الباحث القرآني

مكيّة، وهي أربعة آلاف وثمانمائة وحرفان، وألف وثمانمائة وأربعون كلمة، ومائة وثماني عشرة آية أخبرنا أبو الحسن الخباري قال: حدّثنا ابن حبش قال: حدّثني أبو العباس محمد بن موسى الدقاق الرازي قال: حدّثنا عبد الله بن روح المدائني قال: وحدّثنا طفران قال: حدّثنا ابن أبي داود قال: حدّثنا محمد بن عاصم قال: حدّثنا نسابة بن سوار الفزاري قال: حدّثنا مخلد بن عبد الواحد عن علي بن زيد عن عطاء بن أبي ميمونة عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله ﷺ‎: «من قرأ سورة المؤمنين بشّرته الملائكة بالرّوح والريحان وما تقرّ به عينه عند نزول ملك الموت» [8] [[تفسير مجمع البيان: 7/ 175.]] . بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ قد حرف تأكيد، وقال المحققون: معنى قد تقريب بالماضي من الحال، فدلّ على أنّ فلاحهم قد حصل وهم عليه في الحال، وهذا أبلغ في الصفة من تجريد ذكر الفلاح، والفلاح: النجاح والبقاء. أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن المفسّر بقراءته عليّ في سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة قال: أخبرنا أبو عمرو المعتزّ بن محمد بن الفضل القاضي قال: حدّثنا أحمد بن الحسين الفريابي قال: حدّثنا عبد الرحيم بن حبيب البغدادي عن إسحاق بن نجيح الملطي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ‎: «لمّا خلق الله سبحانه جنّة عدن خلق فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ثمّ قال لها: تكلّمي، قالت: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ- ثلاثا- ثمّ قالت: أنا حرام على كلّ بخيل ومرائي» [9] [[تاريخ مدينة دمشق: 52/ 151.]] . وقرأ طلحة بن مصرف: قَدْ أُفْلِحَ الْمُؤْمِنُونَ على المجهول، أي أبقوا في الثواب. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ اختلف المفسّرون في معنى الخشوع، فقال ابن عباس: مخبتون أذلّاء، الحسن وقتادة: خائفون. مقاتل: متواضعون على الخشوع في القلب، وأن تلين للمرء المسلم كنفك ولا تلتفت. مجاهد: هو غضّ البصر وخفض الجناح وكان الرجل من العلماء إذا قام إلى الصلاة هاب الرّحمن أن يمدّ بصره إلى شيء أو أن يحدّث نفسه بشيء من شأن الدنيا. عمرو بن دينار: ليس الخشوع الركوع والسجود ولكنّه السكون وحسن الهيئة في الصلاة. ابن سيرين وغيره: هو أن لا ترفع بصرك عن موضع سجودك. قالوا: وكان النبي ﷺ‎ وأصحابه يرفعون أبصارهم في الصلاة إلى السماء وينظرون يمينا ويسارا حتى نزلت هذه الآية، فجعلوا بعد ذلك وجوههم حيث يسجدون، وما رؤي بعد ذلك أحد منهم ينظر ألّا إلى الأرض. ربيع: هو أن لا يلتفت يمينا ولا شمالا. أخبرنا أبو عمرو الفراتي قال: أخبرنا أبو موسى قال: حدّثنا السراج قال: حدّثنا محمد بن الصباح قال: أخبرنا إسحاق بن سليمان قال: حدّثنا إبراهيم الخوزي عن عطاء بن أبي رباح قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله ﷺ‎: انّ العبد إذا قام إلى الصلاة فإنّه بين عينيّ الرّحمان عزّ وجلّ فإذا التفت قال له الربّ: إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك منّي؟ ابن آدم أقبل إليّ فأنا خير ممّن تلتفت إليه [[كنز العمّال: 7/ 505.]] . عطاء: هو أن لا تعبث بشيء من جسدك في الصلاة، وأبصر النبي ﷺ‎ رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال: لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه [[كنز العمّال: 3/ 144.]] . وأخبرنا محمد بن أحمد بن عقيل القطان قال: أخبرنا صاحب بن أحمد بن ترحم بن سفيان قال: حدّثنا أبو عبد الرّحمن بن نبيت المروزي عبدان قال: حدّثنا عبد الله بن المبارك عن معمّر أنه سمع الزهري يحدّث عن أبي الأحوص عن أبي ذر قال: قال رسول الله ﷺ‎: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإنّ الرحمة تواجهه فلا يحرّكن الحصى» [10] [[المصنّف: 2/ 38.]] . ويقال: نظر الحسن إلى رجل يعبث بالحصى ويقول: اللهم زوّجني من الحور العين، فقال: بئس الخاطب أنت تخطب وأنت تعبث. خليد [[في النسخة الثانية: خليل.]] بن دعلج عن قتادة: هو وضع اليمين على الشمال في الصلاة. بعضهم: هو جمع الهمّة لها والإعراض عمّا سواها. أبو بكر الواسطي: هو الصلاة لله سبحانه على الخلوص من غير عوض. سمعت ابن الإمام يقول: سمعت ابن مقسم يقول: سمعت أبا الفضل جعفر بن أحمد الصيدلي يقول: سمعت ابن أبي الورد يقول: يحتاج المصلي إلى أربع خلال حتى يكون خاشعا: إعظام المقام، وإخلاص المقال، واليقين التمام، وجمع الهمّة. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ قال الحسن: عن المعاصي، ابن عباس: الحلف الكاذب، مقاتل: الشتم والأذى، غيرهم: ما لا يحمل من القول والفعل، وقيل: اللغو الفعل الذي لا فائدة فيه. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ الواجبة فاعِلُونَ مؤدّون، وهي فصيحة وقد جاءت في كلام العرب قال أميّة بن أبي الصلت: المطعمون الطعام في السنة ... الأزمة والفاعلون للزكوات وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أي من أزواجهم، على بمعنى من أَوْ ما في محل الخفض يعني أو من ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ على إتيان نسائهم وإمائهم. فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ أي التمس وطلب سوى زوجته وملك يمينه فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ من الحلال إلى الحرام، فمن زنى فهو عاد. وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ التي ائتمنوا عليها وَعَهْدِهِمْ وعقودهم التي عاقدوا الناس عليها راعُونَ حافظون وافون. وقرأ ابن كثير: لأمانتهم على الواحد لقوله: «وَعَهْدِهِمْ» . الباقون: بالجمع لقوله إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها [[سورة النساء: 58.]] . وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ يداومون على فعلها ويراعون أوقاتها، فأمر بالمحافظة عليها كما أمر بالخشوع فيها لذلك كرّر ذكر الصلاة. أُولئِكَ أهل هذه الصفة هُمُ الْوارِثُونَ يوم القيامة منازل أهل الجنة من الجنة. وروى أبو هريرة عن رسول الله ﷺ‎ قال: ما منكم من أحد إلّا وله منزل في الجنة ومنزل في النار، فإن مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله تعالى أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ [[كنز العمّال: 2/ 8.]] . وقال مجاهد: لكل واحد منزلان: منزل في الجنة ومنزل في النار، فأمّا المؤمن فيبنى منزله الذي له في الجنة، ويهدم منزله الذي هو في النار، وأما الكافر فيهدم منزله الذي في الجنة، ويبنى منزله الذي في النار. وقال بعضهم: معنى الوراثة هو أنّه يؤول أمرهم إلى الجنة وينالونها كما يؤول أمر الميراث إلى الوارث. الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ أي البستان ذا الكرم، قال مجاهد: هي بالرومية، عكرمة: هي الجنة بلسان الحبش، السدّي: هي البساتين عليها الحيطان بلسان الروم. وفي الحديث [[مسند أحمد: 3/ 215. بتفاوت.]] : إن حارثة بن سراقة قتل يوم بدر فقالت أمّه: يا رسول الله إن كان ابني من أهل الجنة لم أبك عليه، وإن كان من أهل النار بالغت في البكاء، فقال: «يا أمّ حارثة إنّها جنان وإنّ ابنك قد أصحاب الفردوس الأعلى من الجنة» [11] . أخبرني أبو الحسن [[في النسخة الثانية: أبو العباس.]] عبد الرّحمن بن إبراهيم بن محمد الطبراني بها قال: حدّثنا أبو عبد الله محمد بن يونس بن إبراهيم بن النضر المقري قال: حدّثنا العباس بن الفضل المقري قال: حدّثنا أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم قال: حدّثنا يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي قال: حدّثني عبد الله بن لهيعة الحضرمي قال: حدّثنا عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير في قول الله سبحانه قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ يعني قد سعد المصدّقون بتوحيد الله سبحانه، ثم نعتهم ووصف أعمالهم فقال عزّ من قائل الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ يعني متواضعين لا يعرف من على يمينه ولا من على يساره، ولا يلتفت من الخشوع لله وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ يعني الباطل والكذب وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ يعني الأموال كقوله سبحانه في الأعلى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى [[سورة الأعلى: 14.]] يعني من ماله وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ يعني عن الفواحش، ثم قال إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ يعني ولائدهم فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ لا يلامون على جماع أزواجهم وولائدهم فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فمن طلب الفواحش بعد الأزواج والولائد ما لم يحلّ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ يعني المعتدين في دينهم وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ يعني ما ائتمنوا عليه فيما بينهم وبين الناس وَعَهْدِهِمْ راعُونَ يعني حافظين يؤدّون الأمانة ويوفون بالعهود وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ يعني يحافظون عليها في مواقيتها، ثمّ أخبر بثوابهم فقال أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ ثمّ بين ما يرثون فقال الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ يعني الجنة بلسان الرومية هُمْ فِيها خالِدُونَ لا يموتون فيها. أخبرنا محمد [[في النسخة الثانية زيادة: بن أحمد.]] بن عقيل القطان [[في النسخة الثانية: العطار.]] قال: أخبرنا حاجب بن أحمد بن سفيان قال: حدّثنا محمد بن حماد البيوردي قال: حدّثنا عبد الرزاق قال: أخبرني يونس بن سليم قال أملى [[في النسخة الثانية زيادة: يونس بن.]] علىّ صاحب ايلة عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرّحمن بن عبد القاري قال: سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول: كان إذا نزل على رسول الله ﷺ‎ الوحي يسمع عند وجهه كدوىّ النحل، فمكثنا ساعة فاستقبل ورفع يديه فقال: «اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنّا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارض عنّا، ثمّ قال: لقد أنزل علينا عشر آيات من أقامهن دخل الجنّة، ثمّ قرأ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ عشر آيات [[منتخب مسند عبد بن حميد: ص 34.]] [12] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب