وقوله تعالى: قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا الآية: المعنى: تالله لا تفتأ فتحذف «لا» في هذا الموضع من القَسمِ لدلالة الكلام عليها فمن ذلك قول امرئ القيس: [الطويل]
فَقُلْتُ يَمِينَ اللَّهِ أَبْرَحُ قَاعِداً ... وَلَوْ قَطَعُوا رَأْسِي لَدَيْكِ وَأَوْصَالِي [[ينظر البيت في: «ديوانه» ص: (32) ، و «خزانة الأدب» (9/ 238- 239) ، (10/ 43- 44- 45) ، و «الخصائص» (2/ 284) ، و «الدر» (4/ 212) ، و «شرح أبيات سيبويه» (2/ 220) ، و «شرح التصريح» (1/ 185) ، و «شرح شواهد المغني» (1/ 341) ، و «شرح المفصّل» (7/ 110) ، (8/ 37) ، (9/ 104) ، و «الكتاب» (3/ 504) ، و «لسان العرب» (13/ 463) (يمن) ، و «اللمع» ص: (259) ، و «المقاصد النحويّة» (2/ 13) ، وبلا نسبة في «أوضح المسالك» (1/ 232) ، و «خزانة الأدب» (10/ 93- 94) ، و «شرح الأشموني» (1/ 110) ، و «مغني اللبيب» (2/ 637) ، و «المقتضب» (2/ 362) ، و «همع الهوامع» (2/ 38) .]]
ومنه قول الآخر: [البسيط] تَاللَّهِ يبقى عَلَى الأَيَّامِ ذُو حيد............... ......... [[صدر بيت وعجزه:
............... .......... بمشمخرّ به الظّيّان والآس وهو لأبي ذؤيب الهذلي في «شرح شواهد الإيضاح» ص: (544) ، و «شرح شواهد المغني» (2/ 574) ، و «لسان العرب» (13/ 275) (ظين) ولأمية بن أبي عائذ في «الكتاب» (3/ 497) ، ولمالك بن خالد الخناعي في «جمهرة اللغة» ص: (57) ، و «شرح أبيات سيبويه» (1/ 499) ، و «شرح أشعار الهذليين» (1/ 439) ، و «شرح شواهد الإيضاح» ص: (304) ، و «لسان العرب» (حيد) ، (قرنس) ، (ظيا) ، ولعبد مناة الهذلي في «شرح المفصّل» (9/ 98) ولأبي ذؤيب أو لمالك في «شرح أشعار الهذليين» (1/ 228) ، ولأبي ذؤيب أو لمالك أو لأمية في «خزانة الأدب» (10/ 95) ، ولأبي ذؤيب أو لمالك أو لأمية أو لعبد مناف الهذليّ أو للفضل بن عباس أو لأبي زبيد الطائي في «خزانة الأدب» (5/ 176- 177- 178) ، ولأبي ذؤيب أو لمالك أو لأميّة أو لعبد مناف في «الدرر» (4/ 162، 165) ، ولأميّة أو لأبي ذؤيب أو للفضل بن العباس في «شرح المفصّل» (9/ 99) ، وللهذليّ في «جمهرة اللغة» ص: (238) ، وبلا نسبة]] أراد: لا أبْرَحُ، ولاَ يَبْقَى، و «فَتِىءَ» : بمنزلة زَالَ وبَرَحَ في المعنَى والعملِ تقول:
واللَّهِ، لا فَتِئْتَ قَاعِداً كما تقول: لاَ زلت ولا برحت، وعبارة الداوديّ: وعن ابن عباس: تَفْتَأُ أي: لا تزالُ تَذْكُرُ يوسُفَ، حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً [[أخرجه الطبري (7/ 277) برقم: (19686) ، وذكره السيوطي (4/ 59) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.]] . انتهى، والحَرَضُ:
الذي قد نهاه الهَرَمُ أو الحُبُّ أو الحُزْنُ إِلى حالِ فَسادِ الأَعضاء وَالبَدَنِ والحسِّ، يقال:
رجلٌ حَارِضٌ، أي: ذو همٍّ وحزنٍ ومنه قول الشاعر: [البسيط]
إِنِّي امرؤ لَجَّ بِي حُبٌّ فَأَحْرَضَنِي ... حَتَّى بَلِيتُ وَحَتَّى شَفَّنِي السَّقَمُ [[البيت للعرجي ينظر: «أمالي ابن الشجري» (1/ 369) ، و «الطبري» (16/ 222) ، و «مجاز القرآن» (1/ 317) ، و «الصحاح» و «التاج» و «اللسان» (حرض) ، «روح المعاني» (5/ 19) ، «القرطبي» (9/ 250) .]]
والحَرِضُ بالجملة الذي فَسَدَ ودنا موته، قال مجاهد: الحَرَضُ: ما دون الموت [[أخرجه الطبري (7/ 278) برقم: (19690) ، وذكره ابن عطية (3/ 273) .]] وفي حديث النبيّ ﷺ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَمْرَضُ حَتَّى يُحْرِضَهُ المَرَضُ إِلاَّ غُفِرَ لَهُ» [[أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (1/ 30) .]] انتهى من «رقائق ابن المبارك» .
ثم أجابهم يعقوبُ عليه السلام بقوله: نَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ
: أي: إِني لست ممَّن يَجْزَعُ ويَضْجَرُ، وإِنما أَشكو إِلى اللَّه، والبَثُّ: ما في صَدْرِ الإِنسان مما هو مُعْتَزِمٌ أَنْ يبثه وينشره.
وقال أبو عبيدة وغيره: البثّ: أشدّ الحزن [[ذكره ابن عطية (3/ 273) .]] قال الداوديّ عن ابن جُبَيْر، قال: مَنْ بَثَّ، فلم يصبر، ثم قرأ: نَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ
. انتهى.
وقوله: وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ... الآية: «الرَّوْحُ» : الرحمة، ثم جعل اليأْسَ مِنْ رحمة اللَّه وتفريجه مِنْ صفة الكافرين إِذ فيه إِما التكذيبُ بالرُّبوبية، وإما الجهل بصفات الله تعالى، / والبضاعة: القِطْعة من المال يُقْصَدُ بها شراءُ شَيْءٍ، ولزمها عُرْفُ الفقْهِ فيما لا حَظَّ لحاملها من الربْحِ، وال مُزْجاةٍ: معناها: المدفوعَةُ المتحيَّل لها، وبالجملة فمَنْ يسوق شيئاً، ويتلطَّف في تسييره، فقد أزجاه، فإِذا كانَتِ الدراهمُ مدفوعةً نازلةَ القَدْر، تحتاج أنْ يُعْتَذَرَ معها، ويُشْفَعَ لها، فهي مزجاةٌ، فقيل: كان ذلك لأنها كانَتْ زيوفاً، قاله ابن عباس [[أخرجه الطبري (7/ 286) برقم: (19748) نحوه، وذكره البغوي (2/ 446) ، وابن عطية (3/ 275) ، وابن كثير (2/ 488) ، والسيوطي (4/ 62) ، وعزاه لأبي عبيد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.]] .
وقيل: كانَتْ بضاعتهم عروضاً، وقولهم: وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا: معناه ما بَيْنَ الدراهم الجيادَ وبَيْنَ هذه المُزْجَاة، قاله السُّدِّيُّ وغيره [[أخرجه الطبري (7/ 289) برقم: (19789) ، وذكره ابن عطية (3/ 276) .]] وقال الداوديّ عن ابن جريجٍ: وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا: قال: اردد علينا أخانا، انتهى [[أخرجه الطبري (7/ 289) برقم: (19793) ، وذكره البغوي (2/ 446) ، وابن عطية (3/ 276) ، والسيوطي (4/ 63) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]] ، وهو حسن.
{"ayahs_start":85,"ayahs":["قَالُوا۟ تَٱللَّهِ تَفۡتَؤُا۟ تَذۡكُرُ یُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوۡ تَكُونَ مِنَ ٱلۡهَـٰلِكِینَ","قَالَ إِنَّمَاۤ أَشۡكُوا۟ بَثِّی وَحُزۡنِیۤ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ","یَـٰبَنِیَّ ٱذۡهَبُوا۟ فَتَحَسَّسُوا۟ مِن یُوسُفَ وَأَخِیهِ وَلَا تَا۟یۡـَٔسُوا۟ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا یَا۟یۡـَٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ","فَلَمَّا دَخَلُوا۟ عَلَیۡهِ قَالُوا۟ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡعَزِیزُ مَسَّنَا وَأَهۡلَنَا ٱلضُّرُّ وَجِئۡنَا بِبِضَـٰعَةࣲ مُّزۡجَىٰةࣲ فَأَوۡفِ لَنَا ٱلۡكَیۡلَ وَتَصَدَّقۡ عَلَیۡنَاۤۖ إِنَّ ٱللَّهَ یَجۡزِی ٱلۡمُتَصَدِّقِینَ"],"ayah":"قَالُوا۟ تَٱللَّهِ تَفۡتَؤُا۟ تَذۡكُرُ یُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوۡ تَكُونَ مِنَ ٱلۡهَـٰلِكِینَ"}