وقوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ، قال ابن عباس وغيره: المراد ب «الذين» اليهود والنصارى [[أخرجه الطبري (5/ 413، 414) برقم (14266) عن ابن عباس، و (14263، 14264) عن قتادة، (14267) عن الضحاك.، وذكره البغوي (2/ 145) ، وابن عطية (2/ 367) ، وابن كثير (2/ 196) عن مجاهد، وقتادة، والضحاك، والسدي، والسيوطي (3/ 117) وعزاه للنحاس في «ناسخه» عن ابن عباس.]] ، أي: فَرَّقوا دين إبراهيم، ووَصَفَهم ب «الشِّيَعِ» إذ كل طائفة منهم لها فرق واختلافات، ففي الآية حضٌّ للمؤمنين على الائتلاف وتركِ الاختلافِ، وقال أبو الأحْوَص وأم سلمة زوجُ النبيّ ﷺ: الآية في أهْل البدع والأهواء والفتنِ، ومَنْ جرى مجراهم من أمة نبيّنا محمد ﷺ [[أخرجه الطبري (5/ 415) برقم (14273) عن أبي الأحوص، و (14275) عن أم سلمة، وذكره ابن عطية (2/ 367) ، والسيوطي (3/ 118) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن أبي الأحوص، وعزاه لابن منيع في «مسنده» ، وأبي الشيخ عن أم سلمة.]] ، أي: فرّقوا دين الإسلام، وقرأ حمزة [[وحجة الباقين قوله بعد: وَكانُوا شِيَعاً أي: صاروا أحزابا وفرقا.
ينظر: «السبعة» (274) ، و «الحجة» (3/ 437، 438) ، و «إعراب القراءات» (1/ 73) ، و «معاني القراءات» (1/ 396) ، و «حجة القراءات» (278) ، و «العنوان» (93) ، و «شرح الطيبة» (4/ 288) ، و «شرح شعلة» (385) ، و «إتحاف» (2/ 39) .]] والكسائيُّ: «فارَقُوا» ، ومعناه: تركوا.
وقوله تعالى: لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ: أي: لا تشفع لهم، ولا لهم بك تعلُّق، وهذا على الإطلاق في الكفَّار، وعلى جهة المبالغة في العُصَاة.
وقوله سبحانه: إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ... الآية: وعيدٌ محضٌ، وقال السدي: هذه آية لم يؤمر فيها بقتالٍ، فهي منسوخة بالقتال [[أخرجه الطبري (5/ 414) برقم (14272) ، وذكره ابن عطية (2/ 368) .]] .
قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 368) .]] : الآية خبر لا يدخله نسخٌ، ولكنها تضمَّنت بالمعنى أمراً بموادعةٍ، فيشبه أنْ يقال: إن النسخ وقع في ذلك المعنَى الذي قد تقرَّر نسخه في آيات أخرى.
وقوله سبحانه: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ... الآية: قال ابن مسعود وغيره: بِالْحَسَنَةِ هنا: «لا إله إلا الله» ، وبِالسَّيِّئَةِ: الكفر [[أخرجه الطبري (5/ 416) برقم (14278) ، وذكره ابن عطية (2/ 368) ، وابن كثير (2/ 197) ، والسيوطي (3/ 118) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي نعيم في «الحلية» عن ابن مسعود.]] .
قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 368) .]] : وهذه هي الغاية من الطرفَيْنِ، وقالت فرقة: ذلك لفظٌ عامٌّ في جميع الحسناتِ والسيئاتِ، وهذا هو الظاهر، وتقديرُ الآية: مَنْ جاء بالحسنة، فله ثوابُ عَشْرِ أمثالها، وقرأ [[ينظر: «إتحاف فضلاء البشر» (2/ 39) ، و «المحرر الوجيز» (2/ 368) ، وزاد نسبتها إلى الحسن، وسعيد بن جبير، وعيسى بن عمر، والأعمش.
وينظر: «البحر المحيط» (4/ 261) ، و «الدر المصون» (3/ 227) ، و «شرح الطيبة» (4/ 288) .]] يعقوبُ وغيره: «فَلَهُ عَشْرٌ» - بالتنوين- «أَمْثَالُهَا» - بالرفع-.
وقوله تعالى: قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ ...
الآية: في غاية الوضوح والبيان، وقِيَماً: نعت للدّين، ومعناه: مستقيما، ومِلَّةَ:
بدل من الدّين.
{"ayahs_start":159,"ayahs":["إِنَّ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِی شَیۡءٍۚ إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ","مَن جَاۤءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشۡرُ أَمۡثَالِهَاۖ وَمَن جَاۤءَ بِٱلسَّیِّئَةِ فَلَا یُجۡزَىٰۤ إِلَّا مِثۡلَهَا وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ","قُلۡ إِنَّنِی هَدَىٰنِی رَبِّیۤ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ دِینࣰا قِیَمࣰا مِّلَّةَ إِبۡرَ ٰهِیمَ حَنِیفࣰاۚ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ"],"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِی شَیۡءٍۚ إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ"}