الباحث القرآني

وقوله سبحانه: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ وَيُثْبِتُ: المعنى أنَّ اللَّه سبحانه يمحو من الأمور ما يشاء، ويغيِّرها عن أحوالها مما سَبَقَ في علْمه مَحْوُهُ وتغييرُهُ، ويثبتها في الحَالةِ التي يَنْقُلُها إِليها حَسَبَ ما سَبَقَ في علْمه. قال ع [[ينظر: «المحرر» (3/ 318) .]] : وأصوَبُ ما يفسَّر به أُمُّ الْكِتابِ: أنه كتاب الأمورِ المجزومَةِ التي قدْ سَبَقَ القضاء فيها بمَا هو كائنٌ، وسبق ألاَّ تبدَّل ويبقَى المحْوُ والتثبيت في الأمور التي قد سَبَقَ في القضاء أنْ تبدَّل وتمحَى وتُثْبَتَ قال نحوه قتادة [[أخرجه الطبري (7/ 404) برقم: (20507) بنحوه، وابن عطية (3/ 318) ، وابن كثير في «تفسيره» (2/ 520) بنحوه، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 125) ، وعزاه لابن جرير.]] ، وقوله سبحانه: وَإِنْ مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ: «إِن» : شرطٌ دخلَتْ عليها «ما» ، وقوله: أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ، «أو» عاطفةٌ، وقوله: فَإِنَّما: جوابُ الشرط، ومعنى الآية: إِنْ نُبَقْكَ يا محمَّد، لترَى بعض الذي نَعِدُهم، أو نتوفينَّك قبل ذلك، فعلى كلا الوجْهَيْن، فإِنما يلزمُكَ البلاغَ فقَطْ، والضمير في قوله: أَوَلَمْ يَرَوْا: عائد على كفَّار قريش كالذي في نَعِدُهُمْ. وقوله: نَأْتِي: معناه: بالقُدْرة والأمر. والْأَرْضَ: يريد بها اسم الجنس، وقيل: يريد أرض الكفَّار المذكورين، المعنى: أو لم يروا أنا نأتي أرْضَ هؤلاء بالفَتْح/ عليك، فننقصها بمَا يَدْخُلُ في دِينِكَ من القبائلِ والبلادِ المجاورَة لهم، فما يؤمنهم أنْ نمكِّنك منْهم أيضاً قاله ابن عباس، وهذا على أن الآية مدنيّة [[أخرجه الطبري (7/ 406) برقم (20514) بنحوه، وذكره البغوي (3/ 24) ، وابن عطية (3/ 319) ، وابن كثير في «تفسيره» (2/ 922) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 127) ، وعزاه لابن جرير.]] ، ومن قال: إن الأرض اسم جنسٍ، جعل انتقاص الأرض بتخريبِ العُمْران الذي يُحِلُّه اللَّه بالكُفَّار، وقيل: الانتقاص بمَوْت البشر، ونقص الثمرات والبَرَكَةِ، وقيل: بموتِ العلماءِ والأخيارِ قاله ابن عباس أيضاً [[أخرجه الطبري (7/ 406) برقم: (20519) ، (7/ 407) برقم: (20523) ، وذكره ابن عطية (3/ 319) ، وابن كثير في «تفسيره» (2/ 522) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 127) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]] ، وكلُّ ما ذكر يدخل في لفظ الآية، وجملةُ معنَى هذه الآية: الموعظَةُ وضَرْبُ المثل، وقال أبو عمر بن عَبْدِ البَرِّ في كتاب العلم بسنده عن عطاء بن أبي رَبَاح في معنَى نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها قال: بذَهَابِ فقهائها، وخيار أهلها وعن وكيع [[أخرجه الطبري (7/ 408) برقم: (20533) ، وذكره البغوي (3/ 24) ، وابن عطية (3/ 319) ، وابن كثير في «تفسيره» (2/ 522) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 126) وعزاه لعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، ونعيم بن حماد في «الفتن» ، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه.]] نحوه. وقال الحسن: نقصانُهَا: هو بظهور المسلمين على المُشْركين [[أخرجه الطبري (7/ 406) برقم: (20517) ، وابن كثير في «تفسيره» (2/ 522) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 126) ، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم.]] . قال أبو عمر: وقول عطاء في تأويل الآية حَسَنٌ جِدًّا، تلَقَّاه أهل العلْمِ بالقبول، وقولُ الحسن أيضاً حسن. انتهى. وقوله سبحانه: فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً: أي: العقوبات التي أحلَّها بهم، وسمَّاها مكراً على عُرْفِ تسمية العقوبة باسم الذنب، وباقي الآية تحذيرٌ ووعيدٌ. وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا: المعنى: ويكذِّبك يا محمَّد هؤلاءِ الكفرةُ ويقولون: لستَ مرسلاً. قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً: أي: شاهداً بيني وبينكم، وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ: قال قتادة: يريدُ مَنْ آمَنَ منهم كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ وغيره [[أخرجه الطبري (7/ 410) برقم: (20542) ، وذكره البغوي (3/ 25) بنحوه، وابن عطية (3/ 320) ، وابن كثير في «تفسيره» (2/ 521) بنحوه، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 128) ، وعزاه لعبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]] ، كَمُلَ تفسيرُ السُّورة، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم تسليما.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب