الباحث القرآني

[ثمّ بيّن] المحرمات فقال قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً أي شيئا محرّما عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ آكل يأكله. وقرأ علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه: يَطَعَّمُهُ مثقلة بالطاء أراد يتطعّمه فأدغم، وقرأت عائشة على طاعم طعمه [[بفعل ماض.]] إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً [مهراقا] سائلا. قال عمران بن جرير: سألت أبا مجلز عمّا يتلطخ من اللحم بالدم وعن القدر تعلوها حمرة الدم. قال: لا بأس به إنّما نهى الله سبحانه عن الدم المسفوح. وقال إبراهيم: لا بأس الدم في عروق أو مخ إلّا المسفوح الذي تعمّد ذلك، قال عكرمة: لولا هذه الآية لاتّبع المسلمون من العروق ما تتبّع اليهود [[راجع تفسير القرطبي: 7/ 124.]] أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ خبيث أَوْ فِسْقاً معصية أُهِلَّ ذبح لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا يعني اليهود حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ، وهو ما لم يكن مشقوق الأصابع من البهائم والطير. مثل الإبل والنعّام والإوزة والبط. قال ابن زيد: هو الإبل فقط. وقال القتيبي: هو كلّ ذي مخلب من الطيور وكل ذي حافر من الدواب، وقد حكاه عن بعض المفسّرين، وقيل: سمّي الحافر ظفرا على الاستعارة وأنشد قول طرفة: فما رقد الولدان حتّى رأيته ... على البكر يمريه بساق وحافر [[البيت لجبيها الأسدي كما في اللسان: 4/ 206.]] فجعل الحافر موضع القدم. وقرأ الحسن كُلَّ ذِي ظِفْرٍ مكسورة الظاء مسكنة الفاء. وقرأ [أبو سماك] ظِفِرٍ بكسر الظاء والفاء وهي لغة. وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما يعني [الشروب] وشحم الكليتين إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أي ما علق بالظهر والجانب إلّا من داخل بطونها أَوِ الْحَوايا يعني الماعز أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ مثل لحم الإلية ذلِكَ التحريم جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ بظلمهم عقوبة لهم بقتلهم الأنبياء وصدهم عن سبيل الله وأخذهم الربا واستحلالهم أموال الناس بالباطل وَإِنَّا لَصادِقُونَ في أخبارنا عن هؤلاء اليهود وعمّا حرّمنا عليهم من اللحوم والشحوم. سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا [لمّا الزمنا بينهم] الحجّة وتبيّنوا وتيقنوا باطل ما كانوا عليه لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا من قبل وَلا حَرَّمْنا ما حرّمنا من التغاير والسوايب وغير ذلك لأنّه قادر على أن يحمل بيننا وبين ذلك حتّى لا نفعله ولكنّه رضي منا ما نحن عليه من عبادة الأصنام وتحريم الحرث والأنعام وأراد منّا وأمرنا به فلم يحل بيننا وبين ذلك فقال الله تعالى تكذيبا لهم وردّا عليهم كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ولو كان كذلك خيرا من الله تعالى عن من كذّبهم في قولهم لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا لقال كذلك (كذّب الذين من قبلهم) بتخفيف الذال وكان نسبهم إلى الكذب لا إلى التكذيب. وقال الحسن بن الفضل: [لمّا خبّروا بهذه المقالة] تعظيما وإجلالا لله سبحانه وتعالى وصفة منهم به لمّا عابهم ذلك، لأن الله قال وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا وقال سبحانه: ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وقال وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ والمؤمنون يقولون هذا ولكنّهم قالوا ذلك تكذيبا وتخرصا وبدلا من غير معرفة بالله تعالى وبما [يقولون] نظيره قوله وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ [[سورة الزخرف: 20.]] ، قال الله تعالى ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ بقولهم هذا من غير علم بيّنهم بآية والمؤمنون وبقوله وعلم منهم بالله عزّ وجلّ ثمّ قال هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ من حظ وحجّة على ما يقولون من غير علم ويقين وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ تكذّبون قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ التامة الكافية على خلقه فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذا أي احضروهم وأتوا بهم فقالوا: نحن نشهد، فقال الله تعالى: فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ إلى قوله يَعْدِلُونَ يشركون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب