قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الملائكة} : إنْ شِئْتَ جَعَلْتَ هذا الظرفَ نَسَقاً على الظرفِ قبلَه وهو قولُهُ: {إِذْ قَالَتِ امرأت عِمْرَانَ} وإنْ شِئْتَ جَعَلْته منصوباً بمقدَّر قاله أبو البقاء.
وقرأ عبدُ الله بن مسعود وابن عمر: «وإذ قال الملائكة» دونَ تاءِ تأنيث، وتوجيهُ ذلك تقدَّم في {فَنَادَاهُ الملائكة} . ومعمولُ القولِ الجملةُ المؤكَّدَةُ بإنَّ مِنْ قَوْلِهِ: {إِنَّ الله اصطفاك} ، وكَرَّر الاصطفاءَ رفعاً مِنْ شأنِهِا.
قال الزمخشري: «اصطفاكِ أولاً حين تَقَبَّلَكِ مِنْ أُمِّك ورَبَّاك واخْتَصَّكِ بالكرامَةِ السَّنِيَّة، واصطفاكِ آخِراً على نساءِ العالمين بأَنْ وَهَبَ لكِ عيسى من غَيْرِ أَبٍ ولم يكنْ ذلك لأحدٍ من النساء»
واصْطَفَى: افْتَعَلَ من الصَّفْوَة، أُبْدِلَتْ التاءُ طاءً لأجلِ حرفِ الإِطْبَاقِ وقد تقدَّم تقريرُه في البقرة، وتقدَّم سببُ تعدِّية ب «على» ، وإن كان أصلُ تعديتِهِ ب «مِنْ» . وقال أبو البقاء: «وكَرَّر اصطفى: [إمَّا] توكيداً، وإمَّا ليبيِّن مَنِ اصطفاها عليهنَّ» ، وقال الواحدي: «وكَرَّر الاصطفاءَ لأنَّ كِلا الاصطفائين يختلفُ معناهما، فالاصطفاء الأول عمومٌ يدخُل فيه صوالحُ النساءِ، والثاني اصطفاء بما اختصَّتْ به من خصائِصِها.
{"ayah":"وَإِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ یَـٰمَرۡیَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصۡطَفَىٰكِ عَلَىٰ نِسَاۤءِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"}