الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ﴾ قال عطاء عن ابن عباس: يريد عتبة بن ربيعة، وأبا حذيفة بن المغيرة [["زاد المسير" 8/ 246، "الجامع لأحكام القرآن" 20/ 51.]]. وقال الكلبي: هو الكافر أبي بن خلف [["زاد المسير" 8/ 246، كما ورد بمثله من غير عزو في "بحر العلوم" 3/ 477، "الجامع لأحكام القرآن" 20/ 51.]]. وقال مقاتل: نزلت في أمية بن خلف [["تفسير مقاتل" 239 ب، "بحر العلوم" 3/ 477، "معالم التنزيل" 4/ 485 عند تفسير: "ربي أهانن"، "زاد المسير" 8/ 246.]]. وقوله: ﴿إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ﴾ اختبره بالغنى [[في (أ): (بالغنا).]] واليسر [[بنحوه قال أكثر المفسرين: انظر "جامع البيان" 30/ 181، "معاني القرآن وإعرابه" 91 أ، "بحر العلوم" 3/ 477، "الكشف والبيان" 13/ 90 ب، وانظر: "معالم التنزيل" 4/ 84، "الجامع لأحكام القرآن" 20/ 51، "لباب التأويل" 4/ 377.]]. ﴿فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ﴾ رزقه وأنعم عليه. قال أهل المعاني: وليس هذا من الإكرام الذي هو (نقيض الهوان، ولكنه من الإكرام الذي هو) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]] إعطاء الخير، والمال، والحظ من الدنيا، والله تعالى يعطي الكافر الحظ من الدنيا، وليس بمكرم له [[لم أعثر على مصدر لقولهم.]]. وقوله: ﴿فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ﴾ قال مقاتل: فضلني بما أعطاني؛ ظن أن ما أعطاه من الدنيا لكرامته عليه [[ورد معنى قوله في "تفسير مقاتل" 239 ب.]]. وهذا معنى قول ابن عباس قال: هذه كرامة من الله لي [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]. ﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ﴾ بالفقر. ﴿فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ﴾ ضيق الله عليه بأن جعل على مقداره البلغة، قال: هذا هوان من الله لي. وهو قوله: ﴿فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ﴾ (أي أذلني بالفقر، ولم يشكر الله على ما وهب له من السلامة في جوارحه ورزقه من العافية) [[ما بين القوسين نقله عن "الكشف والبيان" 13/ 91 أبيسير من التصرف.]]، وهذا معنى قول الكلبي: لا يشكره في الفقر كما يشكره في الغنى [[في (أ): (الغنا).]] [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]. قال أبو إسحاق: وهذا يعني به الكافر الذي لا يؤمن بالبعث، إنما الكرامة عنده والهوان بكثرة الحظ في الدنيا وقلته، وصفة المؤمن أن الإكرام عند توفيق الله إياه إلى ما يؤديه إلى الآخرة [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 323 بيسير من التصرف.]]، ولهذا رد لله على الكافر فقال: (كلا) [[﴿كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ﴾.]] (أي ليس الأمر كما يظن) [[ما بين القوسين نقلاً من: "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 323.]] قال مقاتل: يقول الله: (كلا) لم أبتله بالغنى لكرامته علي، ولم أبتله لهوانه [["تفسير مقاتل" 239 ب، "زاد المسير" 8/ 246، وورد بمثله معزوًا إلى قتادة في "بحر العلوم" 3/ 477، وغير معزو في "معالم التنزيل" 4/ 485.]]، أي لم يعلم هذا الإنسان أن الغنى والفقر من قضاء الله؛ ليس من الكرامة، ولا الهوان، فقوله: (كلا) رد لتوهم من ظن أن سعة الرزق إكرام الله، وأن الفقر إهانة، فإن الله يوسع على الكافر لا لكرامته عليه، ويقتر على المؤمن لا لهوانه [["الكشف والبيان"ج 13/ 91 أ، "معالم التنزيل" 4/ 485، "لباب التأويل" 4/ 377.]]، (وهذا معنى قول ابن عباس [["التفسير الكبير" 31/ 172.]]، وقتادة [["جامع البيان" 30/ 182.]]) [[ما بين القوسين ساقط من (أ).]]. قال الفراء: معنى (كلا) لم يكن ينبغي أن يكون هكذا، ولكن يحمده على الغنى والفقر [["معاني القرآن" 3/ 261 بنصه.]]. ثم أخبر عن الكفار فقال: (قوله) [[ساقط من (أ).]]: ﴿بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيم﴾. (قرأ أبو عمرو ﴿يكرمون﴾ ومَا بعدها [[أي قوله تعالى: ﴿تَحَاضُّونَ﴾ و ﴿تَأْكُلُونَ﴾ و ﴿تُحِبُّونَ﴾ سورة الفجر: 18 - 20.]] بالياء [[قرأ بذلك أيضًا يعقوب بياء الغيبة في الأربعة مع ضم الحاء في ﴿تَحَاضُّونَ﴾ == وبغير ألف: "يَحُضُّون". انظر: "السبعة في القراءات" 685، "القراءات وعلل النحويين فيها" 2/ 773، "الحجة" 6/ 409، "المبسوط" 407، "حجة القراءات" 762، "الكشف" 2/ 372، "البدور الزاهرة" 340.]]، وذلك أنه لما تقدم ذكر الإنسان، وكان يراد به الجنس، والكثرة، وهو على لفظ الغيبة حمل ﴿يكرمون﴾ و ﴿يحبون﴾، و ﴿يأكلون﴾ عليه، ولا يمتنع في هذه الأسماء الدالة على الكثرة [[في (أ): (للكثر).]] أن تحمل مرة على اللفظ، وأخرى على المعنى، كقوله: ﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ﴾ [[في (أ): (وهم).]] [الأعراف: 4]. ومن قرأ بالتاء [[قرأ بذلك نافع، وابن كثير، وابن عامر بتاء الخطاب في الأفعال الأربعة مع ضم الحاء في "ولا تَحُضُّون". وقرأ: عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف، وأبو جعفر، بتاء الخطاب في الأربعة مع فتح الحاء، وألف بعدها مع المد المشبع في "ولا تحاضون". قلت: والقراءة التي تخص موضعنا هي قراءة أبي عمرو كله بالياء في "يكرمون"، و"يحاضون"، و"يأكلون"، و"يحبون"، وقرأ الباقون كله بالتاء. وانظر: "السبعة في القراءات" 685، "القراءات في علل النحويين فيها" 2/ 773، "الحجة" 6/ 409، "المبسوط" 407.]] (فعلى: قل لهم ذلك) [[ما بين القوسين نقلاً عن "الحجة" 6/ 409 بتصرف.]] قال مقاتل: كان قُدَامَة بن مظعون [[تقدمت ترجمته في سورة النساء.]] يتيمًا في حجر أمية بن خلف، وكان يدفعه عن حقه [["معالم التنزيل" 4/ 485، "التفسير الكبير" 31/ 172، "الجامع لأحكام القرآن" 20/ 52، "لباب التأويل" 4/ 377، والذي ورد عنه في تفسيره أن الأمر ليس كما قال أمية بن خلف بل يعني أنهم لا يكرمرن اليتيم ولا يحضون على طعام المسكين لأنهم لا يرجون بها الآخرة 239 ب.]]. قال الكلبي: لا يعرفون صلة اليتيم [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]. وهذا يحتمل معنيين: أحدهما [[وهناك احتمالات أخرى ذكرها الفخر الرازي في "التفسير الكبير" 31/ 173.]]: أنهم لا يبرونه، ولا يعطونه، ولا يحسنون إليه. والثاني: أنهم لا يعطونه الميراث على ما جرت به عادتهم من حرمان اليتيم ما كان من الميراث، ويدل على هذا المعنى قوله: ﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ﴾، ويدل على المعنى الأول: قوله:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب