الباحث القرآني

هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى قرأ أهل الحجاز وأيوب ويعقوب بتشديد الزاي أي تتزكّى ومثله روى العباس عن أبي عمرو، غيرهم بتخفيفه ومعناه تسلّم وتصلح وتطهّر. وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى أخبرنا ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حبيش قال: أخبرنا ابن زنجويه قال: حدّثنا مسلمة قال: حدّثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن التيمي عن عبيد الله بن أبي بكر قال: حدّثني صخر بن جويرية قال: لما بعث الله تعالى موسى (عليه السلام) إلى فرعون فقال له: اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى إلى فَتَخْشى ولن يفعل. قال موسى (عليه السلام) : يا رب وكيف أذهب إليه وقد علمت أنه لن يفعل؟ فأوحى الله تعالى إليه أن أمض إلى من أمرت به فإن في السماء اثني عشر ألف ملك يطلبون علم القدر فلم يبلغوه ولم يدركوه. فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى وهي العصا واليد البيضاء. فَكَذَّبَ وَعَصى ثُمَّ أَدْبَرَ تولى وأعرض عن الإيمان. يَسْعى يعمل بالفساد فَحَشَرَ فجمع السحرة وقومه فَنادى فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى يقول ليس ربّ فوقي، وقيل: أراد أن الأصنام أرباب وأنا ربّها وربكم، وقيل: أراد القادة والسادة فَأَخَذَهُ اللَّهُ فعاقبه الله نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى يعني في الدنيا والآخرة، الأولى بالغرق وفي الآخرة بالنار، وقيل: نكال كلمته الأولى وهي قوله سبحانه ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي وكلمته الآخرة هي قوله أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى وكان بينهما أربعون سنة. إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى أَأَنْتُمْ أيها المنكرون للبعث أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ إن الذي قدر على خلق السماء قادر عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى وقوله لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [[سورة غافر: 57.]] . بَناها رَفَعَ سَمْكَها سقفها، قال الفراء: كل شيء حمل شيئا من البناء وغيره فهو سمك وبناء وسموك فَسَوَّاها بلا شطور ولا فطور وَأَغْطَشَ أظلم لَيْلَها والغطش أشد الظلمة ورجل أغطش أي أعمى وَأَخْرَجَ ضُحاها أبرز وأظهر نهارها ونوره. وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها اختلفوا في معنى الآية، فقال ابن عباس: خلق الله سبحانه الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ، ثم دحا الأرض بعد ذلك أي بسطها، قال ابن عباس وعبد الله بن عمرو: خلق الله الكعبة ووضعها على الماء على أربعة أركان قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام فدحيت الأرض من تحت البيت، وقيل معناه: والأرض مع ذلك دحاها كما يقال للرجل: أنت أحمق وأنت بعد هذا لئيم الحسب، أي مع هذا، قال الله عزّ وجل: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ [[سورة القلم: 13.]] أي مع ذلك، وقال الشاعر: فقلت لها عني إليك فإنني ... حرام وإني بعد ذاك لبيب [[تفسير القرطبي: 19/ 205.]] يعني مع ذلك. ودليل هذا التأويل قراءة مجاهد والأرض عند ذلك دحاها وقيل بعد بمعنى قبل كقوله سبحانه: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ [[سورة الأنبياء: 105.]] أي من قبل الذكر وهو القرآن، وقال الهذلي: حملت الهي بعد عروة إذا نجا خراش وبعض الشراهون من بعض زعموا أن خراشا نجا قبل عروة. وقراءة العامة وَالْأَرْضَ بالنصب، وقرأ الحسن والأرض رفعها بالابتداء الرجوع الهاء وكلا الوجهين سائغان في عائد الذكر، والدّحو البسط والمدّ، ومنه أدحي النعامة لأنها تدحوه بصّدرها، يقال: دحا يدحوا دحوا ودحا يدحا دحيا لغتان مثل قولهم طغى يطغو أو يطغي وصغا يصغو ويصغي، ومحا يمحو ويمحي ولحي العود يلحوا أو يلحي، فمن قال: يدحو قال دحوت، ومن قال يدحا قال: دحيت. أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها قال القتيبي: أنظر كيف دلّ بشيئين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا ومتاعا للأنعام من العشب والشجر والحبّ والتمر والعصف والحطب واللباس والنار والملح، لأنّ النار من العيدان والملح من الماء. وَالْجِبالَ أَرْساها قراءة العامة بالنصب وقرأ عمرو بن عبيد بالرفع. مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى وهي القيامة سميت بذلك لأنها تطم على كلّ هائلة من الأمور فتغمر ما سواها بعظم هولها أي يغلب، والطامة عند العرب الناهية التي لا تستطاع، وإنّما أخرت من قولهم طمّ الفرس طميمها إذا استفرغ جهده الجري. أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حبيش قال: حدّثنا محمد بن عمران قال: حدّثنا هناد ابن السهى قال: حدّثنا أبو أسامة عن ملك بن مغول عن القاسم الهمداني فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى قال الحسن: يسوق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار. يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى عمل في الدنيا من خير أو شر وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى فَأَمَّا مَنْ طَغى وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها متى ظهورها وثبوتها فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها علمها عند الله ولست من علمها في شيء قالت عائشة: لم يزل النبي ﷺ‎ يذكر الساعة ويسأل عنها حتى نزلت هذه الآيات. إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها قراءة العامة بالإضافة وقرأ أبو جعفر وابن محيض منذر بالتنوين، ومثله روى العباس عن أبي عمرو. كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا في الدنيا قيل: في قبورهم، إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها قال الفراء: ليس للغاشية ضحى إنّما الضحى لصدر النهار ولكن هذا ظاهر من كلام العرب أن تقولوا أتتك العشية أو عداتها إنما معناه آخر يوم أو أوّله قال وأنشد بعض بني عقيل: نحن صبّحنا عامرا في دارها ... جردا تعاطى طرفي نهارها [[لسان العرب: 2/ 503.]] عشية الهلال أو سرارها. بمعني عشية الهلال أو عشية سرار العشية.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب