الباحث القرآني

قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ واختلف القرّاء في قراءة ذلك، فروى قثم عن داود بن أبي هند عن مولى بني هاشم عن أبي هريرة أنّه قرأ صاع الملك، وقرأ أبو رجاء صوع، وقرأ يحيى بن معمر صوغ بالغين، [فإنّه] وجهنا إلى مصر، صاغ يصوغ صوغا، وجمع الصواع صيعا، وجمع صاع أصواع. وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ من الطعام وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ كفيل يقوله المؤذّن، وأصل الزعيم: القائم بأمر القوم، ويقال للرئيس زعيم، يقال: زعم، زعامة وزعاما، قالت ليلى الأخيلية: حتى إذا رفع اللواء رأيته ... تحت اللواء على الخميس زعيما [[كتاب العين: 1/ 364.]] وقالُوا يعني اخوة يوسف، تَاللَّهِ أي والله، أصلها الواو قلبت تاء كما فعل القراء في التقوى والتكلان والتراب والتخمة، وأصلها الواو، والواو في هذه الحروف كلّها حرف من الأسماء، وليست كذلك في تَاللَّهِ لأنّها إنّما هي واو القسم وإنّما جعلت بالكثرة ما جرى على ألسن العرب، وهم زعموا أنّ الواو من نفس الحرف فقلبوها تاء، ووضعت في هذه الكلمة الواحدة دون غيرها من أسماء الله تعالى. لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ فإن قيل: من أين علموا ذلك؟ الجواب عنه: قال الكلبي قال: إن فتى يوسف وهو المؤذّن قال لهم: إنّ الملك ائتمنني بالصاع وأخاف عقوبة الملك، فلي اليوم عنده مقولة حسنة، فإن لم أجده تخوّفت أن تسقط منزلتي وأفتضح في مصر، قالُوا: ... لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ إنا منذ قطعنا هذا الطريق لم ننزل عند أحد ولا أفسدنا شيئا وسلوا عنا من مررنا به، هل ضررنا أحدا؟ أو هل أفسدنا شيئا؟ وإنّا قد رددنا الدراهم كما وجدنا في رحلنا، فلو كنّا سارقين ما رددناها. قال فتى يوسف: إنّه صواع الملك الأكبر الذي يكتال فيه، وقال بعضهم: إنّما قالوا ذلك لأنّهم كانوا معروفين أنّهم لا يتناولون ما ليس لهم، وقيل: إنّهم كانوا حين دخلوا مصر كمّوا أفواه دوابهم لكي لا تتناول من حروث الناس. فإن قيل: كيف استجاز يوسف تسميتهم سارقين؟ قيل: فيه جوابان: أحدهما أنّه أضمر في نفسه أنّهم سرقوه من أبيه، والآخر أنّه من قول المنادي لا من أمر يوسف والله أعلم. قالُوا يعني المنادي وأصحابه، فَما جَزاؤُهُ ثوابه قال الأخفش: إن شئت رددت الكناية إلى السارقين، وإن شئت رددتها إلى السّرق إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ في قولكم: (ما كُنَّا سارِقِينَ) . قالوا: جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ أن يسلّم سرقته إلى المسروق منه، ويسترقّ سنة، وكان ذلك سنّة آل يعقوب في حكم السارق كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ الفاعلين ما ليس لهم فعله من أخذ مال غيره سرقا، وأما وجه الكلام فقال الفرّاء من في معنى جزاؤه، ومن معناها الرفع بالهاء التي جاءت وجواب الجزاء الفاء في قوله فَهُوَ جَزاؤُهُ ويكون قوله: جَزاؤُهُ الثانية مرتفع بالمعنى المجمل في الجزاء وجوابه، ومثله في الكلام أن يقول: ماذا لي عندك؟ فيقول: لك عندي أن بشّرتني فلك ألف درهم كأنّه قال: لك عندي هذا، وإن شئت الجزاء مرفوعا بمن خاصّة وصلتها كأنّك قلت: جزاؤه الموجود في رحله، كأنّك قلت: ثوابه أن يسترق [في المستأنف] أيضا فقال: فَهُوَ جَزاؤُهُ، وتلخيص هذه الأقاويل: جزاؤه جزاء الموجود في رحله، أو جزاؤه الموجود في رحله. تمّ الكلام. وقال مبتدئا فَهُوَ جَزاؤُهُ فقال الرسول عند ذلك: إنّه لا بدّ من تفتيش أمتعتكم ولستم سارقين حتى أفتّشها فانصرف بهم إلى يوسف، فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ لإزالة التهمة قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ وكان فتّش أمتعتهم واحدا واحدا، قال قتادة: ذكر لنا أنّه كان لا يفتح متاعا ولا ينظر في وعاء إلّا استغفر الله تأثّما ممّا قذفهم به، حتى إذا لم يبق إلّا الغلام، قال: ما أظنّ هذا أخذ شيئا، فقال أخوته: والله لا نتحرّك حتى تنظر في رحله، فإنّه أطيب من نفسك وأنفسنا، فلمّا فتحوا متاعه استخرجوه منه فذلك قوله تعالى: اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ وإنّما أتت الكناية في قوله استخرجها والصواع مذكر، وقد قال الله تعالى: وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ لأنّ ردّه إلى السقاية كقوله: الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ، ثمّ قال: هُمْ فِيها خالِدُونَ [[سورة المؤمنون: 11.]] ردّها إلى الجنّة وقوله: وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ، ثمّ قال: فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ [[سورة النساء: 8.]] ، أي من الميراث. وقيل: ردّ الكناية إلى السرقة. وقيل: إنّما أنّثها لأنّ الصواع يذكر ويؤنّث فمن أنّثه قال: ثلاث أصوع مثل أدود ومن ذكّره قال: ثلاثة أصواع مثل ثلاثة أثواب. كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ يعني كما فعلوا في الابتداء بيوسف فعلنا بهم لأنّ الله تعالى حكى عن يعقوب أنّه قال ليوسف فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً فالكيد جزاء الكيد، قال ابن عباس: كَذلِكَ كِدْنا أي صنعنا، ربيع: ألهمنا، ابن الأنباري: أردنا. ومعنى الآية: كذلك صنعنا ليوسف حتى ضمّ أخاه إلى نفسه وفصل بينه وبين إخوته بعلّة كادها الله له فاعتلّ بها يوسف، ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ إليه ويضمّه إلى نفسه فِي دِينِ الْمَلِكِ في حكمه وقضائه، قاله قتادة. وقال ابن عباس: في سلطان الملك، وأصل الدين: الطاعة، وكان حكم الملك في السارق أن يسترقّ ويغرّم ضعف ما سرق للمسروق منه، وقال الضحّاك: كان الملك إذا أتي بسارق كشف عن فرجتيه وسمل عينيه، إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ، يعني أنّ يوسف لم يكن ليتمكّن من أخذ أخيه بنيامين من أخوته وحبسه عنده في حكم الملك لولا ما كدنا له بلطفنا حتى وجد السبيل إلى ذلك وهو ما أجراه على ألسنة إخوته أنّ جزاء السارق الاسترقاق فأقرّوا به وأبدوا من تسليم الأخ إليه، وكان ذلك مراد يوسف (عليه السلام) [[يراجع فتح القدير: 3/ 43.]] . نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ بالحكم كما رفعنا يوسف على إخوته. وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ قال ابن عباس: يكون هذا أعلم من هذا، وهذا أعلم من هذا، والله فوق كلّ عالم، قال قتادة والحسن: والله ما من عالم على ظهر الأرض إلّا فوقه من هو أعلم منه حتى ينتهي العلم إلى الله الذي علّمه ومنه بدأ وإليه يعود، وفي قراءة عبد الله: وفوق كلّ عالم عليم. وعن محمّد بن كعب القرضي أنّ علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه قضى بقضية فقال رجل من ناحية المسجد: يا أمير المؤمنين ليس القضاء كما قضيت، قال فكيف هو؟ قال: كذا وكذا قال: صدقت وأخطأت!!، وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ. قالوا: فلمّا أخرج الصواع من رحل بنيامين نكّس إخوته رؤوسهم من الحياء وأقبلوا على بنيامين وقالوا: يا بنيامين أي شيء الذي صنعت، فضحتنا وسوّدت وجوهنا، يا بني راحيل ما يزال لنا منكم بلاء، متى أخذت الصواع؟. فقال بنيامين: بل بنو راحيل الذين لا يزال لهم منكم بلاء، ذهبتم بأخي فأهلكتموه بالبرّيّة، وضع هذا الصواع في رحلي الذي وضع الدراهم في رحالكم. ثمّ قالوا ليوسف: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ: من أبيه وأمّه، من قبل، واختلف العلماء في السرقة التي وصفوا بها يوسف، فقال سعيد بن جبير وقتادة: سرق يوسف صنما لجدّه أبي أمّه فكسّره وألقاه في الطريق، الكلبي: بعثته أمّه حين أرادت أن ترتحل من حران مع يعقوب إلى فلسطين والأردن، أمرته أن يذهب فأخذ جونة فيها أوثان لابنها [أي] ذهب فيأتيها بها لكي إذا فقدها أبوها أسلم، فانطلق فأخذها وجاء بها إلى أمّة، فهذه سرقته التي يعنون. وعن ابن جريح: كانت أمّ يوسف أمرته أن يسرق صنما لخاله يعبده وكانت مسلمة، وروى أبو كريب عن أبي إدريس قال سمعت أبي قال: كان أولاد يعقوب على طعام ونظر يوسف إلى عرق فخبّأه فعيّروه بذلك، وأخبر عبد الله بن السدّي، عن أبيه عن مجاهد أنّ يوسف جاءه سائل إلى البيت فسرق [جبّة] من البيت فناولها السائل فعيّروها بها، وقال سفيان بن عيينة: سرق يوسف دجاجة من الطير التي كانت في بيت يعقوب فأعطاها سائلا. كعب: كان يوسف في المنزل وحده فأتاه سائل وكان في المنزل عتاق وهي الأنثى من الجدي، فدفعها إلى السائل من غير أمر أبيه. وهب: كان يخبّئ الطعام من المائدة للفقراء. هشام عن سعد بن زيد بن أسلم في هذه الآية قال: كان يوسف (عليه السلام) مع أمّه عند خال له، قال: فدخل وهو صبي يلعب وأخذ تمثالا صغيرا من الذهب، فذلك تعيير إخوانه إيّاه. وروى ابن إسحاق عن مجاهد عن جويبر عن الضحّاك قال: كان أوّل ما دخل على يوسف من البلاء فيما بلغني أنّ عمّته بنت إسحاق وكانت أكبر أولاد إسحاق، وكانت لها منطقة إسحاق، وكانوا يتوارثوها بالكبر من أختانها ممّن وليها كان له سلما لا ينازع فيه، يصنع فيه ما يشاء، وكانت راحيل أمّ يوسف قد ماتت فحضنته عمّته وأحبّته حبّا شديدا، وكانت لا تصبر عنه. فلمّا ترعرع وبلغ سنوات وقعت محبّة يعقوب عليه فأتاها يعقوب فقال: يا أختاه سلّمي إليّ يوسف، فو الله ما أقدر على أن يغيب عنّي ساعة، فقالت: لا، فقال: والله ما أنا بتاركه. قالت: فدعه عندي أيّاما أنظر إليه لعلّ ذلك يسلّيني عنه، ففعل، فلمّا خرج يعقوب من عندها عمدت إلى منطقة إسحاق فحزمتها على يوسف تحت ثيابه وهو صغير ثمّ قالت: لقد فقدت منطقة إسحاق فانظروا من أخذها فالتمسوها فلم توجد فقالت: اكشفوا أهل البيت، فكشفوهم فوجودها مع يوسف، فقالت: والله إنّه لسلم لي أصنع فيه ما شئت، فأتاها يعقوب فأخبرته الخبر فقال: إن كان فعل ذلك فهو سلم لك، ما أستطيع غير ذلك، فأمسكته، فما قدر عليه يعقوب حتى ماتت، فهذا الذي قال أخوة يوسف: إن سرق فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ، وهذا هو المثل السائر الذي يقال عذره شر من جرمه. فَأَسَرَّها فأضمرها، يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ وإنّما أنّث الكناية لأنّه عنى بها الكلمة والمقالة وهي قراءة. قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً أي شرّ منزلا عند الله ممّن رميتموه بالسرقة في صنيعكم بيوسف وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ تقولون، قتادة: تكذبون. وقالت الرواة: لما دخلوا على يوسف واستخرج الصواع من رحل بنيامين دعا يوسف بالصواع فنقر فيه ثمّ أدناه من أذنه ثمّ قال: إنّ صواعي هذا ليخبرني أنّكم كنتم اثني عشر رجلا وانّكم انطلقتم بأخ لكم فبعتموه، فلمّا سمعها بنيامين قام فسجد ليوسف ثمّ قال: أيّها الملك سل صواعك هذا عن أخي أين هو فنقره ثمّ قال: هو؟ حيّ وسوف تراه قال: فاصنع فيّ ما شئت فإنّه إن علم بي فسوف يستنقذني، قال: فدخل يوسف فبكى، ثمّ توضّأ وخرج فقال بنيامين: أيّها الملك إنّي أرى أن تضرب صواعك هذا فيخبرك بالحقّ من الذي سرقه فجعله في رحلي؟ فنقره فقال: إنّ صواعي هذا عصاني وهو يقول: كيف تسألني عن صاحبي وقد رأيت مع من كنت؟ قال: وكان بنو يعقوب إذا غضبوا لم يطاقوا فغضب روبيل، وقال: والله أيّها الملك لتتركنّا أو لأصيحنّ صيحة لا تبقي بمصر امرأة حامل إلّا ألقت ما في بطنها وقامت كلّ شعرة في جسد روبيل فجرجت من [......] [[كلمة غير مقروءة.]] فمسّه فذهب غضبه، فقال روبيل من هذا؟ إن في هذا البلد لبذرا من بذر يعقوب. فقال يوسف: ومن يعقوب؟ فغضب روبيل وقال: يا أيّها الملك لا يذكر يعقوب فإنّه سري الله ابن ذبيح الله ابن خليل الرحمن، قال يوسف [اشهد] إذا أنت كنت صادقا، احتبس يوسف أخاه وصار بحكم اخوته أولى به منهم، فرأوا أنّه لا بدّ لهم إلى تخليصه منه سألوه تخليته ببدل منهم يعطونه إيّاه، ف قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً: متعلّقا بحبّه يعنون يعقوب، فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ: بدلا منه إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ في أفعالك قيل: إلينا، وقال ابن إسحاق: يعنون إن فعلت ذلك كنت من المحسنين. قالَ يوسف مَعاذَ اللَّهِ أعوذ بالله وهو نصب على المصدر، وكذلك تفعل العرب في كلّ مصدر وضع موضع الفعل، تقول: حمدا لله وشكرا لله، بمعنى أحمد الله وأشكره أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ ولم يقل من سرق تحرّزا من الكذب، إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ إن أخذنا بريئا بسقيم. فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ يعني أيسوا من يوسف من أن يجيبهم إلى ما سألوه خَلَصُوا نَجِيًّا أي خلا بعضهم ببعض يتناجون ويتشاورون لا يخالطهم غيرهم، والنجيّ لقوم يتناجون وقد يصلح للواحد أيضا، قال الله في الواحد: وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا [[سورة مريم: 52.]] ، وقال في الجمع خَلَصُوا نَجِيًّا وإنّما جاز للواحد والجمع لأنّه مصدر أبدل نعتا كالعدل والزور والفطر ونحوها، وهو من قول القائل نجوت فلانا أنجوه نجيّا، ومثله النجوى يكون اسما ومصدرا، قال الله تعالى: وَإِذْ هُمْ نَجْوى [[سورة الإسراء: 47.]] أي يتناجون وقال: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ [[سورة المجادلة: 7.]] وقال في المصدر إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ [[سورة المجادلة: 10.]] وقال الشاعر: بني بدا خبّ نجوى الرجال ... (وك) [[في المصدر: فكن.]] عند سرّك خبّ النجيّ [[تفسير الطبري: 13/ 44.]] والنجوى والنجيّ في هذا البيت بمعنى المناجاة، وجمع النجيّ أنجية، قال لبيد: وشهدت أنجية الإفاقة عاليا ... كعبي وأرداف الملوك شهود [[لسان العرب: 9/ 117.]] وقال آخر: إنّي إذا ما القوم كانوا أنجيه ... واضطربت أعناقهم كالأرشية هناك أوصيني ولا توصي به [[تفسير القرطبي: 9/ 241.]] . قالَ كَبِيرُهُمْ يعني في العقل والعلم لا في السنّ وهو شمعون، وكان رئيسهم، قاله مجاهد، وقال قتادة والسدّي والضحاك وكعب: هو روبيل وكان أسنّهم وهو ابن خالة يوسف، وهو الذي نهى إخوته عن قتله، وهب والكلبي: يهودا، وكان أعقلهم، محمد بن إسحاق: لاوي. أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ عهدا من الله وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ اختلفوا في محلّ ما فقال بعضهم: هو نصب إيقاع العلم عليه يعني: ألم تعلموا من قبل فعليكم بهذه تفريطكم في يوسف؟ وقيل: هو في محلّ الرفع على الابتداء، وتمام الكلام عند قوله: مِنَ اللَّهِ يعني: ومن قبلي هذا تفريطكم في يوسف، فيكون ما مرفوعا يخبر [....] الصفة وهو قوله: وَمِنْ قَبْلُ، وقيل: ما صلة، ويعني ومن هذا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ أي قصّرتم وضيّعتم، وقيل: رفع على الغاية. فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ التي أنا بها وهي أرض مصر حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي بالخروج منها أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي بالخروج منها وترك أخي بنيامين بها أو معه، وإلّا فإنّي غير خارج منها، وقال أبو صالح: أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي بالسيف فأحارب من حبس أخي بنيامين. وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ أفضل وأعدل من يفصل بين الناس. ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ يقوله الآخر في المحتبس بمصر لإخوته فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ بنيامين سَرَقَ الصواع، وقرأ ابن عباس والضحاك: سرّق بضمّ السين وكسر الراء وتشديده على وجه ما لم يسمّ فاعله، يعني أنّه نسب إلى السرقة مثل: خوّنته وفجّرته [....] أي نسبته إلى هذه الخلال. وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا يعني ما كانت منّا شهادة في عمرنا على شيء إلّا بما علمنا وليست هذه شهادة منّا إنّما هو خبر عن صنيع ابنك بزعمهم، وقال ابن إسحاق: معناه: وما قلنا: إنّه سرق إلّا بما علمنا، قال: وكان الحكم عند الأنبياء يعقوب وبنيه أن يسترقّ السارق بسرقته. وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ قال مجاهد وقتادة: ما كنا نعلم أنّ ابنك يسرق ويصير أمرنا إلى هذا، فلو علمنا ذلك ما ذهبنا به معنا، وإنّما قلنا ونحفظ أخانا ممّا لنا إلى حفظه منه سبيل، وقال جويبر عن الضحّاك عن ابن عباس يعنون: أنّه سرق ليلا وهم نيام والغيب هو الليل بلغة حمير، وقال ابن عباس: لم نعلم ما كان يعمل في ليله ونهاره ومجيئه وذهابه، عكرمة وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ لعلّها دسّت بالليل في رحله. وقيل معناه: قد أخذت السرقة من رحله ونحن ننظر إليه، ولا علم لنا بالغيب فلعلّهم سرّقوه ولم يسرق، وهذا معنى قول أبي إسحاق، وقال ابن كيسان: لم نعلم أنّك تنصاب كما أصبت بيوسف، ولو علمنا ذلك لم [نأخذ] فتاك ولم نذهب به. وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها يعني أهل القرية وهي مصر، ابن عباس: قرية من قرى مصر. وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها يعني القافلة التي كنا فيها وكان معهم قوم من كنعان من جيران يعقوب (عليه السلام) ، قال ابن إسحاق: قد عرف الأخ المحتبس بمصر أنّ إخوته أهل تهمة عند أبيهم لما صنعوا في أمره فأمرهم أن يقولوا هذا الاسم، وَإِنَّا لَصادِقُونَ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ في الآية اختصار معناها، فرجعوا إلى أبيهم وقالوا له ذلك، فقال: بَلْ سَوَّلَتْ أي زيّنت لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً أردتموه فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً يوسف وبنيامين وأخيهما المقيم بمصر إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ بحزني ووجدي على فقدهم الْحَكِيمُ في تدبير خلقه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب