الباحث القرآني

﴿مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ﴾ يعني نزغاته ووساوسه، وقيل: يعني الجنون، واللفظ أعم من ذلك ﴿أَن يَحْضُرُونِ﴾ معناه أن يكونوا معه، وقيل: يعني حضورهم عند الموت ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ﴾ قال ابن عطية: حتى هنا حرف ابتداء: أي ليست غاية لما قبلها، وقال الزمخشري: حتى تتعلق بيصفون: أي لا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت ﴿قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ﴾ يعني الرجوع إلى الدنيا، وخاطب به مخاطبة الجماعة للتعظيم، قال ذلك الزمخشري وغيره، ومثله قول الشاعر: ألا فارحمون يا آل محمد وقيل إنه نادى ربه ثم خاطب الملائكة ﴿فِيمَا تَرَكْتُ﴾ قيل: يعني فيما تركت من المال، وقيل: فيما تركت من الإيمان فهو كقوله: ﴿أَوْ كَسَبَتْ فِيۤ إِيمَانِهَا خَيْراً﴾ [الأنعام: ١٥٨]، والمعنى أن الكافر رغب أن يرجع إلى الدنيا ليؤمن ويعمل صالحاً في الإيمان الذي تركه أول مرة ﴿كَلاَّ﴾ ردع له عما طلب ﴿إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا﴾ يعني قوله: ﴿رَبِّ ٱرْجِعُونِ﴾ ﴿لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً﴾ فسمى هذا الكلام كلمة وفي تأويل معناه ثلاثة أقوال: أحدها أن يقول هذه الكلمة لا محالة لإفراط ندمه وحسرته فهو إخبار بقوله والثاني أن المعنى أنها كلمة يقولها ولا تنفعه ولا تغني عنه شيئاً، والثالث أن يكون المعنى أنه يقولها كاذباً فيها، ولو رجع إلى الدنيا لم يعمل صالحاً ﴿وَمِن وَرَآئِهِمْ﴾ أي فيما يستقبلون من الزمان والضمير للجماعة المذكورين في قوله جاء أحدهم ﴿بَرْزَخٌ﴾ يعني المدة التي بين الموت والقيامة، وهي تحول بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا وأصل البرزخ الحاجز بين شيئين ﴿فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ﴾ المعنى أنه ينقطع يومئذ التعاطف والشفقة التي بين القرابة؛ لاشتغال كل أحد بنفسه كقوله: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ﴾ [عبس: ٣٤-٣٥] فتكون الأنساب كأنها معدومة ﴿وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ﴾ أي لا يسأل بعضهم بعضاً لاشتغال كل أحد بنفسه، فإن قيل: كيف الجمع بين هذا وبين قوله ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ﴾ [الطور: ٢٥] فالجواب أن ترك التساؤل عند النفخة الأولى ثم يتساءلون بعد ذلك، فإن يوم القيامة يوم طويل فيه مواقف كثيرة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب