الباحث القرآني

﴿كَلَّا﴾ (ردع وتنبيه، أي ليس الأمر على مَا هم عليه، فليرتدعوا) [[في (أ): فليس تدعوا.]] [[ما بين القوسين من قول الزجاج انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 398.]]. وتمام الكلام هَاهنا [[أي عند قوله: "لرب العالمين كلا" فالوقف عند كلا وهو ما ذهب إليه: نصير ومحمد بن جرير قاله النحاس. انظر: "القطع والائتناف" 2/ 795. وقال أبو عمرو: يوقف عليها ردًا وزجرًا لما كانوا عليه من التطفيف. "منار الهدى في بيان الوقف والابتداء" 421، كما عزاه ابن الجوزي هذا القول إلى كثير من العلماء: "زاد المسير" 8/ 211.]]. وعند أبي حاتم "كلا" ابتداء يتصل بما بعده [[بمعنى ألا التي للتنبيه يبتدأ بها الكلام، "القطع والائتناف" 2/ 795، "منار الهدى" 421، وانظر: "علل الوقوف" للسجاوندي: 3/ 1105.]]. على معنى حقًا إن كتاب الفجار لفي سجين. وهو قول الحسن [["معالم التنزيل" 4/ 459، "التفسير الكبير" 31/ 93، "الجامع لأحكام القرآن" 19/ 255، وانظر: "النكت والعيون" -من غير عزو- 6/ 227.]]. واختلفوا في معنى: "سجين". فالأكثرون على أنه: الأرض السابعة السفلى، وهو قول قتادة [["تفسير عبد الرزاق" 2/ 355، "جامع البيان" 30/ 95، "بحر العلوم" 30/ 457، "معالم التنزيل" 4/ 458، "زاد المسير" 8/ 202، "التفسير الكبير" 31/ 93، "الدر المنثور" 8/ 444، وعزاه إلى عبد بن حميد، وعبد الرزاق.]]، ومقاتل [["تفسير مقاتل" 232/ أ، "بحر العلوم" 3/ 457، "زاد المسير" 8/ 202.]]، ومجاهد [["جامع البيان" 30/ 95، "معالم التنزيل" 4/ 458، "زاد المسير" 8/ 202، "التفسير الكبير" 31/ 93، "الدر المنثور" 8/ 444 وعزاه أيضًا إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]، والضحاك [[المراجع السابقة عدا "الدر المنثور".]]، وابن زيد [[المراجع السابقة عدا "معالم التنزيل"، و"الدر المنثور".]]، (ومُغِيث بن سُمَيّ [[مُغِيِثْ بن سُمَيّ الأوزاعي، أبو أيوب الشامي، روى عن عبد الله بن الزبير، وعنه جَبَلَة بن سُحَيْم، ثقة، روى له ابن ماجه، من تابعي أهل الشام. انظر: "كتاب الثقات" لابن حبان: 5/ 447، "حلية الأولياء" 6/ 67: ت 329، "تهذيب الكمال" 28/ 348: ت 6121.]] [[ورد قوله في "جامع البيان" 30/ 94.]]، وعبد الله بن عمرو [[ورد قوله في "معالم التنزيل" 4/ 458، "الدر المنثور" 8/ 444 وعزاه إلى عبد بن حميد.]]، وابن عباس [["التفسير الكبير" 31/ 93، "الدر المنثور" 8/ 444 وعزاه إلى ابن أبي حاتم.]] في رواية عطاء) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]]. وروي ذلك مرفوعًا من طريق البراء بن عازب أن النبي -ﷺ- قال: "سجين أسفل سبع أرضين" [[أخرجه الإمام أحمد في "المسند" 4/ 287 - 288، من حديث طويل في صفة قبض الروح، والنسائي في: "الكبرى" والحاكم في "المستدرك" 1/ 37 - 38: كتاب الإيمان: ذكر فيه اكتبوا كتابه في سجين، وابن أبي شبة في: "المصنف" 3/ 54 - 55: ح 12059: في نفس المؤمن كيف تخرج ونفس الكافر، والرواية كما جاءت عنده: اكتبوا كتاب عبدي في سجين في الأرض السفلى وأعيدوه إلى الأرض، كما أخرجه البيهقي في: عذاب القبر وابن تيمية في: "مجموع الفتاوى" 4/ 290 - 292، وقال هو حديث حسن ثابت. وأخرجه أيضًا الطبري في "جامع البيان" 30/ 96، "الكشف والبيان" ج 13: 53/ أ، "تفسير القرآن العظيم" 4/ 517، وقال ابن كثير وفيه: اكتبوا كتابه من سجين من حديث البراء الطويل، وسجين هي صخرة تحت الأرض السابعة، "الدر المنثور" 8/ 444 عن عائشة عن النبي -ﷺ- وعزاه إلى ابن مردوية.]]. قال عطاء الخراساني: وفيها إبليس وذريته [["الكشف والبيان" ج 13: 53/ ب، "معالم التنزيل" 4/ 459، "المحرر الوجيز" 5/ 451 من غير عزو، "التفسير الكبير" 31/ 93، "الجامع لأحكام القرآن" 19/ 255.]]. وروى أبو هريرة أن النبي -ﷺ- قال: "سجين جُب في جهنم" [[ورد بنحوه في "جامع البيان" 30/ 95 - 96، "الكشف والبيان" ج 13: 53/ ب، "النكت والعيون" 6/ 228، "معالم التنزيل" 4/ 459، "التفسير الكبير" 31/ 93، "الجامع لأحكام القرآن" 19/ 256، "لباب التأويل" 4/ 360، "تفسير القرآن العظيم" 4/ 517، وقال ابن كثير عنه: وقد روى ابن جرير حديثًا غريبًا منكرًا لا يصح. ثم ساق الحديث المذكور، وفي الإسناد الذي ذكره الطبري مسعود بن موسى بن مسكان الواسطى قال عنه ابن حجر: قال العقيلي إسماعيل وهو من روى عنه لا يعرف ومسعود نحو منه: "لسان الميزان" 6/ 27. وفيه شعيب بن صفوان بن الربيع الثقفي قال عنه ابن حجر إنه مقبول. -قلت أي ضعيف-. وعن يحيى بن == معين أنه قال شعيب بن صفوان: لا شيء. وعن أبي حاتم قال: شعيب بن صفوان يكتب حديثه ولا يحتج به. الخلاصة: أن سند الرواية ضعيف لوجود مسعود بن موسى وشعيب بن صفوان والله أعلم.]] وقال الكلبي: سجين صخرة تحت الأرض السَابعة [["الكشف والبيان" ج 13/ 53/ ب، "معالم التنزيل" 4/ 459.]]. وهو قول مجاهد [["جامع البيان" 30/ 96، "بحر العلوم" 3/ 457، "الكشف والبيان" ج 13: 54/ أ، النكت والعيون: 6/ 228، "معالم التنزيل" 4/ 459، "التفسير الكبير" 31/ 93، "الجامع لأحكام القرآن" 19/ 255.]] (في رواية ابن أبي نجيح) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]]. وقال عكرمة: (لفي سجين) لفي خسارة [["بحر العلوم" 3/ 457، "الكشف والبيان" ج 13: 54/ أ، "النكت والعيون" 6/ 227، "معالم التنزيل" 4/ 459، "المحرر الوجيز" 5/ 451، "زاد المسير" 8/ 202، "التفسير الكبير" 31/ 93، "الجامع لأحكام القرآن" 19/ 256، "البحر المحيط" 8/ 440، "الدر المنثور" 8/ 445 وعزاه إلى ابن المنذر.]]. هذا مَا ذكره المفسرون في تفسير (سجين). وقال [[في (أ): فقال.]] أبو عبيدة [["مجاز القرآن" 2/ 289 بنصه، والنص لأبي عبيدة.]]، والمبرد [["التفسير الكبير" 31/ 93.]] ﴿لَفِي سِجِّينٍ﴾ لفي حبس [[في (أ): جهس.]]. وهو فِعّيْل من السجن، كما تقول: فسِّيق من الفِسق. ونحو هذا حكى الزجاج عن أهل اللغة [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 298.]]. ولم يزد من تكلم في معاني القرآن من أهل اللغة على هذا [[قال الأخفش: لفي حبس ضيق شديد، وهو فعيل من السجن كما يقال: فسبق وشريب، وانظر: "ما تلحن فيه العامة" للكسائي: 113، "الكشف والبيان" ج 13/ 54/ أ.]]. وليس هذا بكاف ولا مقنع؛ لأنه غير موافق لما ذكره المفسرون بوجه، ولأنه لو كان من السجن لكان معناه الذي يكثر منه السجن، كالفسيق، والشريب، وبابه كما قيل في بيت ابن مُقْبل [[تقدم ترجمته في سورة البقرة.]]. ضَرْبًا تواصتْ به الأبْطالُ سِجِّينا [[وصدر البيت كما في الديوان: وَرَجْلَةِ يَضْربونَ البيض عَن عُرُضٍ وقد ورد البيت في: ديوانه: 136: تح: د. تورك برواية: تَواصى به بدلًا تواصت به، مادة: (سجن): "تهذيب اللغة" 10/ 595،"الصحاح" 5/ 133، "لسان العرب" 3/ 203، "تاج العروس" 9/ 231.]] (هو فعيل من السجن كَأنه يلبث من وقع به فلا يبرح مكانه، وقال أبو عمرو: السجين في هذا البيت الشديد. وأما ابن الأعرابي فإنه رواه: سِخيِنًا، أي سُخْنًا) [[سُخْنًا أي الضّرْبَ، "تهذيب اللغة" 10/ 595: مادة: (سجن).]] [[ما بين القوسين نقلة عن "تهذيب اللغة" المرجع السابق.]] فإذًا ليس السجِّين المذكور في القرآن من كلام العرب، وما كانت تعرفه [[وقد جمع بعض من المفسرين بين المعنيين، أي بين القول أنها اسم للأرض السابعة السفلى، وبين القول أنها فعيل من السجن، من هؤلاء: ابن جرير الطبري، والماوردي، والزمخشري، وابن كثير، وابن تيميه.= انظر: "جامع البيان" 30/ 94، "النكت والعيون" 6/ 228، "الكشاف" 4/ 195، "تفسير القرآن العظيم" 4/ 517 - 518، "مجموع الفتاوى" 25/ 196، ورد الإمام الشوكاني على ما ذكره الإمام الواحدي من أن سجين ليس بلفظ عربي قال: ويجاب عنه بأن رواية هؤلاء الأئمة تقوم بها الحجة وتدل على أنه من لغة العرب، واستشهد عليه ببيت ابن مقبل. "فتح القدير" 5/ 399.]]، وهو على ما قاله المفسرون، والمعنى: إن كتاب عملهم لا يُصَعد به إلى السماء كما يصعد بكتاب المؤمن وهو قوله: ﴿إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: 18]، وإنما يوضع تحت الأرض السابعة، وذلك علامة خسارهم ودليل على خساسة منزلتهم. وهذا معنى ما ذكره ابن عباس عن كعب لما سَأله عن تفسير سجين [["جامع البيان" 30/ 94، وكان جواب كعب، أما سجين فإنها الأرض السابعة السفلى وفيها أرواح الكفار تحت حد إبليس، وفي رواية أخرى: قال: إن روح الفاجر يُصعد بها إلى السماء فتأبى السماء تقبلها وُيهبط بها إلى الأرض فتأبى الأرض أن تقبلها فتهبط فتدخل تحت سبع أرضين حتى ينتهي بها إلى سجين وهو حد إبليس فيخرج لها من سجين من تحت حد إبليس رَقّ فيرقم ويختم يوضع تحت خد إبليس بمعرفتها الهلاك إلى يوم القيامة، وانظر أيضا: "الكشف والبيان": ج 13: 53/ أ - ب، "معالم التنزيل" 4/ 459، "الجامع لأحكام القرآن" 19/ 255، "لباب التأويل" 4/ 360، "الدر المنثور" 8/ 443، وعزاه إلى ابن المبارك في: الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر.]]، ومن قال إنه: صخرة تحت الأرض السَابعة قال: فقلت تلك الصخرة فيجعل كتاب الكفار إذا مَات تحتها. ذكره ابن أبي نجيح عن مجاهد [[سبق ذكره في أول تفسير هذه الآية.]]، والكلبي [[سبق ذكره في أول تفسير هذه الآية.]]. والدليل على أن سجين ليس مما كانت العرب تعرفه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب