الباحث القرآني

وقوله تعالى: هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ، روي أنَّ يوسُف عليه السلام لما قال له إخوته: مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ [يوسف: 88] ، واستعطفوه رَقَّ ورحمهم، قال ابنُ إِسحاق: وارفض دمعه باكياً، فَشَرَعَ في كَشْفِ أمره إِليهم، فروي أنه حَسَرَ قناعه، وقال لهم: هَلْ عَلِمْتُمْ ... [[أخرجه الطبري (7/ 291) برقم: (19797) ، وذكره البغوي (2/ 446) ، وابن عطية (3/ 276) .]] الآية، وما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ: أي: التَّفْريق بينَهُما في الصِّغَر وما نالهما بسَبَبِكُم من المِحَن إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ، نسبهم إِمَّا إِلى جَهْلِ المعصيةِ، وإِما إِلى جَهْلِ الشَبَابِ وقلَّةِ الحُنْكَة، فلمَّا خاطبهم هذه المخاطبة، تنبَّهوا، ووقَعَ لهم من الظَّنِّ القويِّ وقرائنِ الحال أنه يوسُفُ فقالوا: أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ مستفهمين، فأجابهم يوسف كاشفاً عن أمره، قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي وباقي الآية بيِّن. وقوله سبحانه: قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ: هذا منهم استنزال ليوسُفَ، وإِقرار بالذنْبِ في ضِمْنه استغفار منه، وآثَرَكَ: لفظ يعمّ جميع التفضيل. وقوله: لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ عفوٌ جميلٌ، وقال عكرمة: أوحى اللَّه إِلى يوسف بِعَفْوِكَ عَنْ إِخوتك، رَفَعْتُ لك ذكْرَك [[ذكره ابن عطية (3/ 277) .]] ، و «التثريب» : اللوْمُ والعقوبةُ وما جَرَى معهما من سوءِ مُعْتَقَدٍ ونحوه، وعبَّر بعضُ الناس عن التثْرِيب بالتعيير، ووقف بعض القراءة عَلَيْكُمُ، وابتدأ [[ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 278) ، و «البحر المحيط» (5/ 338) ، و «الدر المصون» (4/ 214) .]] : الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ووقف أكثرهم: الْيَوْمَ وابتدأ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ على جهة الدعاء وهو تأويلُ ابن إِسحاق [[ينظر: «الطبري» (7/ 291) .]] والطبريِّ، وهو الصحيحُ الراجح في المعنَى لأن الوقْفَ الآخِرَ فيه حُكْم على مغفرة اللَّه، اللَّهُمَّ إلا أن يكون ذلك بوحي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب