الباحث القرآني

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ بالسيف والقتال وَالْمُنافِقِينَ. اختلفوا في صفة جهاد المنافقين، قال ابن مسعود: بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فإن لم يستطع فاكفهر [[اكفهر: عبس.]] في وجهه. قال ابن عباس: باللسان وشدة الزجر بتغليظ الكلام، قال الحسن وقتادة: بإقامة الحدود عليهم، ثم قال وَمَأْواهُمْ في الآخرة جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ قال [ابن مسعود وابن عباس] وهذه الآية نسخت كل شيء من العفو [والصلح] والصفح. يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا قال ابن عباس: كان رسول الله ﷺ‎ جالسا في ظل شجرة فقال: إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان، إذا جاء فلا تكلّموه، فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق فدعاه رسول الله ﷺ‎ فقال: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فانطلق الرجل فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا، فأنزل الله تعالى هذه الآية [[تفسير الطبري: 10/ 237.]] . وقال الضحاك: خرج المنافقون مع رسول الله ﷺ‎ إلى تبوك، وكانوا إذا خلا بعضهم ببعض سبّوا رسول الله ﷺ‎ وأصحابه وطعنوا في الدين، فنقل ما قالوا حذيفة إلى رسول الله ﷺ‎ فقال النبي: «يا أهل النفاق ما هذا الذي بلغني عنكم؟» [31] فحلفوا لرسول الله ﷺ‎ ما قالوا بشيء من ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية إكذابا لهم [[أسباب النزول للواحدي: 169.]] . وقال الكلبي: نزلت في الجلاس بن سويد بن الصامت [لأنّ] رسول الله ﷺ‎ خطب ذات يوم بتبوك وذكر المنافقين فسمّاهم رجسا وعابهم، فقال الجلاس: والله إن كان محمد صادقا فيما يقول فنحن شر من الحمير فسمعه عامر بن قيس، فقال: أجل والله إن محمدا لصادق مصدق وأنتم شر من الحمير. فلما انصرف رسول الله ﷺ‎ إلى المدينة أتاه عامر بن قيس فأخبره بما قال الجلاس، فقال الجلّاس: كذب يا رسول الله عليّ، ما قلت شيئا من ذلك، فأمر رسول الله ﷺ‎ أن يحلفا عند المنبر بعد العصر، فحلف بالله الذي لا إله إلّا هو ما قاله، وإنه كذب عليّ عامر، ثم قام عامر فحلف بالله الذي لا إله إلّا هو لقد قاله وما كذبت عليه، ثم رفع عامر بيديه إلى السماء فقال: اللهم أنزل على نبيك الصادق منا المصدّق، فقال رسول الله ﷺ‎ والمؤمنون: آمين، فنزل جبرئيل على النبي ﷺ‎ قبل أن يتفرقا بهذه الآية حتى بلغ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ فقام الجلاس، فقال: يا رسول الله أسمع الله قد عرض عليّ التوبة، صدق عامر بن قيس في ذلك، لقد قلته وأنا أستغفر الله وأتوب إليه، فقبل رسول الله ﷺ‎ ذلك منه ثم تاب فحسن توبته. قال قتادة: ذكر لنا أن رجلين اقتتلا: رجلا من جهينة، ورجلا من غفار، وكانت جهينة حلفاء الأنصار، وظفر الغفاري على الجهيني، فنادى عبد الله بن أبي: أيّها الأوس انصروا أخاكم فو الله ما مثلنا ومثل محمد إلّا كما قال القائل: سمّن كلبك يأكلك. ثم قال: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، فسعى بها رجل من المسلمين إلى رسول الله ﷺ‎ فأرسل ﷺ‎ إليه، فجعل يحلف بالله ما قال، فأنزل الله عز وجل: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ. قال مجاهد: هم المنافقون بنقل المؤمن الذي يقول لنحن شر من الحمير لكي لا يفشيه عليه. قال السدي: قالوا إذا قدمنا المدينة عقدنا على رأس عبد الله بن أبي تاجا يباهي به [...........] [[كلمة غير مقروءة.]] إليه. وقال الكلبي: هم خمسة عشر رجلا منهم عبد الله بن أبي، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وطعمة بن أبيرق والجلاس بن سويد وعامر بن النعمان وأبو الأحوص، همّوا بقتل النبي ﷺ‎ في غزوة تبوك فأخبر جبرائيل بذلك رسول الله ﷺ‎، وقيل: إنهم من قريش هموا في قتل النبي ﷺ‎ فمنعه الله عز وجل. جابر عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه في هذه الآية قال: همّ رجل من قريش يقال له الأسود بقتل رسول الله ﷺ‎ وَما نَقَمُوا منه، ما أنكروا منه ولا [ينقمون] إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ [ويقال: إنّ القتيل] مولى الجلاس قتل، فأمر رسول الله ﷺ‎ بديته اثني عشر ألفا فاستغنى ، وقال الكلبي: كانوا قبل قدوم النبي ﷺ‎ في ضنك من عيشهم، لا يركبون الخيل ولا يحوزون الغنيمة، فلمّا قدم النبي ﷺ‎ استغنوا بالغنائم ، وهذا مثل مشهور: اتّق شر من أحسنت إليه. ثم قال الله عز وجل فَإِنْ يَتُوبُوا من نفاقهم وكفرهم يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يعرضوا عن الإيمان يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا بالقتل والخزي وَالْآخِرَةِ بالنار وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب