الباحث القرآني

وقوله سبحانه: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ ... الآية: تنبيهٌ على مواضع الاِعتبار، وأَنْشَأَ: معناه: خلق واخترع، ومَعْرُوشاتٍ، قال ابنُ عَبَّاس: ذلك في ثَمَر العِنَبِ، مِنْها: ما عرش وسمك، ومنها: ما لم يعرش [[أخرجه الطبري (5/ 361) برقم (13961) ، وذكره البغوي (2/ 135) ، وابن عطية (2/ 353) ، وابن كثير (2/ 181) ، والسيوطي (3/ 92) ، وعزاه لأبي الشيخ عن ابن عباس.]] ، ومُتَشابِهاً: يريد: في المنظر، وغَيْرَ مُتَشابِهٍ: في الطعم قاله ابن جُرَيْج وغيره [[أخرجه الطبري (5/ 362) برقم (13962) ، وابن عطية (2/ 353) ، وابن كثير (2/ 181) ، والسيوطي (3/ 92) ، وعزاه لابن المنذر، وأبي الشيخ، عن ابن جريج.]] ، وقوله: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ: نصٌّ في الإباحة، وقوله سبحانه: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ: قال ابن عباس وجماعة: هي في الزكاة المفْرُوضة [[أخرجه الطبري (5/ 363) برقم (13974) ، وذكره البغوي (2/ 135) ، وابن عطية (2/ 353) ، وابن كثير (2/ 181) ، والسيوطي (3/ 94) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس.]] . قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 353) .]] : وهذا القولُ مُعْتَرَضٌ بأن السورة مكِّيَّةٌ وبأنَّه لا زكاة فيما ذُكِرَ من الرُّمَّانِ، وما في معناه، وحكى الزجَّاج أنَّ هذه الآية قيل فيها: إنها نزلَتْ بالمدينة، وقال مجاهدٌ وغيره: بل قوله: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ: نَدْبٌ إلى إعطاء حقوقٍ مِنَ المال غَيْر الزكاة [[أخرجه الطبري (5/ 365) برقم (13996) ، وذكره البغوي (2/ 135) ، وابن عطية (2/ 353) ، وابن كثير (2/ 181) ، والسيوطي (3/ 92) وعزاه لسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ والبيهقي عن مجاهد.]] ، والسُّنَّة أن يُعْطِيَ الرجُلُ من زرعه عند الحصَادِ، وعِنْدَ الذَّرْوِ، وعنْدَ تكديسه في البَيْدَرِ [[البيدر: الأندر (شامية) وأندر القمح الكدس منه خاصة. وفي المعجم الوسيط: البيدر: الجرن، والقمح-- ونحوه بعد دياسه وتقويمه. ينظر: «لسان العرب» (229، 4382) ، و «المعجم الوسيط» (78) .]] ، فإذا صفى وكال، أخرج من ذلك الزكاة. وقالتْ طائفة: هذا حكم صدَقَاتِ المسلمين حتى نزلَت الزكاةُ المفروضةُ، فنسخَتْها. قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 353) .]] : والنسخ غَيْرُ مترتِّب في هذه الآية، ولا تَعَارُضَ بينها وبيْن آية الزكاة، بل تَنْبَنِي هذه على النَّدْبِ، وتلك على الفرض. وقوله سبحانه: وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ النهْيُ عن الإسراف: إما للناس عن التمنُّع عن أدائها لأن ذلك إسراف من الفعْلِ، وإما للولاة عن التشطُّط على الناسِ والإذاءة لهم، وكلٌّ قد قيلَ به في تأويل الآية. وقوله سبحانه: وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً حَمُولَةً: عطْفٌ على جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ. التقدير: وأنشأنا من الأنعامِ حمولةً، والحَمُولَةُ: ما تحمل الأثقال مِنَ الإبل والبقر عنْدَ مَنْ عادته أنْ يحمل عليها، والفَرْش: ما لا يحمل ثقلاً كالغنم وصِغَار البَقَر والإبل، وهذا هو المرويُّ عن ابْنِ مسعود وابن عباس والحَسَن [[أخرجه الطبري (5/ 372، 373) برقم (14050، 14055، 14056، 14057) عن ابن مسعود، (14051، 14060، 14061) عن ابن عباس، و (14058، 14059، 14067) عن الحسن، وغيرهم منهم (14052، 14053، 14054) عن مجاهد، و (14063، 14064) عن قتادة، وذكره ابن عطية (2/ 354) ، وابن كثير (2/ 182) ، والسيوطي (3/ 94) وعزاه للفريابي، وعبد بن حميد، وأبي عبيد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والطبراني، والحاكم، وصححه عن ابن مسعود.]] وغيرهم، ولا مَدْخَل في الآية لغَيْر الأنعام، وقوله: كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ: نصُّ إباحةٍ، وإزالةُ مَا سَنَّه الكفرة من البَحِيرَة والسَّائبة وغير ذلك، ثم تابع النهْيَ عن تلك السُّنَن/ الآفكة بقوله سبحانه: وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ، وهي جمع خُطْوَة، أي: لا تَمْشُوا في طريقه، قُلْتُ: ولفظ البخاريِّ: خُطُواتِ من الخَطْو، والمعنى: آثاره. انتهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب