الباحث القرآني

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ. الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: كنت أمشي مع النبي ﷺ‎ بالمدينة وهو متكئ على عسيب فمرّ بقوم من اليهود، فقال بعضهم: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه، فقام متكأ على العسيب، قال عبد الله، وأنا خلفه فظنيت أنه يوحي إليه فقال وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا. فقال بعضهم لبعض: قلنا لكم لا تسألوه ، وفي غير الحديث عن عبد الله، قالوا: فكذلك نجد مثله إن الروح من أمر الله تعالى. وقال ابن عبّاس: قالت اليهود للنبي ﷺ‎ أخبرنا ما الروح وكيف يعذب الروح في الجسد ولم يكن نزل فيهم شيء؟ فلم يجبهم فأتاه جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية. ويروى أن اليهود اجتمعوا فقالوا لقريش حين سألوهم عن شأن محمّد وحاله سألوا محمدا عن الروح. وعن فتية فقدوا في الزمان الأوّل، وعن رجل بلغ شرق الأرض وغربها، فإن أجاب في ذلك كله فهو نبي وإن لم يجب من ذلك كله فليس بنبي، وإن أجاب في بعض ذلك وأمسك عن البعض فهو نبي فسألوا النبي ﷺ‎ عنها فأنزل الله عزّ وجلّ فيما سألوه عن الفتية قوله أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ [[سورة الكهف: 9.]] إلى آخر القصة. وأنزل عن الجواب الذي بلغ شرق الأرض وغربها وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ [[سورة الكهف: 83.]] إلى آخر القصة. وأنزل في الروح قوله وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ الآية. واختلفوا في هذا الروح المسئول عنه ما هو: فقال الحسن وقتادة: هو جبرئيل. قال قتادة: وكان ابن عبّاس يكتمه. وروى أبو الميسرة ممن حدثه عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) أنه قال: في قوله وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ الآية، قال: هو ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه لكل وجه منها سبعون ألف لسان لكل لسان منها سبعون ألف لغة، يسبح الله عزّ وجلّ بتلك اللغات كلها، يخلق من كل تسبيحة ملك يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة. ابن عبّاس: الروح خلق من خلق الله صورهم على صور بني آدم، وما نزل من السماء ملك إلّا ومعه واحد من الروح أبو صالح: الروح كهيئة الإنسان وليسوا بناس. مجاهد: الروح على صورة بني آدم لهم أيد وأرجل ورؤوس يأكلون الطعام وليسوا بملائكة. سعيد بن جبير: لم يخلق الله خلقا أعظم من الروح غير العرش ولو شاء أن بلغ السماوات السبع والأرضين السبع ومن فيها بلقمة واحدة لفعل صورة، خلقه على صورة الملائكة وصورة وجهه على صورة وجه الآدميين، فيقوم يوم القيامة وهو ممن يشفع لأهل التوحيد لولا أن سندس الملائكة سترا من نور لاحترق أهل السماوات من نوره. وقال قوم: هو الروح المركب في الخلق الذي يفقده [فأوهم وبوجوده مقاديم] [[هكذا في المخطوط.]] وقال بعضهم: أراد بالروح القرآن وذلك أن المشركين قالوا: يا محمّد من أتاك بهذا القرآن، فأنزل الله تعالى بهذه الآية وبيّن أنه من عنده وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يعني القرآن ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا ناصرا ينصرك ويرده عليك. وقال الحسن: وَكِيلًا ناصرا يمنعك منا إذا أردناك. إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ يعني لكن لا يشاء ربك رحمة من ذلك، إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً. هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو: إن رسول الله ﷺ‎ خرج وهو معصوب الرأس من وجع فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: «أيها الناس ما هذه الكتب التي يكتبون الكتاب غير كتاب الله يوشك أن يغضب الله لكتابه فلا يدع ورقا إلّا قليلا إلّا أخذ منه» . قالوا: يا رسول الله فكيف بالمؤمنين والمؤمنات يومئذ؟ قال: «من أراد الله به خيرا أبقى في قلبه لا إله إلّا الله» [53] [[مجمع الزوائد: 1/ 150، وكتاب الدعاء للطبراني: 437.]] . وروى شداد بن معقل عن عبد الله بن مسعود قال: إن أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون الصلاة والمصلين قوم لا دين لهم، وإن هذا القرآن تصبحون يوما وما معكم منه شيء، فقال رجل: كيف يكون ذلك يا أبا عبد الرحمن وقد أثبتناه في قلوبنا وأثبتناه في مصاحفنا نعلمه أبناءنا ويعلمه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة. قال: يسري به في ليلة فيذهب بما في المصاحف ما في القلوب [فتصبح الناس كالبهائم] ثمّ قرأ عبد الله وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ الآية [[راجع تفسير القرطبي: 10/ 325.]] . وروى موسى بن عبيدة عن صفوان بن سليم عن ناجية بن عبد الله بن عتبة عن أبيه عن عبد الله قال: أكثروا الطواف بالبيت قبل أن يرفع وينسى الناس مكانه وأكثروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع؟ قالوا: هذه المصاحف يرفع فكيف بما في صدور الرجال. قال: يسري عليه ليلا يصبحون منه فقراء [وينسون] قول لا إله إلّا الله فيتبعون في قول أهل الجاهلية وإشعارهم فذلك حين يقع عليهم القول. وعن عبد الله بن عمرو قال: لا يقوم الساعة حتّى يرفع القرآن من حيث نزل له دوي كدوي النحل فيقول الله تعالى: ما بالك، فيقول: منك خرجت وإليك أعود أتلي ولا يعمل فيّ. قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ لا يقدرون على ذلك. قال السدي: لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ لأنه غير مخلوق ولو كان مخلوقا لأتوا بمثله. وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً عونا. نزلت هذه الآية حين قال الكفار: لو شئنا لَقُلْنا مِثْلَ هذا فأكذبهم الله تعالى وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ إلى قوله إِلَّا كُفُوراً جحودا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب