الباحث القرآني

مكّيّة، وهي مائة وثلاثة وستون حرفا، وأربعون كلمة، وإحدى عشرة آية أخبرنا الجنازي قال: حدّثنا ابن حبيش قال: أخبرنا أبو العباس الدقّاق قال: حدّثنا عبد الله بن روح قال: حدّثنا شبابة قال: حدّثنا مخلد بن عبد الواحد عن علي بن يزيد عن زر عن أبي قال: قال رسول الله ﷺ‎: «من قرأ سورة العاديات أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من بات بالمزدلفة وشهد جمعا» [235] . بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالْعادِياتِ ضَبْحاً قال ابن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة والحسن والكلبي وأبو العالية والربيع وعطية وقتادة ومقاتل وابن كيسان: هي الخيل التي تعدو في سبيل الله وتضبح وهو صوت أنفاسها إذا أجهدت في الجري فيكثر الربو في أجوافها من شدة العدو، قال ابن عباس: ليس شيء من الدواب يضج غير الفرس والكلب والثعلب. قال أهل اللغة: أصل الضبح والضباح للثعالب فاستعير في الخيل، وهو من قول العرب: ضبحته النار إذا غيّرت لونه، وإنّما تضبح هذه الحيوانات إذا تغيّرت حالها من تعب أو فزع أو طمع، ونصب قوله: ضَبْحاً على المصدر ومجازه: والعاديات تضبح ضبحا قال الشاعر: لست بالتبّع اليماني إن لم ... تضبح الخيل في سواد العراق [[تفسير القرطبي: 20/ 154.]] وقال آخر: والعاديات أسابي الدماء بها ... كأن أعناقها أنصاب ترجيب [[البيت لسلامة بن جندل، والاسابي: الطرق من الدم، وأسابي الدماء: طرائقها، والترجيب: دعم الشجرة إذا كثر حملها.]] [[لسان العرب: 1/ 413.]] يعني الخيل. قال مقاتل: بعث رسول الله ﷺ‎ سرية إلى حي من كنانة واستعمل عليهم المنذر بن عمر الأنصاري أحد النقباء فتأخر خبرهم، وقال المنافقون: قتلوا جميعا فأخبره الله سبحانه عنها فقال: وَالْعادِياتِ ضَبْحاً يعني تلك الخيول غدت حتى ضبحت ، وهو صوت ليس بصهيل ولا حمحمة، وقال الحكماء: هو تقلقل الجرذان في القنب. وقيل: هو صوت إرخاء مشافرها إذا عدت، قال أبو الضحى: وكان ابن عباس يقول: ضباحها أج أج. وقال قوم: هي الإبل. أنبأني عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أبي سعيد قال: حدّثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال: حدّثنا مروان بن معاوية قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله سبحانه: وَالْعادِياتِ ضَبْحاً قال: ما رأى فيه عكرمة؟ فقال عكرمة: قال ابن عباس: هي الخيل في القتال، فقلت أنا: (قال علي: هي الإبل في الحجّ) ، وقلت: مولاي أعلم من مولاك. وقال الشعبي تمارى علي ابن عباس في قوله: وَالْعادِياتِ ضَبْحاً فقال ابن عباس: هي الخيل، ألا تراه يقول: فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فهل تثير إلّا بحوافرها، وهل تضبح الإبل؟ وإنما تضبح الخيل، فقال علي: ليس كما قلت لقد رأيتنا يوم بدر وما معنا إلّا فرس أبلق للمقداد بن الأسود. وفي رواية أخرى وفرس لمرثد بن أبي مرثد الغنوي. وأخبرني عقيل بن أبي الفرج، أخبرهم عن أبي جرير قال: حدّثني يونس قال: أخبرنا بن وهب قال: حدّثنا أبو صخر عن أبي لهيعة البجلي عن سعيد بن حسين عن ابن عباس حدّثه قال: بينما أنا في الحجر جالس أتاني رجل فسأل عن الْعادِياتِ ضَبْحاً، فقال له: الخيل حين تغير في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم، فانفتل عني وذهب إلى علي بن أبي طالب وهو تحت سقاية زمزم وسأله عن العاديات ضبحا فقال: «سألت عنها أحدا قبلي» . قال: نعم، سألت عنها ابن عباس وقال: هي الخيل تغير في سبيل الله قال: «اذهب فادعه لي» ، فلمّا وقف على رأسه قال: «تفتي الناس بما لا علم لك به، والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر، وما كان معنا إلّا فرسان: فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود، فكيف تكون العاديات الخيل، بل العاديات ضبحا الإبل من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى منى» [236] [[تفسير مجمع البيان: 10/ 423.]] . قال ابن عباس: فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي ، وإلى قول علي ذهب ابن مسعود ومحمد بن عمير ومحمد بن كعب والسدي. وقال بعضهم: من قال: هي الإبل قال ضبحا يعني ضبعا بمدّ أعناقها في السير وضبحت وضبعت بمعنى واحد، قالت صفية بنت عبد المطّلب: فلا والعاديات غداة جمع ... بأيديها إذا سطع الغبار فَالْمُورِياتِ قَدْحاً قال عكرمة وعطاء والضّحاك: هي الخيل توري النار بحوافرها إذا سارت في الحجارة والأرض المحصبة. وقال مقاتل والكلبي: والعرب تسمي تلك النار نار أبي حباحب. وكان أبي حباحب شيخا من مضر في الجاهلية وكان من أبخل الناس، وكان لا يوقد نارا لخبز ولا غيره حتى تنام كل ذي عين، فإذا نام أصحابه وقد نويرة تقد مرّة وتخمد مرّة، فإذا استيقظ بها أحد أطفأها كراهية أن ينتفع بها أحد، فشبّهت العرب هذه النار بناره، أي لا ينتفع به كما لا ينتفع بنار أبي حباحب. ومجاز الآية: والقادحات قدحا فخالف بين الصدر والمصدر. وقال قتادة: هي الخيل تهيج للحرب ونار العداوة بين أصحابها وفرسانها. وروى سعيد بن حسن عن ابن عباس قال: هي الخيل تغير في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم. مجاهد وزيد بن أسلم: هي مكر الرجل والعرب تقول إذا أراد الرجل أن يمكر لصاحبه قال: أما والله لأقدحنّ لك ثم لأورينّ لك. سعيد بن جبير: يعني رجال الحرب. عكرمة: هي ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما تتكلّم به. ابن جريج عن بعضهم: فالمنجّحات عملا كنجاح الوتد إذا أوريّ. محمد بن كعب: هي النيران بجمع. فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً يعني الخيل، تغير بفرسانها على العدو وقت الصبح، هذا قول أكثر المفسّرين. قال القرظي: هي الإبل تدفع بركبانها يوم النحر من جمع إلى منى، والسنّة أن لا يدفع حتى يصبح، والإغارة سرعة السير، ومنه قولهم: أشرق ثبير كما نغير. فَأَثَرْنَ فيهيّجن. وقرأ أبو حيوة فأثرن بالتشديد من التأثير بِهِ أي بذلك المكان الذي انتهين إليه كناية عن غير مذكور لأن المعنى مفهوم مشهور. نَقْعاً أي غبارا فَوَسَطْنَ بِهِ أي دخلن به وسطهم يقال: وسطت القوم، بالتخفيف، ووسّطتهم بالتشديد، وتوسطتهم كلّها بمعنى واحد، وقرأ قتادة فوسّطن، بالتشديد جَمْعاً أي جمع العدو وهم الكتيبة، وقال القرظي: يعني جمع منى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب