الباحث القرآني

أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ [أي أهل سقاية] . عن معاوية بن سلام عن زيد ابن أبي سلام عن النعمان بن بشير، قال: كنت عند منبر رسول الله ﷺ‎ فقال رجل: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد سقي الحاج، قال الآخر: لا أبالي أن لا أعمل عملا بعد أن أعمر المسجد الحرام، وقال الآخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله وهو يوم الجمعة، ولكن إذا صليت دخلت واستفتيت رسول الله فيما اختلفتم فيه فقال: فأنزل الله أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى قوله الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. قال: قال العباس بن عبد المطلب: لئن كنتم سبقتمونا بالهجرة والجهاد لقد كنا نعمر المسجد ونسقي الحاج، فأنزل الله تعالى هذه الآية، يعني: إن ذلك كان في الشرك ولا أقبل ما كان في الشرك. عطية العوفي قال: إن المشركين قالوا: إعمار بيت الله والقيام على السقاية خير ممّن آمن وجاهد، وكانوا يفتخرون بالحرم من أجل أنهم أهله وعمّاره، فأنزل الله هذه الآية وأخبرهم أن عمارتهم المسجد الحرام وقيامهم على السقاية لا تنفعهم عند الله مع الشرك، وأن الإيمان بالله والجهاد مع نبيّه خير مما هم عليه. الحسن والشعبي ومحمد بن كعب القرضي: نزلت في علي بن أبي طالب كرم الله وجهه والعباس بن عبد المطلب وطلحة بن شيبة، وذلك أنهم افتخروا فقال طلحة: إنّ البيت بيدي مفاتيحه ولو أشاء بتّ فيه، وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها ولو أشاء بتّ في المسجد، وقال علي رضي الله عنه: لا أدري ما تقولون لقد صلّيت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد، فأنزل الله تعالى هذه الآية [[تفسير الطبري: 10/ 124، وزاد المسير: 3/ 279.]] . وقال ابن سيرين ومرّة الهمداني عن ابن عباس أن عليا قال للعباس: ألا تهاجر وتلحق بالنبي؟ فقال: ألست في أفضل من الهجرة؟ ألست أسقي حاج بيت الله واعمر المسجد الحرام؟ فنزلت هذه [[زاد المسير: 3/ 279.]] الآية. وعند ما أمروا بالهجرة قال العباس: أنا أسقي الحاج، وقال طلحة أخو بني عبد الدار: وأنا صاحب الكعبة فلا نهاجر. والسقاية مصدر كالرعاية والحماية، قال الضحّاك: السقاية بضم السين وهي لغة. وفي معنى الآية وجهان أحدهما أن يجعل الكلام مختصرا تقديره: أجعلتم سقاية وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله وجهاد من جاهد في سبيل الله، وهذا كما تقول: السخاء حاتم، والشعر زهير وقال الشاعر: لعمرك ما الفتيان أن تنبت اللحى ... ولكنما الفتيان كل فتى ندي [[مغني اللبيب: 2/ 691.]] والوجه الآخر أن يجعل العمارة والسقاية بمعنى العامر والساقي تقديره: أجعلتم ساقي الحاج وعامر المسجد الحرام كقوله هُدىً لِلْمُتَّقِينَ، يدلّ عليه قراءة عبد الله بن الزبير وأبي وجزة السعدي: أجعلتم سقّاء الحاج وعمّار المسجد الحرام على جمع الساقي والعامر لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ قال الحسن: لما نزلت هذه الآية قال العباس: ما أراني إلا تارك سقايتنا، فقال رسول الله ﷺ‎: أقيموا على سقايتكم فإن لكم فيها خيرا. وقال الحسن: وكانت السقاية نبيذ زبيب. الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ من الذين افتخروا بعمارة المسجد الحرام وسقاية الحاج وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ الناجون من النار يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ دائم خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ قال مجاهد: هذه الآية متصلة بما قبلها منزلة في قصة العباس وعلي قبل الهجرة، قال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: لما أمر الله عزّ وجل المؤمنين بالهجرة وكانت قبل فتح مكة، من آمن ولم يكتمل إيمانه إلّا بمجانبة الآباء والأقرباء إن كانوا كفارا، فقال المسلمون: يا نبي الله إن نحن اعتزلنا من خالفنا في الدين قطعنا أباءنا وعشائرنا وذهبت تجارتنا وخربت دارنا، فأنزل الله هذه الآية. الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، قال: لمّا أمر رسول الله ﷺ‎ الناس بالهجرة إلى المدينة جعل الرجل يقول لابنه وأخيه وامرأته وقرابته: إنّا قد أمرنا بالهجرة إلى المدينة فاخرجوا معنا إليها فمنهم من يعجبه ذلك ويسارع إليه، ومنهم من أبى على صاحبه [وتعلق به] فيقول الرجل لهم: والله لئن ضمني وإياكم دار الهجرة فلا أنفعكم بشيء أبدا ولا أعطيكم ولا أنفق عليكم، ومنهم من تتعلق به زوجته وعياله وولده ويقولون: أنشدك الله أن تضيعنا فيرق [قلبه] فيجلس ويدع الهجرة، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقال مقاتل: نزلت في التسعة الذين ارتدّوا عن الإسلام فنهى الله عز وجل عن ولايتهم [[الأقوال كلها في زاد المسير: 3/ 380.]] فأنزل الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ بطانة وأصدقاء فتفشون إليهم أسراركم، ومن المقام بين أظهرهم على الهجرة إلى دار الإسلام. إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فهم في صورة الإسلام وأهله و [في] المكث معهم على الهجرة والجهاد فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ العاصون الواضعون [.....] [[كلمة غير مقروءة في المخطوط.]] في غير موضعها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب