الباحث القرآني

وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ فهم في قبضته لا يقدرون على الخروج من مشيئته وهو مانعك منهم وحافظك فلا تهبهم وأمض لما أمرك به في تبليغ رسالته، قاله أكثر المفسرين. قال ابن عبّاس: يعني أحاط علمه بهم فلا يخفى عليه منهم شيء. مقاتل والبراء: أَحاطَ بِالنَّاسِ يعني أهل مكة أي أنها ستفتح لك. وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ. قال قوم: هي رؤيا عين وهو ما أرى النبي ﷺ‎ ليلة المعراج من العجائب والآيات فكان ذلك فتنة للناس، فقوم أنكروا وكذبوا، وقوم ارتدوا، وقوم صدقوا، والعرب تقول: [رأيت بعيني] رؤية ورؤيا وعلى هذا يحمل حديث معاوية أنه كان إذا سئل عن مسرى رسول الله ﷺ‎ قال: كانت رؤيا من الله صادقة أي [رؤيا عيان] أرى الله نبيه ﷺ‎ وما ذكرنا من تأويل الآية، قول سعيد بن جبير والحسن ومسروق وأبي مالك وقتادة ومجاهد والضحاك وابن زيد وابن جريج وعطية وعكرمة وعطية عن ابن عبّاس. وقال آخرون: هي ما أرى الله نبيه ﷺ‎ ليلة أسرى بروحه دون بدنه فلما قصها رسول الله ﷺ‎ على أصحابه [........] [[كلمة غير مقروءة.]] من أصحاب المسلمين وطعن فيها ناس من المنافقين. وهو ما روى جرير بن حازم عن أبي رجاء العطاردي، يحدث عن سمرة بن جندب قال: كان رسول الله ﷺ‎ إذا صلى الغداة أستقبل الناس [بوجهه] فقال: «هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا» ؟ فإن كان أحدا رأي تلك الليلة رؤيا قصها عليه فيقول فيها ما شاء الله أن يقول فسألنا يوما. فقال: «هل رأى منكم أحد الليلة رؤيا» ، قلنا: لا، قال: «لكني أتاني الليلة آيتان فقالا لي: انطلق فانطلقت معهما فأخرجاني إلى أرض مستوية فإذا رجل مستلقي على قفاه ورجل قائم بيده صخرة فشدخ بها رأسه [فيتبع] الحجر فإذا ذهب يأخذه عاد رأسه كما كان فهو يصنع به مثل ذلك، فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق فانطلقت معهما فأتينا على رجل مستلق لقفاه يرمش عينه، فإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد فإذا هو يأخذ أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه وعينه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه ثمّ يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ذلك فما يفرغ من ذلك حتّى يصبح ذلك الجانب كما كان ثمّ يعود إليه، فقلت لهما: سبحان الله ما هذا؟ قالا لي: انطلق فانطلقت معهما فأتيا على بيت مبني مثل بناء التنور أعلاه ضيق [وأسفله واسع] يوقد فيه النار فأطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب من أسفل [ضجّوا] ، قلت لهما: ما هؤلاء؟ قالا لي: انطلق فانطلقنا فأتينا على نهر من دم أحمر وإذا في البحر سابح يسبح فإذا على شاطئ النهر رجل عنده حجارة كثيرة وإذا ذلك السابح يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرا فيذهب فيسبح ما يسبح ثمّ يرجع إليه كما رجع إليه فيفغر له فاه [[هكذا في الأصل.]] فألقمه حجرا قال: فقلت ما هذا؟ قالا: انطلق فانطلقت فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما رأيت رجلا وإذا هو عنده نار [يحشها ويسعى] حولها قلت لهما: ما هذا؟ قالا: انطلق فانطلقنا فأتينا على روضة [معتمة] فيها من كل نوع الربيع وإذا شجرة عظيمة وفي أصلها شيخ طويل فإذا حوله صبيان كأكثر ولدان رأيتهم قط. قال: قلت ما هؤلاء؟ قالا: انطلق فانطلقنا فأتينا على دوحة عظيمة لم أر دوحة قط أعظم منها [ولا أحسن] قالا لي: أرق فارتقينا فانتهينا إلى مدينة مبنية من ذهب ولبن فضة فأتينا باب المدينة فاستفتحناها ففتح لنا فدخلناها فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم [كأحسن] ما رأيت [وشطر كأقبح] ما رأيت، قالا لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك النهر وإذا نهر معترض يجري كأنه المخيض من البياض فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا وقد ذهب السوء عنهم فصاروا في أحسن صورة قال: فقلت لهما [والله] إني ما رأيت مثل الليلة عجبا فما هذا الذي رأيت قالا إنا [سنخبرك أما الذي] [[هكذا في الأصل.]] أتيت عليه يشدخ رأسه بالحجر فإنه رجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة وأما الذي أتيت عليه يشرشر شدقه وعينه ومنخره إلى قفاه فإنه [رجل يغدوا] [[هكذا في الأصل.]] من بيته فيكذب [الكذبة تبلغ الآفاق] [[مستدركة عن الدر المنثور.]] . وأما الرجل والنساء العراة الذين في مثل التنور فإنهم الزناة والزواني، وأما الرجل الذي يسبح في النهر ويلقم الحجارة فإنه آكل الربا، وأما الرجل الكريه المرأة الذي عنده النار يحشها فإنه مالك خازن النار، وأما الرجل الطويل الذي في [الروضة] فإبراهيم (عليه السلام) وأما الولدان الذين حوله فكل مولود يولد على الفطرة. أما القوم الذين كانوا شطر خلقهم حسنا وشطر قبيحا فإنهم قوم خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً فتجاوز الله عنهم، وأما الروضة فهي جَنَّاتِ عَدْنٍ وأما المدينة التي دخلت فدار الشهداء. قال: بينما بصري صعدا فإذا مثل الذبابة البيضاء، قالا لي: ها هو ذا منزلك، وأنا جبرئيل وهذا ميكائيل. فقلت: بارك الله فيكما دعاني أدخل داري، فقالا: إنه قد بقي لك ولم تستكمله ولو استكملته دخلت دارك [37] [[بطوله في تفسير الدر المنثور: 3/ 274 بتفاوت يسير.]] . وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس قال: هي رؤيا التي رأى أنه يدخل مكة عام الحديبية هو وأصحابه وهو يومئذ بالمدينة فعجّل رسول الله ﷺ‎ السير إلى مكة قبل الأجل فردّه المشركون. فقال ناس: قد ردّ رسول الله ﷺ‎ وقد كان حدثنا إنه سيدخلها فكانت رجعته فتنتهم وقد كان في العام المقبل سار إليها رسول الله ﷺ‎ فدخلها فأنزل الله عزّ وجلّ: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ. سفيان بن عيينة عن علي بن زيد بن حذيفة عن سعيد بن المسيب، من قول الله تعالى وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ قال: أرى بني أمية على المنابر فساءه ذلك فقيل له إنها الدنيا يعطونها [فتزوى] عنه إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ قال: بلاء للناس. وروى عبد المهيمن عن بن عبّاس عن سهل بن سعد عن أبيه عن جده قال: رأى رسول الله ﷺ‎ بني أمية ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتّى مات، فأنزل الله في ذلك وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ المذكورة فِي الْقُرْآنِ يعني شجرة الزقوم ، ومجاز الآية: الشجرة الملعونة المذكورة في القرآن، ونصب الشَّجَرَةَ عطفا بها على الرُّؤْيَا تأويلها: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلّا فتنة للناس فكانت فتنتهم في الرؤيا ما ذكرت، وفتنتهم في الشجرة الملعونة أن أبا جهل قال- لما نزلت هذه الآية: أليس من الكذب ابن أبي كبشة أن يوعدكم بحرق الحجارة ثمّ يزعم إنه ينبت فيها شجرة وأنتم تعلمون إن النار تحرق الشجرة فما يقولون في الزقوم. فقال عبد الله بن [الزبوي] [[هكذا في الأصل.]] : إنها الزبد والتمر بلغة بربرة. فقال أبو جهل: يا جارية زقمينا فأتته بالزبد والتمر، فقال: يزعموا يا قوم فإن هذا ما يخوفكم به محمّد والله ما يعلم الزقوم إلّا الزبد والتمر، فأنزل الله تعالى إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ [[سورة الدخان: 43، 44.]] ووصفها في الصافات فقال: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ [[سورة الصافات: 64.]] أي خلقت من النار وحذيت بها وأنزل الله وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً. وروى ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن مولى لبني هاشم حدثه إن عبد الله بن الحرث ابن نوفل [أرسل] [[هكذا في الأصل.]] إلى ابن عبّاس: نحن الشجرة الملعونة في القرآن؟ قال: فقال: الشجرة الملعونة هي هذه الشجرة التي تلتوي على الشجر يعني الكشوث [[راجع تفسير القرطبي: 15/ 286.]] . فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً يعني من طين. وروى سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال: بعث رب العزة إبليس فأخذ كفا من أديم الأرض من عذبها وملحها فخلق منه آدم فكل شيء خلقه من عذبها فهو صائر إلى السعادة وإن كان ابن كافرين، وكل شيء خلقه من ملحها فهو صائر إلى الشقاوة وإن كان ابن نبيين. قال: ومن ثمّ قال إبليس: أأسجد لمن خلقت طينا أيّ هذه الطينة أنا جئت بها، ومن ثمّ سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض [[تفسير الطبري: 15/ 145.]] . قالَ إبليس أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ أي فضلته لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وأمهلتني لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ أيّ لأستولين على أولاده ولأحتوينهم ولأستأصلنهم بالإضلال ولأجتاحنهم. يقال: [احتنك] فلان ما عند فلان من علم أو كمال مما استقصاه وأخذه كله، واحتنك الجراد الزرع إذا أكله كله. قال الشاعر: أشكوا إليك سنة قد أجحفت ... وأحنكت أموالنا واجتلفت ويقال: هو من قول العرب حنّك الدابة يحنكها إذا شد في حنكها الأسفل حبلا يقودها به حتى يثبت. إِلَّا قَلِيلًا يعني المعصومين الذين استثناهم الله في قوله إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ [[سورة الحجر: 42.]] قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ أي جزاءك وجزاء أتباعك جَزاءً مَوْفُوراً وأمرا مكملا وَاسْتَفْزِزْ [استولي] واستخف واستزل واستمل مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ أي من ذرية آدم بِصَوْتِكَ. قال ابن عبّاس وقتادة: بدعائك إلى معصية الله وكل داع إلى معصية فهو من جند إبليس. وقال مجاهد: بالغناء والمزامير. وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ أي اجمع وصح. مقاتل: استفز عنهم. بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ أي ركبان جندهم ومشاتهم. قال المفسرون: كل راكب وماش في معاصي الله. ابن عبّاس ومجاهد وقتادة: إن له خيلا ورجلا من الجن والإنس، فما كان من راكب يقاتل في معصية فهو من خيل إبليس، وما كان من راجل يقاتل في معصية الله فهو من رجل إبليس والرجل الرجالة. وقرأ حفص: وَرَجِلِكَ بكسر الراء، وهما لغتان يقال: راجل ورجل مثل تاجر وتجر، وراكب وركب. وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ قال قوم: هو كل مال أصيب من حرام وأنفق في حرام، وهذا قول مجاهد والحسن وسعيد بن جبير وعبد الرحمن بن زيد، ورواية عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس. عطاء بن أبي رباح: هو الربا. قتادة: ما كان المشركون يحرمونه من الأنعام كالبحائر [[واحدتها: بحيرة.]] والسوايب والوصيلة والحوامي وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس. وقال الضحاك: هو ما كان يذبحونه لآلهتهم. وَالْأَوْلادِ. قال بعضهم: هم أولاد الزنا، وهو قول مجاهد والضحاك ورواية عطية عن ابن عبّاس. الوالبي عنه: هو ما قبلوا من أولادهم وأتوا فيهم الحرام. الحسن وقتادة: عدو الله شاركهم في أموالهم وأولادهم فمجّسوا وهوّدوا ونصّروا وصبّغوا غير صبغة الإسلام [[تفسير الطبري: 15/ 152.]] . أبو صالح عن ابن عبّاس: مشاركته إياهم في الأولاد وتسميتهم أولادهم عبد الحرث وعبد شمس وعبد فلان. وَعِدْهُمْ ومنّهم الجميل في طاعتك. قال الله وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً باطلا وخديعة لأنه لا يغني عنهم من عذاب الله إذا نزل بهم شيئا كقوله إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ [[سورة إبراهيم: 22.]] . إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا. رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي [يسوي ويجري] . لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ إلى قوله وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ أصابكم [الجهد] فِي الْبَحْرِ وخفتم الغرق ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ إلا دعاؤكم إياه فلم تجدوا ما يكفيكم سواه فَلَمَّا نَجَّاكُمْ من البحر وأخرجكم إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ عن الايمان والطاعة وكفرتم بما جاءكم وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً أَفَأَمِنْتُمْ بعد ذلك أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ يغيبكم ويذهبكم في جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً حجارة تمطر عليكم من السماء كما أمطر على قوم لوط. وقال أبو عبيد والقتيبي: الحاصب الذي يرمي بالحصباء، وهي الحصا الصغار. قال الفرزدق: مستقبلين شمال الشام يضربنا ... بحاصب كنديف القطن منثور ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ في البحر تارَةً مرة أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ أي قاصفا وهي الريح الشديدة. قال ابن عبّاس وقال أبو عبيدة: هي التي تقصف كل شيء أيّ تدقّه وتحطّمه وهي التي تقصف الشجر أي تكسره فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً ناصرا ولا ثائرا. واختلف القراء في هذه الآية. فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: نخسف ونرسل ونعيدكم ونغرقكم كلها بالنون لقوله (عَلَيْنا) . وقرأ الباقون: كلها بالياء لقوله (إِيَّاهُ) . إلّا أبا جعفر فإنه قرأ (تغرقكم) بالتاء يعني الريح. وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ ميمون بن مهران عن ابن عبّاس في قوله وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ قال: كل شيء يأكل بفيه إلّا ابن آدم يأكل بيديه، وعنه أيضا بالعقل. الضحاك: بالنطق وثمّ التمييز. عطاء: تعديل العامّة وامتدادها، يمان: بحسن الصورة. محمّد بن كعب: بأن جعل محمّدا منهم، وقيل: الرجال باللحي والنساء بالذواب. محمّد بن جرير: بتسليطهم على غيرهم من الخلق وتسخير سائر الخلق لهم. وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ يعني لذيذ المطاعم والمشارب. مقاتل: السمن والزبد والتمر والحلاوى وجعل رزق غيرهم ما لا يخفى عليكم. وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا. قال قوم: قوله: (كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا) استثناء للملائكة. قال الكلبي: فضلوا على الخلائق كلهم غير طائفة من الملائكة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وأشباههم. وقال الآخرون: المراد به جميع من خلقنا فالعرب قد تضع الأكبر والكثير في موضع الجمع والكل، كقول الله عزّ وجلّ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ [[سورة الشعراء: 222- 223]] والمراد به جميع الشياطين. معمر عن زيد بن أسلم، في قوله تعالى وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ قال: قالت: الملائكة ربنا إنك أعطيت بني آدم الدنيا يأكلون فيها ويتمتعون ولم تعطنا ذلك فأعطنا في الآخرة، فقال: وعزتي وجلالي لا أجعل ذرية من خلقت بيدي كما قلت لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. حماد بن سلمة عن أبي المهرم قال: سمعت أبا هريرة يقول: المؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده. يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ قال مجاهد وقتادة: بنبيهم، يدل عليه ما روى السدي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي ﷺ‎ في قوله تعالى يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ قال: بنبيهم. وقال أبو صالح وأبو نضر والضحاك وابن زيد: بكتابهم الذي أنزل عليهم وهي رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد وعن علي بن الحسين بن علي المرتضى (عليهم السلام) عن جده قال: قال رسول الله ﷺ‎: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ قال: «يؤتى كل قوم بإمام زمانهم وكتاب ربهم وسنّة نبيهم» [38] . أبو العالية والحسن: بأعمالهم، ودليل هذا التأويل قوله تعالى في سياق الآية فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ الآية ونظيرها قوله وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ فسمي الكتاب إماما. روى ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي ﷺ‎ قال: «من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من باب الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب [الريان] » . فقال أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما علي من دعي من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى من تلك الأبواب كلها أحد؟ قال: «نعم، وأرجو أن تكون منهم» [39] [[صحيح البخاري: 2/ 227، وصحيح مسلم: 3/ 91.]] . وتصديق هذا القول أيضا حديث الألوية والرايات. باذان وسعيد بن جبير عن ابن عبّاس: بِإِمامِهِمْ الذي دعاهم في الدنيا إلى الضلالة أو الهدي. عليّ بن أبي طلحة: بأئمتهم في الخير والشر. قال الله تعالى وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا [[سورة الأنبياء: 73.]] قال: وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [[سورة القصص: 41.]] ، وقيل: لمعبودهم. محمّد بن كعب: بأمهاتهم. قالت الحكماء: في ذلك ثلاثة أوجه من الحكمة أحدها: لأجل عيسى (عليه السلام) ، والثاني: أخيار الشرف الحسن والحسين (عليهما السلام) ، والثالث: لئلا يفضح أولاد الزنا. فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ إلى قوله تعالى فِي هذِهِ أَعْمى اختلفوا في هذه الإشارة. فقال قوم: هي راجعة إلى النعم التي عددها الله في هذه الآيات. عكرمة: جاء نفر من أهل اليمن إلى ابن عبّاس فسأله رجل عن هذه الآية فقال: اقرأ ما قبلها رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ إلى قول الله سَبِيلًا فقال ابن عبّاس: من كان في هذه النعم التي رأى وعاين أعمى فهو في أمر الآخرة التي لم ير ولم يعاين أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا. وقال آخرون: هي راجعة إلى الدنيا يقول مَنْ كانَ فِي هذِهِ الدنيا أَعْمى عن قدرة الله وآياته فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى. وقال أبو بكر الوراق: مَنْ كانَ فِي هذِهِ الدنيا أَعْمى عن حجته فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى عن جنته. وقال الحسن: من كان في الدنيا ضالا كافرا فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا، لأنه لم يتب في الدنيا ففي الآخرة لا تقبل توبته. واختلف القراء في هذين الحرفين. فأمالها أهل الكوفة وفخمها الآخرون. وأمّا أبو عمرو فكان يكسر الأول ويفتح الآخر يعني فهو في الآخرة أشد عمي لقوله: وَأَضَلُّ سَبِيلًا هي اختيار أبي عبيدة. قال الفراء: حدثني بالشام شيخ من أهل البصرة إنه سمع من العرب تقول: ما أسود شعره. قال الشاعر: أما الملوك فأنت اليوم الأمم ... لؤما وأبيضهم سربال طباخ [[لسان العرب: 7/ 124، والمستدرك: 4/ 551.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب