قوله تعالى: {الذين استجابوا} : فيه ستة أوجه، أحدها: أنه مبتدأ، وخبره قوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ واتقوا أَجْرٌ} . وقال مكيّ هنا: «وخبرُه {مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ القرح} » . وهذا غلطٌ لأنَ هذا ليس بمفيد البتة، بل «مِنْ بعد» متعلِّقٌ باستجابوا. والثاني: خبر مبتدأ مضمر أي: هم الذين. والثالث: أنه منصوبٌ بإضمار «أعني» . وهذان الوجهان يَشْملُهما قولُك «القطع» . الرابع: أنه بدل من «المؤمنين» . الخامس: أنه بدل من «الذين لم يلحقوا» قاله مكي. السادس: أنه بدلٌ من «المؤمنين» . ويجوز فيه وجهٌ سابع: وهو أن يكون نعتاً لقوله: «الذين لم يلحقوا» قياساً على جَعْلِه بدلاً منهم عند مكي. و «ما» في «بعدما أصابَهم» مصدريةٌ، و «للذين أحسنوا» خبرٌ مقدم.
و «منهم» فيه وجهان، أحدُهما: أنه حالٌ من الضمير في «أحسنوا» وعلى هذا ف «مِنْ» تكون تبعيضيةً. والثاني: أنها لبيان الجنس. قال الزمخشري: «مثلُها في قوله: {وَعَدَ الله الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات مِنْهُم} [الفتح: 29] لأنَّ الذين استجابوا قد أحسنوا كلُّهم واتقوا لا بعضُهم» . و «أجرٌ» مبتدأ مؤخر، والجملة من هذا المبتدأ وخبره: إمَّا مستأنفة أو حالٌ إن لم نُعْرِبْ الذين استجابوا مبتدأ، وإمَّا خبرٌ إنْ أعربناه مبتدأ كما تقدَّم تقريره.
{"ayah":"ٱلَّذِینَ ٱسۡتَجَابُوا۟ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِنۢ بَعۡدِ مَاۤ أَصَابَهُمُ ٱلۡقَرۡحُۚ لِلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ مِنۡهُمۡ وَٱتَّقَوۡا۟ أَجۡرٌ عَظِیمٌ"}