الباحث القرآني

وقوله تعالى: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ... الآية: هذا إخبارٌ يتضمَّن الوعيدَ، والأظهرُ مِنْ نَسَقِ الآياتِ: أنَّ هذا الخطابَ للكفَّار الذين تَقَدَّم ذكرهم، وهو مَذْهَبُ الطبريِّ [[ينظر الطبري (5/ 223) .]] . وقال أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، وجماعة: هو للمؤمِنِينَ، وهم [[أخرجه الطبري (5/ 213) برقم (13384) بنحوه، وذكره ابن عطية (2/ 302) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 32) وعزاه لابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه، وأبي نعيم من طريق أبي العالية، عن أبي بن كعب بنحوه.]] المرادُ. وهذا الاختلافُ إنما هو بحَسَبِ ما يَظْهَرُ منْ أنَّ الآية تتناوَلُ معانِيهَا المشركِينَ والمؤمنينَ وفي «البخاريِّ» وغيره مِنْ حَدِيثِ جابر وغيره: «أنّ النبيّ ﷺ، لما نزلَتِ الآيةُ: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ، قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ، فلما نزلَتْ: أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ، قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ، فلما نزلَتْ: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قال: هذه أهونُ أو أيَسر» [[أخرجه البخاري (13/ 309) كتاب «الاعتصام» ، باب قول الله تعالى: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً، حديث (7313) والترمذي (5/ 261) كتاب «التفسير» ، باب ومن سورة الأنعام، حديث (3067) ، وأحمد (3/ 309) والحميدي (1259) ، وأبو يعلى (3/ 362) رقم (1829) من طريق سفيان، عن عمرو بن دينار، عن جابر مرفوعا. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه البخاري (8/ 142) كتاب «التفسير» ، باب قوله تعالى: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ، حديث (4628) من طريق حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر.]] فاحتج بهذا الحديثِ من قال: إنّها نَزَلَتْ فِي المؤمنينَ، قال الطَّبريُّ [[ينظر الطبري (5/ 223) .]] وغيره: مُمْتَنِعٌ أن يكون النبيّ ﷺ تعوَّذ لأمَّته مِنْ هذه الأشياءِ الَّتي توعَّد بها الكُفَّار، وهَوَّنَ الثالثةَ لأنَّها بالمعنى هي التي دعا فيها، فمنع حسب حديثِ «المُوطَّإ» وغيره، ومِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ: لفظٌ عامٌّ للمنطبقِينَ علَىَ الإنسان، وقال السُّدِّيُّ، عن أبي مالِكٍ: مِنْ فَوْقِكُمْ: الرَّجْم، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ : الخَسْف [[أخرجه الطبري (5/ 217) برقم (13347) بنحوه، (13350) بنحوه وذكره ابن عطية (2/ 303) .]] وقاله سعيدُ بن جُبَيْر ومجاهد [[أخرجه الطبري (5/ 217) برقم (13348) ، (13349) بنحوه وذكره ابن عطية (2/ 303) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 32) وعزاه لابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد بنحوه.]] . وقوله سبحانه: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً: معناه: يخلِّطكم فِرَقاً، والبأْسُ: القَتْل، وما أشبهه من المَكَارِهِ، وفي قوله تعالى: انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ: استرجاعٌ لهم، وإنْ كان لفظها لَفْظَ تعجيب للنبيّ ﷺ فمضمَّنها أنَّ هذه الآياتِ والدلائلَ إنما هي لاستصرافهم عن طريقِ غَيِّهم، والفِقْهُ: الفَهْمُ. وقوله تعالى: وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ، الضمير في بِهِ عائدٌ على القُرآن الذي فيه جاءَ تصريفُ الآياتِ قاله السُّدِّيُّ [[أخرجه الطبري (5/ 224) رقم (13385) بنحوه، وذكره ابن عطية (2/ 303) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 37) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن السدي بنحوه.]] ، وهذا هو الظاهرُ، ويحتملُ أنْ يعود الضميرُ على الوَعِيدِ الذي تضمَّنَتْه الآيةُ، ونحا إليه الطبريُّ [[ينظر الطبري (5/ 224) .]] ، وقوله: قُلْ لَسْتُ/ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ: معناه: لسْتُ بمدفوعٍ إلى أخْذكم بالإيمان والهدى، وهذا كان قَبْلَ نزول آياتِ الجهادِ والأمْرِ بالقتالِ، ثم نُسِخَ. وقوله سبحانه: لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ: أيْ: غايةٌ يعرف عندها صدقه من كذبه، وسَوْفَ تَعْلَمُونَ: تهديد محض ووعيد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب