وقوله تعالى: وَقالَ ارْكَبُوا فِيها: أي: وقال نوحٌ لمن معه: اركبوا فيها، وقوله:
بِسْمِ اللَّهِ يصحُّ أنْ يكون في موضع الحال في ضمير ارْكَبُوا، أي: اركبوا متبرِّكين باسم اللَّه، أو قائلين: باسم اللَّه، ويجوزُ أن يكون: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها جملةً ثانيةً من مبتدإٍ وخبرٍ، لا تعلُّق لها بالأولَى كأنه أمرهم أولاً بالركوب، ثم أخبر أن مجراها ومرساها باسم اللَّه. قال الضَّحَّاك: كان نوحٌ إِذا أراد جَرْيَ السفينة، جَرَتْ، وإِذا أَراد وقوفَها، قال: باسم اللَّه، فتقف [[أخرجه الطبري (7/ 45) برقم: (18201) ، وذكره ابن عطية (3/ 172) ، والبغوي في «تفسيره» (2/ 385) برقم: (41) .]] ، وقرأ الجمهور [[وحجة من فتح الميم قوله سبحانه بعدها: «وهي تجري بهم في موج كالجبال» ، ولم يقل: تجرى.]] بضم الميم من «مجراها ومرساها» على معنى إِجرائها وإِرسائها، وقر الأَخَوَان حَمْزَةُ والكِسَائيُّ وحفصٌ بفتح ميمٌ «مَجْريهَا» وكسر الراء، وكلُّهم ضمَّ الميم في «مُرْسَاهَا» .
ت: قوله: «وكسر الراء» : يريد إِمالتها، وفي كلامِهِ تسامُحٌ، ولفظُ البخاريِّ:
مُجْرَاها: مَسِيرُها، ومُرْسَاها: مَوْقِفُها، وهو مصدرُ: أُجْرَيْتُ وأَرْسَيْتُ. انتهى.
قال النوويُّ: ورُوِّيَنا في «كتاب ابن السُّنِّيِّ» بسنده، عن النبيِّ ﷺ أنَّهُ قَالَ: «أَمَانٌ لأُمَّتي مِنَ الغَرَقِ، إِذَا رَكِبُوا أَنْ يَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ... الآية [الأنعام: 91] » [[أخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» (501) من حديث الحسين بن علي.
وفي سنده جبارة بن المغلس، ويحيى بن العلاء، ومروان بن سالم، والأول: ضعيف، والثاني والثالث: متهمان بالوضع.
وأخرجه أبو يعلى (12/ 152) رقم: (6781) : حدثنا جبارة، ثنا يحيى بن العلاء، عن مروان بن سالم، عن طلحة بن عبيد الله، عن الحسين بن علي به.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 135) وقال: رواه أبو يعلى عن شيخه جبارة بن المغلس، وهو ضعيف اه. وذكره الحافظ في «المطالب العالية» (3/ 237) رقم: (3365) ، وعزاه لأبي يعلى، وقال:
فيه ضعف.
والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 602) ، وزاد نسبته إلى الطبراني، وابن عدي، وأبي الشيخ، وابن مردويه.
وللحديث شاهد من حديث ابن عباس بلفظ حديث الحسين بن علي، ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 602- 603) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه.]] ، هكذا هو في النُّسَخ: «إِذَا رَكِبُوا» ، ولم يقلْ: «في السفينة» انتهى.
وقوله: وَكانَ فِي مَعْزِلٍ أي: في ناحيةٍ، أي: في بُعْدٍ عن السفينة، أوْ عن الدِّين، واللفظ يعمُّهما.
وقوله: وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ: يحتمل أنْ يكون نهياً محضاً مع علمه بأَنَّه كافرٌ، ويحتمل أنْ يكون خَفِيَ عليه كُفْره والأول أبْيَنُ.
وقوله: لاَ عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ: الظاهر أنّ لا عاصِمَ اسم فاعِلٍ على بابه، وقوله: إِلَّا مَنْ رَحِمَ: يريد: إِلا اللَّهَ الرَّاحِمَ، ف «مَنْ» كنايةٌ عن اللَّه، المعنى: لا عاصِمَ اليَوْم إِلا الذي رحمنا.
{"ayahs_start":41,"ayahs":["۞ وَقَالَ ٱرۡكَبُوا۟ فِیهَا بِسۡمِ ٱللَّهِ مَجۡرٜىٰهَا وَمُرۡسَىٰهَاۤۚ إِنَّ رَبِّی لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ","وَهِیَ تَجۡرِی بِهِمۡ فِی مَوۡجࣲ كَٱلۡجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِی مَعۡزِلࣲ یَـٰبُنَیَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ","قَالَ سَـَٔاوِیۤ إِلَىٰ جَبَلࣲ یَعۡصِمُنِی مِنَ ٱلۡمَاۤءِۚ قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلۡیَوۡمَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَۚ وَحَالَ بَیۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِینَ"],"ayah":"۞ وَقَالَ ٱرۡكَبُوا۟ فِیهَا بِسۡمِ ٱللَّهِ مَجۡرٜىٰهَا وَمُرۡسَىٰهَاۤۚ إِنَّ رَبِّی لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}