قوله: {عِزِينَ} : حالٌ من «للذين كفروا» وقيل: حالٌ من الضمير في «مُهْطِعين» ، فتكون حالاً متداخلةً. و «عن اليمين» يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ ب «عِزين» لأنه بمعنى متفرِّقين، قاله أبو البقاء، وأَنْ يتعلَّقُ بمُهْطِعين، أي: مُسْرِعِين عن هاتَيْن الجهتَين، وأَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ، أي: كائنين عن اليمين، قاله أبو البقاء. وعِزِيْن جمعُ «عِزَة» والعِزَةُ: الجماعة، قال مكي: «وإنما جُمِع بالواوِ/ والنونِ لأنه مؤنثٌ لا يَعْقِلُ؛ لكونَ ذلك عِوَضاً مِمَّا حُذِفَ منه. قيل: إنَّ أصلَه عِزْهَة، كما أنَّ أصلَ سَنَةَ سَنْهَة ثم حُذِفَتِ الهاءُ» انتهى. قوله: «لا يَعْقِلُ» سهوٌ لأنَّ الاعتبارَ بالمدلولِ، ومدلولُه بلا شك عقلاءُ.
واختلفوا في لام «عِزَة» على ثلاثةِ أقوالٍ، أحدُها: أنَّها واوٌ مِنْ عَزَوْتُه أَعْزُوْه، أي: نَسَبْتُه؛ وذلك أنَّ المنسوبَ مضمومٌ إلى المنسوبِ إليه، كما أنَّ كلَّ جماعةٍ مضمومٌ بعضُها إلى بعضٍ. الثاني: أنَّها ياءٌ، إذ يُقال: عَزَيْتُه بالياء، أَعْزِيْهِ بمعنى: عَزَوْته، فعلى هذا في لامِها لغتان، الثالث: أنها هاءٌ، ويُجْمَعُ تكسيراً على عِزَىً نحو: كِسْرة وكِسَر، واسْتُغْنِي بهذا التكسيرِ عن جمعِها بالألفِ والتاءِ، فلم يقولوا: عِزات كما لم يقولوا في شَفَة وأَمَة: شِفات ولا إمات استغناءً بشِفاهٍ وإماءٍ، وقد كَثُرَ ورودُه مجموعاً بالواوِ والنون. قال الراعي:
4332 - أخليفةَ الرحمنِ إنَّ عَشيرتي ... أَمسَوْا سَوامُهُمُ عِزِيْنَ فُلُوْلا
وقال الكميت:
4333 - ونحن وجَنْدَلٌ باغٍ تَرَكْنا ... كتائبَ جَنْدَلٍ شَتَّى عِزِيْنا وقال عنترة:
4334 - وقِرنٍ قد تَرَكْتُ لِذي وَلِيٍّ ... عليه الطيرُ كالعُصَبِ العِزِيْن
وقال آخر:
4335 - ترانا عنده والليلُ داجٍ ... على أبوابِه حِلَقاً عِزِيْنا
وقال آخر:
4336 - فلما أَنْ أَتَيْنَ على أُضاخٍ ... تَرَكْنَ حَصاه أَشْتاتاً عِزينا
والعِزَةُ لغةً: الجماعةُ في تَفْرِقَةً. هذا قولُ أبي عبيدة. وقال الأصمعيُّ: «العِزُون: الأصناف. يقال: في الدار عِزُون، أي: أصناف» وقال غيرُه: الجماعةُ اليسيرةُ كالثلاثةِ والأربعةِ. وقال الراغب: «وقيل: هو مِنْ قولِهم: عَزِيَ عَزاءً فهو عَزٍ إذا صَبَرَ، وتَعَزَّى: تَصَبَّر، فكأنها اسمٌ للجماعة التي يتأسَّى بعضُهم ببعض.
{"ayah":"عَنِ ٱلۡیَمِینِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِینَ"}