الباحث القرآني

وقوله سبحانه: سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ ... الآية: معنى الآية: توبيخُهم على عنادهم بعد الآياتِ البيِّناتِ، والمراد بالآيةِ: كم جاءَهُمْ في أمر محمّد ﷺ من آية معرّفة به دالّة عليه، ونِعْمَةَ اللَّهِ: لفْظٌ عامٌّ لجميع إِنعامه ولكنْ يقوِّي من حال النبيّ ﷺ معهم أنَّ المشار إِليه هنا هو محمَّد ﷺ فالمعنى: ومن يبدِّلْ من بني إِسرائيل صفةَ نعمة اللَّه، ثم جاء اللفظ منسحباً على كلِّ مبدِّل نعمةً للَّه، ويدخل في اللفظ كفّار قريش/، والتوراة أيضا نعمة 52 ب على بني إِسرائيل، فبدَّلوها بالتحريفِ لها، وجَحْدِ أمر محمّد ﷺ، فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ: خبرٌ يتضمنُ الوعيد. وقوله تعالى: زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا ... الآية: الإِشارة إِلى كفار قريشٍ لأنهم كانوا يعظمون حالهم من الدنيا، ويغتبطون بها، ويسخرون من أتْبَاعِ النبيِّ ﷺ كبلالٍ [[بلال بن رباح. هو بلال بن حمامة. أبو عبد الرحمن. الحبشي. مؤذن النبي ﷺ قال ابن حجر: اشتراه أبو بكر الصديق من المشركين لما كانوا يعذبونه على التوحيد، فأعتقه، فلزم النبي وأذن له، وشهد معه جميع المشاهد، وآخى النبي بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح، ثم خرج بلال بعد النبي مجاهدا. توفي ب «الشام» . ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (1/ 243) ، «الإصابة» (1/ 170) ، «الاستيعاب» (1/ 178) ، «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 56) ، «التاريخ الكبير» (2/ 106) ، «الجرح والتعديل» (2/ 395) ، «الثقات» (3/ 28) ، «تهذيب الكمال» (1/ 140) ، «تهذيب التهذيب» (1/ 502) ، «العبر» (1/ 24) ، «تقريب التهذيب» (1/ 110) ، «التحفة اللطيفة» (1/ 382) ، «الحلية» (1/ 147) .]] ، وصُهَيْبٍ، وابنِ مَسْعودٍ، وغيرهم، فذكر اللَّه قبيح فعلهم، ونبه على خفض منزلتهم بقوله: وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ، ومعنى الفوقيَّة هنا في الدرجَةِ والقَدْر ويحتمل أن يريد أنَّ نعيم المتَّقِينَ في الآخرة فوق نعيم هؤلاء الآن. قلت: وحكى الداوديّ عن قتادة: فوقهم يوم القيامة. قال: فَوْقَهُم في الجنّة [[أخرجه الطبري (2/ 346) رقم (4050) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 285) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (1/ 434) ، وعزاه لعبد الرزاق عن قتادة.]] . انتهى. ومهما ذكرت الداوديّ في هذا «المختصر» ، فإِنما أريد أحمد بن نَصْرٍ الفقيهَ المَالِكِيَّ، ومن تفسيره أنا أنقل. انتهى. فإِن تشوَّفَتْ نفسُك أيها الأخُ إِلى هذه الفوقيَّة، ونَيْلِ هذه الدرجة العَليَّة، فارفض دنياك الدنيَّة، وازهَدْ فيها بالكليَّة لتسلَمَ من كل آفة وبليَّة، واقتد في ذلك بخَيْر البريَّهْ. قال عِيَاضٌ في «شِفَاهُ» [[ينظر: «الشفا» (122- 123) .]] : فانظُرْ- رحمك الله- سيرة نبيّنا محمّد ﷺ وخُلُقَه في المال، تجده قد أوتي خزائنَ الأرْض [ومفاتيح البلاد، وأُحلّت له الغنائم [[الغنيمة في اللغة: ما ينال الرجل أو الجماعة بسعي، ومن ذلك قول الشاعر: [الوافر] وقد طوّفت في الآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب وتطلق الغنيمة على الفوز بالشيء بلا مشقة، ومن قولهم للشيء يحصل عليه الإنسان عفوا بلا مشقة: «غنيمة باردة» . واصطلاحا: عرفها الشافعية بأنها: مال أو مال ألحق به، كخمر محترمة، حصل لنا من كفار أصليين حربيين، مما هو لهم بقتال منا، أو إيجاف خيل ما، أو نحو ذلك. وعرفها الحنفية: بما نيل من أهل الشرك عنوة أي قهرا، أو غلبة والحرب قائمة. وعرفها المالكية: بأنها اسم لما أخذه المسلمون من الكفار بإيجاف الخيل أو الركاب. وعرفها الحنابلة: بأنها ما أخذ من مال حربي قهرا بقتال وما ألحق به. ينظر: «الإقناع» للخطيب الشربيني (2/ 517) ، «أنيس الفقهاء» (183) ، و «كشاف القناع» (3/ 77) .]] ، ولم تحلَّ لنبي قبله، وفتح عليه في حياته ﷺ بلاد الحجاز واليمن وجميع جزيرة العرب، وما دانى ذلك من الشام والعراق] [[من «الشفا» (1/ 123) .]] ، وجُبِيَتْ إِلَيْه الأخماس، [وصدقاتها ما لا يجبى [[يجبى: يجمع.]] للملوك إِلاَّ بعضه] [[من «الشفا» (1/ 123) .]] ، وهادَتْه جماعةٌ من الملوك، فما استأثر بشيء من ذلك، ولا أمْسَكَ دِرْهَماً منْه، بل صرفه مصارفه، وأغنى به غيره، وقوى به المسلمين، ومات ﷺ، ودِرْعُهُ مرهُونَةٌ في نفقةِ عيَالِهِ، واقتصر من نفقته ومَلْبَسِهِ على ما تدْعُوه ضرُورتُهُ إِليه، وزهد فيما سواه، فكان- عليه السلام- يلبس مَا وَجَدَ، فيلْبَسُ في الغالِبِ الشّملة، والكساء الخشن، والبرد الغليظ. انتهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب