الباحث القرآني

وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ، وقيل هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه. حين لامه النّاس على إنفاق ماله كلّه، وحين شتم فحلم. أخبرنا ابن فنجويه، حدثنا عبيد الله بن محمد بن شنبه، حدثنا إسحاق بن صدقة، حدثنا عبد الله بن هاشم، حدثنا سيف بن عمر، عن عطية، عن أيوب، عن علي رضي الله عنه قال: اجتمع لأبي بكر رضي الله عنهما مال مرة فتصدق به كلّه في سبيل الخير، فلامه المسلمون وخطّأه الكافرون، فأنزل الله تعالى: فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا ... إلى قوله: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ خص به أبا بكر وعم به من اتبعه. وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ينتقمون من ظالميهم من غير أن يعتدوا. وقال مقاتل: هذا في المجروح ينتصر من الجارح فيقتص منه. قال إبراهيم: في هذه الآية كانوا يكرهون أن يستذلوا فإذا قدروا عفو له. وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها سمي الجزاء باسم الابتداء وإن لم يكن سيئة لتشابههما في الصورة. قال ابن نجيح: هو أن يجاب قائل الكلمة القبيحة بمثلها، فإذا قال: أخزاه الله. يقول له: أخزاه الله، وقال السدّي: إذا شتمك بشتمة فاشتمه بمثلها من غير أن تعتدي. أخبرنا ابن فنجويه، حدثنا ابن حنش المقري، حدثنا أبو القاسم بن الفضل، حدثنا علي بن الحسين، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر، قال سفيان بن عيينة: قلت لسفيان الثوري: ما قوله تعالى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها أن يشتمك رجل فتشتمه؟، أو أن يفعل بك فتفعل به؟ فلم أجد عنده شيئا فسألت هشام بن حجير عن هذه الآية، فقال: الجارح إذا جرح تقتص منه وليس هو أن يسبك فتسبه. وقال سفيان: وكان ابن شبرمة يقول: أليس بمكّة مثل هشام بن حجير فَمَنْ عَفا فلم ينتقم. قال ابن عباس: فمن ترك القصاص وَأَصْلَحَ، وقال مقاتل: وكان العفو من الأعمال الصالحة فأجره على الله. قال ابن فنجويه العدل، حدثنا محمد بن الحسن بن بشر، أخبرنا أبو العباس محمد بن جعفر بن ملاس الدمشقي، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن بشر القريشي، حدثنا زهير بن عباد المدائني، حدثنا سفيان بن عينية عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: قال النبي ﷺ‎: «إذا كان يوم القيامة، نادى مناد من كان له على الله أجر، فليقم، قال: فيقوم عنق كثير. قال: فقال: ما أجركم على الله، فيقولون: نحن الّذين عفونا عمّن ظلمنا، وذلك قوله تعالى: فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فيقال لهم: ادخلوا الجنّة بإذن الله» [187] [[الدر المنثور: 6/ 11.]] . إِنَّهُ إنّ الله لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. قال ابن عباس: الّذين يبدءون بالظلم. لقوله تعالى: وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ. فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ. مبتدئين به. وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ. فلم يكاف. إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وحزمها. وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ يهديه أو يمنعه من عذاب الله. وَتَرَى الظَّالِمِينَ الكافرين. لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ رجوع إلى الدّنيا. مِنْ سَبِيلٍ وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها أي على النّار خاشِعِينَ خاضعين متواضعين مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ ذليل قد خفي من الذّلّ. قاله ابن عباس، وقال مجاهد وقتادة والسدّي والقرظي: سارقو النظر. واختلف العلماء باللغة في وجه هذه الآية، فقال يونس: من بمعنى الياء، مجازه: بطرف خفيّ، أي ضعيف من الذل والخوف، وقال الأخفش: الطرف العين، أي ينظرون من عين ضعيفة، وقيل: إنّما قال: مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ لأنه لا يفتح عينه إنّما ينظر ببعضها، وقيل معناه: ينظرون إلى النّار بقلوبهم لأنّهم يحشرون عميا، والنظر بالقلب خفيّ. وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ دائم. وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ. وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ طريق للوصول [[في المخطوط: إلى الوصول.]] إلى الحقّ في الدّنيا والجنّة في العقبى، قد انسدت عليه طرق الخير. اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ بالإيمان والطاعة. مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ. ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ معقل. يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ منكم يغير ما بكم. فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً. إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ. وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً فلا يكون له ولد ذكر. أخبرنا الحسين بن محمّد بن فنجويه، حدثنا الفضل بن الفضل الكندي، حدثنا محمد بن الحسين الفرج، حدثنا أحمد بن الخليل القومي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا حكيم بن حزام أبو سمير، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول الله ﷺ‎: «إنّ من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذّكر، وذلك إنّ الله تعالى يقول: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ . ألا ترى إنّه بدأ بالإناث قبل الذّكور» [188] [[كنز العمال: 16/ 611/ ح 46046، وتفسير القرطبي: 16/ 48 بتفاوت في المصدرين.]] . وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ فلا يكون له أنثى. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً يجمع بينهما فيولد له الذّكور والإناث. تقول العرب: زوّجت وزوجت الصغار بالكبار. أي قرنت بعضها ببعض. أخبرنا ابن فنجويه، حدثنا طلحة وعبيد، قالا: حدثنا ابن مجاهد، حدثنا الحسين بن علي ابن العباس، حدثنا سهل بن عثمان، حدثنا عبيد الله، عن إسماعيل بن سلمان، عن أبي عمر، عن ابن الحنيفة في قوله تعالى: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً. قال: التوائم. وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً فلا يلد ولا يولد له. أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسين، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا الحسن بن علوية، حدثنا إسماعيل بن عيسى، حدثنا إسحاق بن بشر، في قول الله تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً قال: نزلت في الأنبياء (عليهم السلام) ثمّ عمّت، يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً يعني لوطا (عليه السلام) لم يولد له ذكر إنّما ولد له ابنتان. وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ ويعنى إبراهيم (عليه السلام) لم يولد له أنثى أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً يعني النبي ﷺ‎ ولد له بنون وبنات وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً يعني يحيى وعيسى (عليهم السلام) . إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ. أخبرنا أبو محمد الحسين بن أحمد بن محمد المخلدي إملاء، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك ابن محمد بن عدي، حدثنا عمار بن رجاء وعلي بن سهل بن المغيرة، قالا: حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، أخبرنا ابن فنجويه، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا ابن وهب، حدثنا إبراهيم بن سعيد، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، حدثنا أبو حمزة السّكري المروزي، عن إبراهيم الصائغ عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود، عن عائشة «رضي الله عنها» . قالت: قال رسول الله ﷺ‎: «إنّ أولادكم هبة [الله] لكم يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ [فهم] وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها» [189] [[نصب الراية: 3/ 569، والدر المنثور: 6/ 12، وفيه: فهم وأموالكم.]] . قال علي بن الحسن: سألني يحيى بن معين عن هذا الحديث [[كذا في المخطوط، ولم نجده في المصادر، وعلي بن الحسن هو ابن شقيق راوي الحديث.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب