الباحث القرآني

قُتِلَ لعن، قال ابن عباس: كل شيء في القرآن قتل فهو لعن. أَصْحابُ الْأُخْدُودِ: الشق واختلفوا فيهم فأخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن بن جعفر قال: حدّثنا الحاكم أبو محمد يحيى بن منصور وأبو القاسم منصور بن العباس بنو شنج وأبو الحسن محمد بن محمود بن عبيد الله بمرو وأبو بكر أحمد بن محمد بن عبيد الله الطاهري [....] [[كلمة غير مقروءة في المخطوط.]] واللفظ له قالوا: حدّثنا الحسن بن شيبان بن عامر الشيباني أن هدية بن خالد القيسي حدثهم قال: حدّثنا حماد بن سلمة، وحدثت عن محمد بن جرير قال: حدّثني محمد بن معمر قال: حدّثني حرمي بن عمارة قال: حدّثنا حماد بن سلمة قال: حدّثنا ثابت بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب إنّ رسول الله ﷺ‎ قال: «كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر الساحر قال للملك إني قد كبرت فابعث إليّ غلاما أعلمه السحر فبعث إليه غلاما يعلمه فكان في طريقه راهب فقعد إليه الغلام وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتي الساحر ضربه وإذا رجع من عند الساحر قعد إلى الراهب فسمع كلامه فإذا أتى أهله ضربوه، فشكى ذلك إلى الراهب فقال: إذا احتبست على الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا احتبست على أهلك فقل: حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال: اليوم أعلم الساحر خير أم الراهب، فأخذ حجرا ثم قال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذا الدابة حتى يمضي الناس، فرمى بها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهب فأخبره فقال الراهب: أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما قد أرى وإنك ستبتلى فإذا ابتليت فلا تدل علي، وكان الغلام يبري الأكمه والأبرص ويداوي الناس من سائر الأدواء، فسمع جليس للملك قد كان عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال: لك هذا إن أنت شفيتني فقال: إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله عز وجل، فإن آمنت بالله دعوت الله عز وجل فشفاك، فآمن بالله تعالى فشفاه الله فأتى الملك يمشي فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك: وسأله بما شفيت قال: بدعاء الغلام، فأرسل إلى الغلام فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما يبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل، فلم يزل يعذبه حتى دلّ على الراهب فجيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبي فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال لهم اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به فإذا بلغ ذروته فإن رجع عن دينه وإلّا فاطرحوه، فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال: اللهم اكفنيهم كيف شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك فقال له: ما فعل أصحابك؟ فقال: أكفانيهم الله عز وجل فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال احملوه في قرقور فتوسطوا به البحر فلجوا به فإن رجع عن دينه وإلّا فاقذفوه فيه. فذهبوا به فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا به، فجاء يمشي الى الملك فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: أكفانيهم الله عز وجل، فقال للملك: إنّك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: ما هو؟ قل: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهما من كنانتي ثم تضع السهم في كبد القوس ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم في صدغه فوضع الغلام يده في موضع السهم فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام ثلاثا ثلاثا، فأتي الملك فقيل له: أريت ما كنت تحذره قد والله نزل بك حذرك، قد آمن الناس كلهم. فأمر [بحفر] الأخدود بأفواه السكك وأضرم النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فاقذفوه فيها، أو قيل له اقتحم، ففعلوا ذلك حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال الغلام: يا أمّه اصبري فإنك على حق» [122] [[الآحاد والمثاني للضحاك: 1/ 219- 221 ح 187، وصحيح مسلم: 8/ 231.]] . محمد بن يحيى قال: حدّثنا مسلم بن قتيبة قال: حدّثنا جرير بن حازم عن أيوب عن عكرمة في قول الله سبحانه: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ قال: كانوا من قومك من النبط، وقال الكلبي: هم نصارى أهل نجران وذلك ان ملك نجران أخذ بها قوما مؤمنين فخدّ لهم في الأرض سبعة أخاديد طول كل واحد أربعون ذراعا وعرضه اثنتا عشرة ذراعا ثم طرح فيها [النفط] [[كذا في المخطوط.]] والحطب ثم عرضهم عليها فمن أبى قذفوه في النار، فبدأ برجل يقال له عمرو بن زيد فسأله ملكهم، فقال: من علمك هذا- يعني التوحيد- فأبى أن يخبره فأتى الملك الذي علمه التوحيد فقال: أيّها الملك أنا علمته، واسمه عبد الله بن شمر فقذفه في النار، ثم عرض على النار واحدا واحدا حتى إذا أراد أن يتبع بقيّة المؤمنين فصنع ملكهم صنما من ذهب ثم أمر على كل عشرة من المؤمنين رجلا يقول لهم إذا سمعتم صوت المزامير فاسجدوا للصنم فمن لم يسجد ألقوه في النار، فلما سمعت النصارى بذلك سجدوا للصنم، وأما المؤمنون فأبوا فخدّ لهم وألقاهم فيها [فارتفعت] [[في المخطوط: فارتفع.]] النار فوقهم اثني عشرة ذراعا. قال مقاتل: كانت [الأخاديد] [[في المخطوط: الأخدود.]] ثلاثة: واحدة بنجران باليمن، والاخرى بالشام، والاخرى بفارس، حرّقوا بالنار أمّا التي بالشام فهو أنطياخوس بن ميسر الرومي، أمّا التي بفارس فهو بخت نصر، وأما التي بأرض العرب فهو يوسف بن ذي نواس، فأما التي بفارس والشام فلم ينزل الله سبحانه فيهما قرآنا وأنزل في التي كانت بنجران، وذلك أن رجلين مسلمين ممّن يقرءون الإنجيل أحدهما بأرض تهامة والآخر بنجران اليمن فأجّر أحدهما نفسه في عمل يعمله وجعل يقرأ الإنجيل، فرأت بنت المستأجر النور يضيء في قراءة الإنجيل فذكرت ذلك لأبيها فرمقه حتى رآه، فسأله فلم يخبره فلم يزل به حتى أخبره بالدين والإسلام فتابعه هو وسبعة وثمانون إنسانا بين رجل وامرأة وهذا بعد ما رفع عيسى إلى السماء، فسمع ذلك يوسف بن ذي نواس بن شراحيل بن تبع بن اليسوح الحميري فخدّ لهم في الأرض فأوقد فيها فعرضهم على الكفر فمن أبى منهم أن يكفر قذفه في النار ومن رجع عن دين عيسى لم يقذف في النار، وإن امرأة جاءت ومعها ولد لها صغير لا يتكلم فلما قامت على شفير الخندق نظرت إلى ابنها فرجعت عن النار فضربت حتى تقدمت فلم تزل كذلك ثلاث مرات فلما كانت في الثالثة ذهبت ترجع فقال لها ابنها: يا أماه إني أرى أمامك نارا لا تطفأ فلما سمعت ابنها يقول ذلك قذفا جميعا أنفسهما في النار فجعلها الله وابنها في الجنة فقذف في النار في يوم واحد سبع وسبعون إنسانا. قال ابن عباس: من أبى أن يقع في النار ضرب بالسياط، فأدخلت أرواحهم في الجنة قبل أن تصل أجسامهم إلى النار، وذكر محمد بن إسحاق بن يسار، عن وهب بن منبّه: إنّ رجلا كان بقي على دين عيسى فوقع إلى نجران فدعاهم فأجابوه فسار إليه ذو نواس اليهودي بجنود من حمير وخيّرهم بين النار واليهودية فأبوا عليه فخدّ الأخاديد وأحرق اثني عشر ألفا، وقال الكلبي: كان أَصْحابُ الْأُخْدُودِ سبعين ألفا، قال وهب: لما علت أرباط على اليمن خرج ذو نواس هاربا فاقتحم البحر بفرسه فغرق وفيه يقول عمرو بن معدي كرب: أتوعدني كأنك ذو رعين ... بأنعم عيشه أو ذو نواس [[تفسير القرطبي: 19/ 292.]] وكائن كان قبلك من نعيم ... وملك ثابت في الناس راس قديم عهده من عهده عاد ... عظيم قاهر الجبروت قاس أزال الدّهر ملكهم فأضحى ... ينقّل في أناس من أناس قال الكلبي: وذو نواس هو الذي قتل عبد الله بن التامر وقد مضت القصّة في الحديث المرفوع إلى رسول الله ﷺ‎ ومما يزيده وضوحا ما روى عطاء عن ابن عباس إنّه قال: كان بنجران ملك من ملوك حمير يقال له يوسف ذو نواس بن شراحبيل بن شراحيل في الفترة قبل مولد النبي ﷺ‎ بتسعين سنة. عبد الله بن يوسف قال: حدّثنا عمر بن محمد بن بحير قال: حدّثنا عبد الحميد بن حميد الكشي، عن الحسن بن موسى قال: حدّثنا يعقوب بن عبد الله القمي قال: حدّثنا جعفر بن أبي المغيرة عن ابن [ابزي] قال: لما هزم المسلمون أهل أسفندهان انصرفوا فجاءهم- يعني عمر- فاجتمعوا، فقالوا: أي شيء تجري على المجوس من الأحكام فأنهم ليسوا بأهل كتاب وليسوا من مشركي العرب، فقال: علي بن أبي طالب: بل هم أهل الكتاب وكانوا متمسكين بكتابهم وكانت الخمر قد أحلّت لهم فتناولها ملك من ملوكهم فغلبته على عقله فتناول أخته فوقع عليها فلما ذهب عنه السكر ندم وقال لها: ويحك ما هذا الذي أتيت وما المخرج منه؟. قالت: المخرج منه أن تخطب الناس، فتقول: يا أيّها الناس إنّ الله أحل نكاح الأخوات فإذا ذهب [هذا] [[في المخطوط: ذا.]] في الناس وتناسوه خطبتهم فحرمته، فقام خطيبا، فقال: يا أيّها الناس إنّ الله أحلّ نكاح الأخوات فقال الناس جماعتهم: معاذ الله أن نؤمن بهذا أو نقرّ به ما جاءنا به نبي ولا أنزل علينا في كتاب فرجع إلى صاحبته فقال: ويحك إنّ الناس قد أبوا عليّ قالت: إذا أبّوا عليك فأبسط فيهم السوط قال: فبسط فيهم السوط، فأبى الناس أن يقرّوا فرجع إليها فقال: قد بسطت فيهم السوط فأبوا أن يقرّوا قالت: فجرّد فيهم السيف، قال: فجرّد فيهم السيف فأبوا أن يقرّوا، وقال لها: ويحك إنّ الناس قد أبوا أن يقرّوا، قالت: خدّ لهم أخدودا ثم أوقد فيها النيران ثم اعرض عليها أهل مملكتك فمن تابعك فخلّ عنه ومن أبى فأقذفه في النار، فخدّ لهم أخدودا فأوقد فيها النيران وعرض أهل مملكته على ذلك فمن أبى قذف في النار ومن أجاب خلّى سبيله، فأنزل سبحانه فيهم: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ إلى قوله: عَذابُ الْحَرِيقِ [[تفسير الطبري بتفاوت بسيط: 30/ 166.]] . وقال الضحاك: أَصْحابُ الْأُخْدُودِ من بني إسرائيل أخذوا رجالا ونساء فخدّ لهم أخدودا ثم أوقد فيها النيران فأقاموا المؤمنين عليها، فقال تكفرون أو نقذفكم في النار، ويزعمون أنه دانيال وأصحابه، وهذه رواية العوفي عن ابن عباس. وأخبرنا عبد الله بن حامد قال: حدّثنا محمد بن عبد الله بن يوسف، قال: حدّثنا عمر بن محمد بن بحير، قال: حدّثنا عبد بن حميد، عن يونس، عن شيبان عن قتادة في قوله سبحانه: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ قال: حدّثنا أنّ علي بن أبي طالب كان يقول: هم أناس كانوا بمدراع اليمن اقتتل مؤمنوهم وكفارهم فظهر مؤمنوهم على كفارهم ثم اقتتلوا الثانية فظهر مؤمنوهم على كفارهم ثم أخذ بعضهم على بعض عهودا ومواثيق لا يغدر بعضهم ببعض، فغدر بهم كفارهم فأخذوهم ثمّ أنّ رجلا من المؤمنين قال لهم: هل لكم إلى [خير] توقدون نارا ثم تعرضوننا عليه، فمن تابعكم على دينكم فذلك الذي تشتهون ومن لا اقتحم النار فاسترحتم منه قال: فأججوا نارا وعرضوهم عليها فجعلوا يقتحمونها حتى بقيت عجوز فكأنها تلكأت، فقال لها طفل في حجرها: أمضي ولا تنافقي [[في المصدر: ولا تقاعسي.]] فقص الله عليهم نبأهم وحديثهم [[تفسير الدر المنثور: 6/ 332، وتفسير القرطبي: 19/ 289.]] . وأخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أبو محمد المزني قال: حدّثنا مطين قال: حدّثنا عثمان قال: حدّثنا معاوية بن هشام، عن شريك عن جابر عن أبي طفيل، عن علي قال: كان أَصْحابُ الْأُخْدُودِ نبيهم حبشي، قال علي: بعث نبي من الحبشة إلى قومه، ثم قرأ عليّ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ [[سورة غافر: 78.]] ، فدعاهم النبي فتابعه أناس فقاتلهم فقتل أصحابه وأخذ فأوثق فأفلت منهم، فخدّ أخدودا فملأها نارا فمن تبع النبي رمي فيها ومن تابعهم تركوه فجاءوا بامرأة معها صبي رضيع فجزعت فقال: يا أماه مرّي ولا تنافقي [[المصدر السابق وفيه: امضي ولا تجرعي.]] . وبه عن مطين قال: حدّثنا أبو موسى وقال: وكان في بلاده غلام يقال له عبد الله بن تامر وكان أبوه سلّمه إلى معلم يعلّمه السحر فكره الغلام ذلك ولم يجد بدّا من طاعة أبيه فجعل يختلف إلى المعلم، وكان في طريقه راهب حسن القراءة حسن الصوت فأعجبه ذلك وكان يأتي المعلم آخر الغلمان ويضربه المعلم ويقول: من الذي حبسك وإذا انقلب إلى أبيه دخل على الراهب فضربه أبوه ويقول: لما أبطأت، فشكى الغلام ذلك إلى الراهب فقال له الراهب: إذا أتيت المعلم فقل حبسني أبي وإذا أتيت أباك فقل: حبسني المعلم، وكان في تلك البلاد حيّة عظيمة قطعت الطريق على الناس فمر بها الغلام فرماها فقتلها فأحس الراهب بذلك فازداد به عجبا وقال أنت قتلتها قال: نعم قال: إنّ لك لشأنا، وكان للملك ابن مكفوف البصر، فسمع بالغلام وقتله الحية فجاءه مع قائد فقال: أنت قتلت الحيّة؟ قال: لا، قال: ومن قتلها؟ قال: الله، قال: من الله؟ قال: ربّ السموات والأرض وما بينهما وربّ الشمس والقمر والليل والنهار والدنيا والآخرة، قال: فان كنت صادقا فادع ربّك حتى يرد عليّ بصري، قال: الغلام أرأيت إن ردّ الله سبحانه عليك بصرك أتؤمن به؟ قال: نعم، قال: اللهم إن كان صادقا فاردد عليه بصره، فردّ الله تعالى عليه بصره فرجع إلى منزله بلا قائد، ثم دخل على الملك فلما رآه تعجب منه فقال: من صنع هذا، قال: الله، قال: ومن الله؟ قال: ربّ السموات والأرض وما بينهما وربّ المشرق والمغرب وربّ الشمس والقمر والليل والنهار والدنيا والآخرة، فقال له الملك: أخبرني من علّمك هذا، ودلّه على الغلام فدعاه فكلّمه فإذا غلام عاقل، فسأله عن دينه فأخبره بالإسلام ومن آمن معه، فهمّ الملك بقتلهم مخافة أن يبدل دينه فأرسل بهم إلى ذروة جبل وقال: ألقوهم من رأس الجبل، فذهبوا بالغلام إلى أطول جبل فدعا الغلام ربّه فأهلكهم الله سبحانه، فغاظ الملك ذلك، ثم أرسل معهم رجالا إلى البحر فقال: غرّقوهم فدعا الغلام ربّه فأغرقهم ونجا هو وأصحابه، فدخل على الملك فقال: ما فعل أصحابك الذين أرسلتهم معك؟ فقال: أهلكهم الله ونجّاني فقال: اقتلوه بالسيف فنبا السيف عنه، وفشا خبره بأرض اليمن وعرفه الناس فعظّموه وعلموا إنه وأصحابه على الحق فقال الغلام للملك: إنّك لا تقدر على قتلي إلّا أن تفعل ما أقول، قال: فكيف أقتلك، قال: تجمع أهل مملكتك وأنت على سريرك فترميني بسهم باسم إلهي، ففعل الملك ذلك ثم رماه باسم إله الغلام فأصابه فقتله، فقال الناس: لا إله إلّا إله عبد الله بن ثامر ولا دين إلّا دينه، فغضب الملك وأغلق الباب وأخذ أفواه السكك وخدّ أخدودا وملأه نارا ثم عرضهم رجلا رجلا فمن رجع عن الإسلام تركه ومن قال ديني دين عبد الله ألقاه في الأخدود فأحرقه، وكان في مملكته امرأة أسلمت فيمن أسلم ولها أولاد ثلاثة أحدهم رضيع، فقال لها الملك: ارجعي عن دينك وإلّا ألقيك في النار وأولادك معك، فأبت فأخذ ابنها الأكبر فألقاه في النار ثم قال لها: ارجعي إلى دينك فأبت فألقى الثاني في النار ثم قال لها: ارجعي عن دينك فأبت فأخذوا الصبي منها ليلقوه في النار فهمّت المرأة بالرجوع فقال الصبي: يا أماه لا ترجعي عن الإسلام فأنك على الحق ولا بأس عليك فألقي الصبي في النار وألقيت أمه على أثره فذلك قوله سبحانه قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ [[بتفاوت في تفسير القرطبي: 19/ 289.]] . وقال الضحاك: أحرق بخت نصر قوما من المسلمين. والأخدود: الحفرة والشق المستطيل في الأرض كالنهر وجمعه أخاديد وهو أفعول من الخد يقال خددت في الأرض خدّا أي شققت وحفرت. النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ قراءة العامة بفتح الواو وهو الخطب، وقرأ أبو رجاء العطاردي بضم الواو على المصدر وقراءة العامة النَّارِ ذاتِ بالكسر فهما على نعت الْأُخْدُودِ، وقرأ أشهب العقيلي بالرفع فيهما على معنى أحرقتهم النَّارُ ذاتُ الْوَقُودِ. قال الربيع بن أنس: كان أَصْحابُ الْأُخْدُودِ قوما مؤمنين اعتزلوا الناس في الفترة، وأن جبّارا من عبدة الأوثان أرسل إليهم فعرض عليهم الدخول في دينه فأبوا فخدّ أخدودا وأوقد فيه نارا ثم خيّرهم بين الدخول في دينه وبين إلقائهم في النار فاختاروا إلقاءهم في النار على الرجوع عن دينهم فألقوا في النار، فنجّى الله المؤمنين الذين ألقوا في النار بأن قبض أرواحهم قبل أن تمسّهم النار وخرجت النار إلى من على شفير الأخدود من الكفار فأحرقتهم. إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ: حضور، وقال مقاتل: يعني يشهدون إنّ المؤمنين حين تركوا عبادة الصنم وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ: أي وما علموا فيهم عيبا ولا وجدوا لهم جرما ولا رأوا منهم سوءا. إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا: يعني إلّا لأن ومن أجل أن آمنوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا: عذّبوا وأحرقوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ نظيره قوله سبحانه وتعالى: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ [[سورة الذاريات: 13.]] ، ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ في الآخرة وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ في الدنيا وذلك إنّ الله سبحانه أحرقهم بتلك النار التي أحرقوا بها المؤمنين، هذا قول ربيع وأصحابه، وقال الآخرون: هما واحد. أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا علي بن محمد بن لؤلؤ الوراق قال: حدّثنا أبو عبيد محمد ابن أحمد بن المؤمل الصيرفي قال: حدّثنا أبو جعفر محمد بن جعفر الأحول المعروف باللقوق قال: حدّثنا منصور بن عمّار قال: حدّثنا سعيد بن أبي توبة عن عبد الرحمن بن الجهم يبلغ به حذيفة بن اليمان قال: أسرّ إليّ رسول الله ﷺ‎ حديثا في النار فقال: «يا حذيفة إن في جهنم لسباعا من نار وكلابا من نار وكلاليب من نار وسيوفا من نار وأنه يبعث ملائكة يعلّقون أهل النار بتلك الكلاليب بإحناكهم ويقطعونهم بتلك السيوف عضوا عضوا ويلقونها إلى تلك الكلاب والسباع كلما قطعوا عضوا عاد مكانه عضوا