قوله: {وَيَرَى الذين أُوتُواْ العلم} : فيه وجهان، أحدهما: أنه عطفٌ على «ليَجْزِيَ» قال الزمخشري: «أي: وليعلمَ الذين أُوتُوا العِلْمَ عند مجيءِ الساعة» . قلت: إنما قَيَّده بقولِه: «عند مجيءِ السَّاعةِ» لأنه عَلَّق «ليجزيَ» بقوله: «لتأتينَّكم» ؛ فبنى هذا عليه، وهو من أحسنِ ترتيب. والثاني: أنه مستأنَفٌ أخبر عنهم بذلك، و «الذي أُنْزِلَ» هو المفعول الأولُ و «هو» فصلٌ و «الحقَّ» مفعولٌ ثانٍ؛ لأنَّ الرؤيةَ عِْلمية.
وقرأ ابن أبي عبلة «الحقُ» بالرفع على أنه خبرُ «هو» . والجملةُ في موضعِ المفعول الثاني وهو لغةُ تميمٍ، يجعلون ما هو فصلٌ مبتدأً، و «مِنْ رَبِّك» حالٌ على القراءتين.
قوله: «ويَهْدِي» فيه أوجهٌ، أحدها: أنه مستأنفٌ. وفي فاعله احتمالان، أظهرهما: أنه ضميرُ الذي أُنْزِل. والثاني: ضميرُ اسمِ الله ويَقْلَقُ هذا لقولِه إلى صراط العزيز؛ إذ لو كان كذلك لقيل: إلى صراطه. ويُجاب: بأنه مِنْ الالتفاتِ، ومِنْ إبرازِ المضمر ظاهراً تنبيهاً على وَصْفِه بها بين الصفتين.
الثاني من الأوجه المتقدمة: أنه معطوفٌ/ على موضع «الحقَّ» و «أَنْ» معه مضمرةٌ تقديره: هو الحقَّ والهداية.
الثالث: أنه عطفٌ على «الحق» عطفُ فعلٍ على اسم لأنه في تأويلِه كقوله تعالى: {صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} [الملك: 19] أي: وقابضاتٍ، كما عُطِفَ الاسمُ على الفعلِ لأن الفعلَ بمعناه.
كقول الشاعر:
3715 - فأَلْفَيْتُه يوماً يُبير عدوَّه ... وبحرَ عطاءٍ يستخِفُّ المعابرا
كأنه قيل: ولِيَروْه الحقَّ وهادياً.
الرابع: أنَّ «ويَهْدي» حالٌ من «الذي أُنْزِل» ، ولا بُدَّ من إضمارِ مبتدأ أي: وهو يَهْدي نحو:
3716 -. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ...
نَجَوْتُ وأَرْهَنُهُمْ مالِكا
وهو قليلٌ جداً.
{"ayah":"وَیَرَى ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَیَهۡدِیۤ إِلَىٰ صِرَ ٰطِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَمِیدِ"}