وقوله سبحانه: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا إِشارة إِلى مدة العُمر في الدنيا.
وقوله: وَلْيَبْكُوا كَثِيراً إِشارةٌ إِلى تأبيدِ الخلودِ في النَّارِ، فجاء بلَفْظ الأمر، ومعناه الخبر عن حالهم، وتقديرُ الكلام: لِيَبْكُوا كثيراً إِذ هم معذَّبون، جزاءً بما كانوا يكسبون، وخرَّج ابن ماجه بسنده، عن يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ [[يزيد بن أبان الرّقاشي أبو عمرو البصري الزاهد، عن أبيه، وأنس، وعنه الأعمش، وأبو الزّناد من أقرانه، تكلم فيه شعبة.
وقال الفلّاس: ليس بالقوي، وضعفه ابن معين وله أخبار في المواعظ والخوف والبكاء. ينظر ترجمته في «الخلاصة» (3/ 166) (8093) .]] ، عن أنس، قال: قال النّبيّ ﷺ: «يُرْسَلُ البُكَاءُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ، فَيَبْكُونَ حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ، ثُمَّ يَبْكُونَ الدَّمَ حَتَّى تَصِيرَ في وُجُوهِهِمْ كَهَيْئَةِ الأُخْدُودِ لَوْ أُرْسِلَتْ فِيهَا السُّفُنُ لَجَرَتْ» [[أخرجه ابن ماجه (2/ 1446) كتاب «الزهد» باب: صفة النار، حديث (4324) .
وقال البوصيري في «الزوائد» (3/ 323) هذا إسناد فيه يزيد بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف.]] ، وخرَّجه ابن المبارك أيضاً عن أنس، قال: سمعت النبيّ ﷺ يقول: «يا أيّها النَّاسُ، ابكوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا، فَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ تَسِيلُ دُمُوعُهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ، كَأَنَّهَا جَدَاوِلُ حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعَ، فَتَسِيلُ الدِّمَاءُ، فَتُقَرِّحُ العُيُونَ، فَلَوْ أَنَّ سُفُناً أُجْرِيَتْ فِيهَا، لَجَرَتْ» [[أخرجه أبو يعلى (7/ 162) برقم: (4134) من طريق يزيد عن أنس به.
وذكره الهيثمي في «المجمع» (10/ 394) وقال: روى ابن ماجه بعضه، رواه أبو يعلى، وأضعف من فيه يزيد الرقاشي وقد وثق على ضعفه.]] ، انتهى من «التذكرة» .
وقوله سبحانه: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ ... الآية: يشبه أنْ تكون هذه الطائفةُ قد حُتِمَ عليها بالموافاة على النفاق، وعيّنوا للنبي ﷺ.
وقوله: وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ: نصٌّ في موافاتهم على ذلك وممَّا يؤيِّد هذا ما روي أنّ النبي ﷺ عَيَّنهم لحذيفةَ بْنِ اليمانِ، وكان الصحابة إِذا رأَوْا حذَيفةَ تأخَّر عن الصَّلاة على جنازة، تأَخَّرُوا هم عنها، وروِي عَنْ حذيفة أَنه قَالَ يَوْماً: بَقِيَ من المنافقين كَذَا وَكَذَا [[ذكره ابن عطية (3/ 66) .]] .
وقوله: أَوَّلَ هو بالإِضافة إِلى وَقْت الاستئذان، و «الخالفون» : جَمْعُ مَنْ تخلَّف من نساءٍ، وصبيان، وأهْل عذر، وتظاهرت الرواياتُ أنه صلَّى الله عليه وسلّم صلَّى على عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابن سَلُول، وأَنَّ قوله: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ نزلَتْ بعد ذلك، وقد خرَّج ذلك البخاريُّ من رواية عمر بن الخَطَّاب. انتهى. [[تقدم تخريجه.]] .
{"ayahs_start":82,"ayahs":["فَلۡیَضۡحَكُوا۟ قَلِیلࣰا وَلۡیَبۡكُوا۟ كَثِیرࣰا جَزَاۤءَۢ بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ","فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَاۤىِٕفَةࣲ مِّنۡهُمۡ فَٱسۡتَـٔۡذَنُوكَ لِلۡخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخۡرُجُوا۟ مَعِیَ أَبَدࣰا وَلَن تُقَـٰتِلُوا۟ مَعِیَ عَدُوًّاۖ إِنَّكُمۡ رَضِیتُم بِٱلۡقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةࣲ فَٱقۡعُدُوا۟ مَعَ ٱلۡخَـٰلِفِینَ","وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰۤ أَحَدࣲ مِّنۡهُم مَّاتَ أَبَدࣰا وَلَا تَقُمۡ عَلَىٰ قَبۡرِهِۦۤۖ إِنَّهُمۡ كَفَرُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَمَاتُوا۟ وَهُمۡ فَـٰسِقُونَ"],"ayah":"فَلۡیَضۡحَكُوا۟ قَلِیلࣰا وَلۡیَبۡكُوا۟ كَثِیرࣰا جَزَاۤءَۢ بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ"}