جديد» [123] [[الدر المنثور: 2/ 174.]] . إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ واختلف العلماء في جواب القسم فقال بعضهم: جوابه قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ وفيه إضمار يعني لقد قتل، وقيل: فيه تقديم وتأخير تقديره: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ. وقال قتادة: جوابه قوله: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ أي أخذه بالعذاب والانتقام. إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ: يعني الخلق عن أكثر العلماء، وروى عطية العوفي عن ابن عباس: يُبْدِئُ العذاب في الدنيا للكفار ثم يُعِيدُ عليهم العذاب في الآخرة. وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ: قال ابن عباس: التودد إلى أوليائه بالمغفرة. علي عنه: الحبيب، مجاهد: الواد، ابن زيد: الرحيم، وقيل: بمعنى المودود كالحلوب والركوب، وقيل: معناه يغفر ويودّ أن يغفر. ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ: السرير العظيم وقال: ابن عباس وقتادة: الكريم، واختلف القرّاء فيه فقرأ يحيى وحمزة والكسائي وخلف بجر الدال على نعت العرش. غيرهم بالرفع على صفة الغفور. فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ، هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ، خبر الجموع الهالكة ثم بين من هم فقال: فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا، من قومك يا محمد. فِي تَكْذِيبٍ: [واستجاب للتعذيب] [[كذا في المخطوط.]] كدأب من قبلهم، وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ عالم بهم لا يخفى عليه شيء من أحوالهم بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ كريم شريف كثير الخير وليس كما زعم المشركون، وقال عبد العزيز بن يحيى: مجيد يعني غير مخلوق، وقرأ ابن السميقع: بَلْ هُوَ قُرْآنُ مَجِيدٍ بالإضافة، أي قرآن ربّ مجيد. فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ. قرأ يحيى بن يعمر: فِي لُوحٍ بضم اللام، أي إنّه بلوح وهو ذو نور وعلو وشرف. وقرأ الآخرون: بفتح اللام لَوْحٍ مَحْفُوظٍ. قرأ نافع وابن مخيضر: بضم الظاء على نعت القرآن، وقرأ الباقون: بالكسر على نعت اللوح. أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا مخلد قال: حدّثنا ابن خلويه قال: حدّثنا إسماعيل قال: حدّثنا إسحاق بن بشر، قال: أخبرني مقاتل وابن جريج عن مجاهد عن ابن عباس قال: إن في صدر اللوح لا إله إلّا الله وحده، ودينه الإسلام ومحمد عبده ورسوله، فمن آمن بالله عزّ وجل وصدق بوعده واتبع رسله أدخله الجنة. قال: فاللوح لوح من درة بيضاء طويلة طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق إلى المغرب، وحافتاه الدر والياقوت، ودفتاه ياقوتة حمراء، وقلمه نور، وكلامه بر معقود بالعرش، وأصله في حجر ملك يقال له ماطريون محفوظ من الشياطين، فذلك قوله بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ لله عزّ وجل فيه في كلّ يوم ثلاث مائة وستون لحظة يحيي ويميت ويعزّ ويذل ويَفْعَلُ ما يَشاءُ. أخبرني عقيل إنّ المعافي أخبرهم عن محمد بن جرير قال: حدّثنا عمرو بن علي قال: سمعت قرّة بن سليمان قال: حدّثنا حرب بن سريح قال: حدّثنا عبد العزيز بن صهّيب عن أنس بن مالك: في قوله هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ. قال: إن اللوح المحفوظ الذي ذكره الله في جبهة إسرافيل. وقال مقاتل: اللوح المحفوظ عن يمين العرش.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب