الباحث القرآني

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ليصرفوا عن دين الله الناس. قال سعيد بن جبير: وابن ابزى نزلت في أبي سفيان بن حرب استأجر يوم أحد ألفين من [الأحابيش] يقاتل بهم النبيّ ﷺ‎ [سوى] من أشخاص من العرب. وفيهم يقول كعب بن مالك: فجينا إلى موج البحر وسطه ... أحابيش منهم حاسر ومقنع وفينا رسول الله نتبع قوله ... إذ قال فينا القول لا ينقطع ثلاثة الألف ونحن نظنه ثلاث ... مئين أن كثرن فاربع [[تفسير الطبري: 9/ 322، والبداية والنهاية 4/ 62 وذكر بقية الأبيات.]] وقال الحكم بن عيينة: نزلت في أبي سفيان بن حرب حيث أنفق على المشركين يوم أحد أربعين أوقية وكانت أوقيته اثنين وأربعين مثقالا. وقال ابن إسحاق عن رجاله: لما أصيبت قريش من أصحاب القليب يوم بدر، فرجع فيلهم إلى مكّة ورجع أبو سفيان ببعيره إلى مكّة [مشى] عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أميّة في رجال من قريش أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم يوم [بدر] فكلّموا أبا سفيان بن حرب ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا: يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال الذي أفلت على حربه أملنا أن ندرك منه ثأرا بمن أصيب منا، ففعلوا فأنزل الله فيهم هذه الآية [[عين العبرة: 54، وعيون الأثر: 1/ 392.]] . وقال الضحاك: هم أهل بدر. وقال مقاتل والكلبي: نزلت في المطعمين يوم بدر وكانوا اثني عشر رجلا: عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس وبنيه ومنبه ابنا الحجّاج البحتري بن هشام والنضر بن حارث وحكم بن حزام وأبي بن خلف، وزمعة بن الأسود والحرث بن عامر ونوفل والعباس بن عبد المطلب كلهم من قريش، وكان يطعم كل واحد منهم عشر جزر. قال الله فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ولا يظفرون وَالَّذِينَ كَفَرُوا منهم خصّ الكفّار لأجل من أسلم منهم إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ لِيَمِيزَ اللَّهُ بذلك الحشر الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ الكافر من المؤمن فيدخل الله المؤمن الجنان والكافر النيران. وقال الكلبي: يعني العمل الخبيث من العمل الطيب الصالح فيثيب على الأعمال الصالحة الجنّة ويثيب على الأعمال الخبيثة النار. قرأ أهل الكوفة والحسن وقتادة والأعمش وعيسى: لِيَمِيزَ اللَّهُ بالتشديد. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم. وقال ابن زيد: يعني الإنفاق الطيب في سبيل الله من الإنفاق الخبيث في سبيل الشيطان فجعل نفقاتهم في قعر جهنم ثمّ يقال لهم: الحقوا بها. وقال مرّة الهمداني: يعني يميز المؤمن في علمه السابق الذي خلقه حين خلقه طيبا من الخبيث الكافر في علمه السابق الذي خلقه خبيثا، وذلك أنّهم كانوا على ملة الكفر فبعث الله الرسول بالكتاب لِيَمِيزَ [اللَّهُ] الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ فمن [أطاع] استبان أنّه طيب ومن خالفه استبان أنّه خبيث [[تفسير القرطبي: 7/ 401.]] وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ بعضه فوق بعض فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً أي يجمعه حتّى يصيّره مثل السحاب الركام وهو المجتمع الكثيف فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ فوحد الخبر عنهم لتوحيد قول الله تعالى لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ ثمّ قال أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ فجمع، رده إلى أول الخبر [[تفسير الطبري: 9/ 325.]] ، يعني قوله: الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ ... أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ الذين غنيت صفقتهم وخسرت تجارتهم لأنّهم اشتروا بأموالهم عذاب الله في الآخرة قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا أبي سفيان وأصحابه إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ان ينتهوا من الشرك وقال محمد: يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ من عملهم قبل الإسلام وَإِنْ يَعُودُوا لقتال محمد ﷺ‎ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ في نصر الأنبياء والأولياء وهلاك الكفّار والأعداء مثل يوم بدر. قال الأستاذ الإمام أبو إسحاق: سمعت الحسن بن محمد بن الحسن يقول: سمعت أبي يقول: سمعت عليّ بن محمد الوراق يقول: سمعت يحيى بن معاذ الرازي يقول: إنّي لأرجو أنّ توحيدا لم يعجز عن هدم ما قبله من كفر لا يعجز عن هدم ما بعده من ذنب. وأنشدني أبو القاسم الحبيبي بذلك أنشدني أبو سعيد أحمد بن محمد الزيدي: يستوجب العفو الفتى إذا اعترف ... ثمّ انتهى عمّا أتاه واقترف [[تفسير القرطبي: 7/ 401.]] لقوله سبحانه [في المعترف:] قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ. ... وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ أي شرك، وقال أبو العالية: بلاء، وقال الربيع: حتّى لا يفتن مؤمن عن دينه وَيَكُونَ الدِّينُ التوحيد خالصا كُلُّهُ لِلَّهِ عزّ وجلّ ليس فيه شرك ويخلع ما دونه من الأنداد. وقال قتادة: حتّى يقال: لا إله إلّا الله، عليها قاتل نبي الله وإليها دعا. وقيل: حتّى تكون الطاعة والعبادة لله خالصة دون غيره [[تفسير الطبري: 2/ 262.]] فَإِنِ انْتَهَوْا عن الكفر والقتال فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَإِنْ تَوَلَّوْا عن الإيمان وعادوا إلي فقال أهله فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ ناصركم ومعينكم نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ الناصر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب