصرًا، و"التفسير الكبير" 30/ 186، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 51 - 52.]]: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [[انظر: "التبيان في إعراب القرآن" للعكبري 2/ 1248، و"البيان في غريب إعراب القرآن" لابن الأنباري 2/ 472.]] و (أن) مخففة من الثقيلة على تقدير: أنكم لن تحصوه [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]. ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾ فعاد عليكم بالعفو والتخفيف. قال ابن عباس: فعفا عنكم ما لم تحيطوا بعلمه (¬11). وقال مقاتل: فتجاوز عنكم بالتخفيف [["تفسير مقاتل" 214/ أ.]]. ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ قال ابن عباس: يريد غير النبي -ﷺ-، فسقط عن أصحاب النبي -ﷺ- قيام الليل، وصار تطوعًا، وبقي ذلك فرضًا على رسول الله [[ورد قوله في "التفسير الكبير" 30/ 187.]] (ﷺ) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]]. وقال مقاتل: فاقرؤوا ما تيسر عليكم في الصلاة من القرآن من غير أن يوقت شيئًا [["تفسير مقاتل" 214/ أ.]]. قال الحسن: يعني في صلاة المغرب والعشاء [["الكشف والبيان" 12/ 203/ ب، و"معالم التنزيل" 4/ 411، و"زاد المسير" 8/ 118، و"التفسير الكبير" 30/ 187، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 52، و"لباب التأويل" 4/ 325.]]. وقالت عائشة (رضي الله عنها) [[ساقط من (أ).]] في هذه الآية: صار قيام الليل تطوعًا بعد أن كان فرضًا [[رواية عائشة رضي الله عنها مخرجة في صحيح مسلم: 1/ 513 ح: 139 (746)، كتاب صلاة المسافرين: باب 18 من حديث طويل الشاهد فيه: أنبئيني عن قيام رسول الله -ﷺ- فقالت: ألست تقرأ: يا أيها المزمل؟ قلت: بلى. قالت: فإن الله -عز وجل- افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله -ﷺ- وأصحابه حولًا وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرًا في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف فصار قيام الليل تطوعًا بعد فريضة" الحديث. وأبو داود في "سننه" 1/ 337، باب في صلاة الليل. والنسائي في "سننه" 3/ 221 - 222 ح: 1600، == كتاب الصلاة، باب 2. وأيضًا النسائي في "تفسيره" 2/ 470 ج: 647 مختصرًا. والحاكم في "المستدرك" 2/ 504 مختصرًا جداً وصححه، ووافقه الذهبي في التلخيص. والبيهقي في "سننه" 2/ 703 ح: 4638، كتاب الصلاة، باب 593، و3/ 43 ح: 480 كتاب الصلاة، باب 643. وأحمد في "المسند" 6/ 53 - 54.]]. وروي عن الحسن [["جامع البيان" 29/ 141، و"المحرر الوجيز" 5/ 391، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 52 بمعناه.]] (والسدي [["جامع البيان" 29/ 141، و"الكشف والبيان" جـ: 12: 203/ ب، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 52، و"فتح القدير" 5/ 321، وانظر: "تفسير السدي" 465.]]) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]] في تفسير: ﴿مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ أنه مائة آية. ثم عذرهم، وذكر عذرهم، فقال: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى﴾ يعني فلا يطيقون قيام الليل. ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [[قوله (من فضل الله) ساقط من (أ).]] يعني المسافرين للتجارة يطلبون من رزق الله، فلا يطيقون قيام الليل. ﴿وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يعني المجاهدين لا يطيقون قيام الليل. ﴿وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ﴾ [[قوله (وآخرون يقاتلون في سبيل الله) ساقط من (ع).]] عليكم. ﴿مِنْهُ﴾ أي من القرآن. وقال (عبد الله بن مسلم) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]] بن قتيبة: رخّص لهم أن يقوموا ما أمكن وخفّ لغير مدة معلومة، ولا مقدار، وكان هذا في صدر الإسلام، ثم نسخ بالصلوات الخمس. (كذلك قال المفسرون [["تأويل مشكل القرآن" 264 - 265 بنصه نقله الإمام الواحدي. وقد عني بقوله: كذلك قال المفسرون: مقاتلًا؛ لأنه هو الذي قال: إن أول السورة نسختها الصلوات الخمس، وقد ذكر الرد على ذلك في موضعه فليراجع.]]) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]]. وقوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾. قال مقاتل: يعني وأتموها لوقتها، فنسخ قيام الليل عن المؤمنين، وثبت على النبي [[في (ع): ثبت على المؤمنين خاصة. ولا يستقيم الكلام بها في هذا الموضع، فلعلها سهو من الناسخ، والله أعلم.]] -ﷺ- خاصة [["تفسير مقاتل" 214/ أ.]]. وقال ابن عباس في قوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ يريد هذه فريضة عليكم في محلها، وفي أوقاتها [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]. ﴿وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾. قال ابن عباس: يريد سوى الزكاة من صلة الرحم، وقرى الضيف [["معالم التنزيل" 4/ 412، و"زاد المسير" 8/ 118، و"لباب التأويل" 4/ 325.]]. وقال مقاتل: يعني الزكاة [[بياض في (ع).]] يعطيها طيبة بها نفسه، وهو معنى قوله: (حسنًا) [["تفسير مقاتل" 214/ أ.]]. ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ﴾ قال [[يعني به مقاتلًا.]]: يعني من صدقة فريضة كانت أو تطوع [[لم أعثر على مصدر قوله.]]. ﴿تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا﴾ قال [[يعني به مقاتلًا.]]: تجدوا ثوابه في الآخرة أفضل مما أعطيتم [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]. وقال ابن عباس: تجدوه عند الله هو خيرًا وأعظم أجرًا من الذي تؤخر إلى وصيتك عند الموت [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]. وقال أبو إسحاق: وما تقدموا لأنفسكم من طاعة تجدوه خيرًا عند الله لكم من متاع الدنيا [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 244 نقله عنه بتصرف.]]، (والقول ما قال ابن عباس [[قلت: الآية عامة في كل ما يقدمه العبد من خير في الدنيا أنه أعظم أجرًا، وما يؤخره من وصية عند الموت، فهو من الخير الذي يقدمه لآخرته. قال الإمام الطبري في تفسير الآية: "وما تقدموا أيها المؤمنون لأنفسكم من نفقة في وجوه الخير، أو عمل بطاعة الله من صلاة أو صيام أو حج أو غير ذلك من أعمال الخير في طلب ما عند الله تجدوه عند الله يوم القيامة في معادكم هو خيرًا لكم بما قدمتم في الدنيا، وثوابه أعظم من ذلك الذي قدمتموه لو لم تكونوا قدمتموه". "جامع البيان" 19/ 142.]]). قوله تعالى: ﴿وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [[قوله: (إن الله غفور رحيم) ساقط من (أ).]]، أي: لذنوبكم، إن الله غفور الذنوب للمؤمنين، رحيم بهم. (قاله مقاتل [["تفسير مقاتل" 214/ أ، و"التفسير الكبير" 30/ 188.]]) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]]. وقال ابن عباس: غفور رحيم لمن لم يصر على ذنب [[لم أعثر على مصدر لقوله.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب