الباحث القرآني

وَامْرَأَتُهُ أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان، وكانت عوراء. حَمَّالَةَ الْحَطَبِ يقال: الحديث والكذب قال: ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي: كانت تمشي بالنميمة، يقول العرب: فلان يحطب على فلان إذا ورشى [[التوريش: التحريش.]] وأغزى، قال: شاعرهم: من البيض لم يصطد [[في المصدر: تصطه.]] على ظهر لامة ... ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب [[لسان العرب: 1/ 322، تاج العروس: 1/ 217.]] يعني لم يمش بالنمائم، وقال آخر: فلسنا كمن يرجى المقالة شطره ... يفرق العصاة الرطب والغيل اليبس [[كذا في المخطوط.]] وروى معمر عن قتادة قال: كانت تعيّر رسول الله ﷺ‎ بالفقر وكانت تحتطب فعيّرت بذلك، وهذا قول غير قوي، لأن الله سبحانه وصفهم بالمال والولد وحمل الحطب ليس بعيب، وقال: الضحاك وابن زيد: كانت تأتي بالشوك والعصاة فتطرحها بالليل في طريق رسول الله ﷺ‎ ليعقرهم، وهي رواية عطية عن ابن عباس، قال الربيع بن أنس: كانت تنشر السعدان على طريق رسول الله ﷺ‎ فيطؤه كما يطأ الحرير والفرند. مرة الهمداني: كانت أم جميل تأتي كل يوم بإبالة من الحسك فتطرحه على طريق المسلمين فبينما هي ذات يوم حاملة حزمة أعيت فقعدت على حجر تستريح فأتاها ملك فحدّثها من خلفها فأهلكها. وقال سعيد بن جبير: حمالة الخطايا. دليله قوله سبحانه: وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ [[سورة الأنعام: 31.]] ، وقول العرب: فلان يحطب على ظهره إذا أساء، فلان حاطب قريته إذا كان الجاني فيهم، وفلان محطوب عليه إذا كان مجنيا عليه. وقراءة العامة بالرفع فيهما وأختاره أبو عبيد وأبو حاتم ولها وجهان: أحدهما: سَيَصْلى ناراً هو وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ، والثاني: وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ في النار أيضا. وحجّة الرافعين ما أخبرنا محمد بن نعيم قال: أخبرنا الحسين بن أيوب قال: أخبرنا علي ابن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عبيد قال: حدّثنا حجاج بن هارون قال: في قراءة عبد الله وامرأته حمالةُ للحطب، وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وابن محتضر والأعرج وعاصم حَمَّالَةَ بالنصب ولها وجهان: أحدهما الحال والقطع لأن أصله وامرأته الحمالة الحطب فلما ألقيت الألف واللام نصب الكلام، والثاني على الذم والشتم كقوله سبحانه: مَلْعُونِينَ [[سورة الأحزاب: 61.]] . وروى ابن أبي الزياد عن أبيه قال: كان عامة العرب يقرءون حَمَّالَةَ الْحَطَبِ وقرأ أبو قلابة وامرأته حمالةُ الحطب على فاعله، والحطب جمع واحدتها حطبة. وقال: بعض أهل اللغة: الحطب ها هنا جمع الحاطب وهو الجانب المذنب يعني أنّها كانت تحملهم بالنميمة على معاداته، ونظيره من الكلام راصد ورصد وحارس وحرس وطالب وطلب وغائب وغيب، والعلة في تشبيههم النميمة بالحطب هي أن الحطب يوقد ويضرم كذلك النميمة، قال: أكثم بن صيفي لبنيه: أياكم والنميمة فإنّها نار محرقة وأن النمام ليعمل في ساعة ما لا يعمل الساحر في شهر، فأخذه الشاعر فقال: أن النميمة نار ويك محرقة ... فعد [[في المصدر: ففر.]] عنها وحارب [[في المصدر: وجانب.]] من تعاطاها [[تفسير القرطبي: 20/ 239.]] ولذلك قيل: نار الحقد لا تخبوا. والعلة الثانية: أن الحطب يصير نارا والنار سبب التفريق فكذلك النميمة، وأنشدني وأبو القاسم [الحبيبي] قال: أنشدني أبو محمد الهاراني الجويني قال: إنّ بني الأدرم حمالو الحطب ... هم الوشاة في الرضا وفي الغضب [[فتح القدير: 5/ 512، وفيه: الرضا والغضب.]] عليهم اللعنة تترى والحرب [[تفسير القرطبي: 20/ 239.]] . فِي جِيدِها عنقها، قال ذو الرمة: فعينك عينها ولونك لونها ... وجيدك الا أنها غير عاطل [[جامع البيان للطبري: 30/ 443، وفيه: فعيناك عيناها.]] وجمعها أجياد، قال: الأعمش: وبيداء تحسب آرامها ... رجال إياد بأجيادها [[لسان العرب: 3/ 138.]] حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ اختلفوا فيه فقال ابن عباس وعروة بن الزبير: سلسلة من حديد ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً يدخل من فيها فيخرج من دبرها ويلوى سائرها في عنقها، وقال السدي: خلق الحديد وهي السلسلة تختلف في جهنم كما يختلف الحبل والدلو في البئر، وروى الأعمش عن مجاهد: من حديد، منصور عنه: المسد: الحديدة التي تكون في البكرة، ويقال له المحور، وإليه ذهب عطاء وعكرمة، الشعبي ومقاتل: من ليف، ضحاك وغيره: في الدنيا من ليف وهو الحبل الذي كانت تحطب به فخنقها الله تعالى به فأهلكها، وفي الآخرة من نار، قتادة: قلادة من ردع، الحسن: إنما كانت خرزات في عنقها، سعيد بن المسيب: كانت لها قلادة في عنقها فاخرة فقالت لأنفقها في عداوة محمد، ابن زيد: حبال من شجر ينبت في اليمن يقال لها: المسد وكانت تفتل، المروج من شهر الحرم والسلم والمسد في كلام العرب كل حبل غيروا أمر ليفا كان أو غيره، وأصله من المسد وهو الفتل، ودابة ممسودة الخلق إذا كانت شديدة الأسر، قال: الشاعر: مسد أمر من أيانق ... ليس بأنياب ولا حقائق [[لسان العرب: 3/ 402.]] وجمعها أمساد قال: الأعشى: تمسي فيصرف بابها من دوننا ... غلقا صريف محالة الأمساد [[تفسير الطبري: 30/ 445.]] وسمعت أبا القاسم الحسن بن محمد النيسابوري يقول: سمعت أبا نصر أحمد بن محمد ابن ملجان البصري يقول: سمعت بشر بن موسى الأسدي يقول: سمعت الأصمعي يقول: صلّى أربعة من الشعراء خلف إمام اسمه يحيى فقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فيتعتع فيها فقال أحدهم: أكثر يحيى غلطا ... في قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقال الثاني: قام طويلا ساكتا ... حتى إذا أعيا سجد فقال الثالث: يزجر في محرابه ... زجير حبلى لولد فقال الرابع: كأنّما لسانه ... شدّ بحبل من مسد وفي هذه السورة دلالة واضحة على نبوة نبينا محمد ﷺ‎ وذلك أن الله سبحانه أخبر عن مصير أبي لهب وامرأته الى النار وكانا من أحرص الناس على تكذيب النبي ﷺ‎ فلم يحملهما ذلك على اظهار الإيمان حتى يكذبا رسول الله ﷺ‎ بل داما على كفرهما حتى علم أن وعيد الله سبحانه إياهما وإخباره عن مصيرهما إلى النار حق وصدق.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب